محمد الخامري من صنعاء : استعرض الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي في كتاب quot;العصبية القبلية من منظور إسلاميquot; الذي صدر مؤخراً مظاهر العصبية القبلية في العصر الحاضر معتمداً على تجربتين حاضرتين واقعاً معاشاً هذه الأيام في كلٍ من اليمن ونجد.
واستعرض الدكتور الجريسي في حديثه عن الطبقية في اليمن أمثلة واقعية لتقسيم المجتمع اليمني إلى طبقات عدة كطبقة السادة والمشايخ والقبائل والضعفة والمساكين وغيرها، موضحاً أبرز مظاهر التعصب الموجودة كالاحتقار للآخرين ومنع التزاوج بين الطبقات المرتفعة والطبقات المتدنية، فضلا عن إلزام بعض الطبقات بالتزام عادات معينة في الزي واللباس تخالف طريقة الطبقات العليا حتى يستطيع الناس التمييز بينهم بمجرد النظر إليهم.
كما قام المؤلف بعمل استبانة عن بعض الأعراف الاجتماعية المنتشرة في اليمن والتي كان أبرزها الطعن في الأنساب والتفاخر بالأحساب وتقسيم الناس تقسيما طبقيا باعتبار أصولهم ونسبهم.
ثم انتقل إلى الحديث عن مظاهر الطبقية في نجد حيث يقسم الناس فيها إلى طبقات ثلاث : هي القبليون والحضريون والموالي وقد اعتنى بتعريف كل طبقة من تلك الطبقات كما تحدث باستفاضة عن أسباب جهل بعض الأسر والعائلات في نجد بأصولها ومن تلك الأسباب النسيان والجهل، والخوف من الانتساب أحيانا، وامتهان بعض الحرف والمهن المتدنية، والهجرة إلى خارج الجزيرة.
ومن أبرز مظاهر العصبية القبلية التي تحدث عنها الباحث الجريسي عدم التكافؤ في الزواج واعتبار النسب أصلا في اختيار الزوج ولم يقف الأمر عند اعتبار الكفاءة في النسب شرطا في النكاح بل وصل الحال إلى التشدد في ذلك والإنكار على من يخرج عنه والمبالغة في اعتبار هذا الأمر.
ويؤكد الجريسي على أهمية تهذيب النظام الاجتماعي بقوة النص الشرعي القادر على ممارسة دور فاعل في تهيئة المجتمع لتقبل الظرف الاجتماعي المتسق مع إنسانيته والمتواكب مع أخلاقياته الفطرية حيث يتضح ذلك بجلاء في استناده الكبير إلى الدليل القرآني والأحاديث النبوية وتطعيم جميع صفحات الكتاب بها والتي ربما يدل عليها عدد الاستشهادات التي بلغت42 آية قرآنية و79 حديثا نبويا بالإضافة إلى 18 فتوى شرعية و142 مرجعا ومصدرا علميا شرعيا وفكريا وثقافيا حديثا وقديما.
واختتم الباحث مؤلفه عن مظاهر العصبية القبلية الموجودة بالحديث عن المحسوبيات والمحاباة وهو أن يحابي الفرد ذويه وجماعته ويحامي عنهم ويشفع لهم بحق وبغير حق حتى لو لم يكونوا أهلا لذلك ، مورداً كيفية معالجة الإسلام لموضوع العصبية القبلية ، مشيراً إلى أن الإسلام غرس في نفوس أتباعه المبادئ السامية التي تقوم على أساس الولاء لله تعالى والتقدير والإجلال باعتبار العمل الصالح والأخلاق الحميدة ونشر قيم الأخوة الإيمانية والتواضع والمساواة ونبذ رباط العصبية والطبقية والكبر والتفاخر كما في قوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة).