في بادرة كريمة لمسؤول عربي، خصص الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لقاء خاصا مع عدد من الإعلاميين لاتاحة المجال لطرح استفساراتهم والرد على أسئلتهم فيما يتعلق بشخصه والحملة المغرضة التي تتعرض لها دبي والأحوال الاقتصادية في دولة الإمارات عامة ودبي خاصة ورؤية سموه وحكومة الإمارات للاستراتيجية المستقبلية لتجاوز ما يسمى بالأزمة المالية العالمية، وكان لنا فرصة سعيدة وكبيرة أن نحظى بأجوبة سموه على اسئلة laquo;الرياضraquo; بهذا الحوار التالي:

*: ما تعليق سموكم على الشائعات حول تعرض شخصكم إلى عارض صحي مؤخرا حسب ما سربت بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية؟

- الإشاعات التي طالتني هي جزء مما يشبه الحرب النفسية التي شنت على دبي خلال الأشهر الماضية. والإشاعات لم تستهدف يوماً الفاشلين والمتخلفين والهامشيين الذين لا ظل لهم ولا مدى. وأنا شخصياً لا أعير الإشاعات اهتماماً لأن حبلها قصير. وحين يكتشف الناس الحقائق يزداد احترامهم وتقديرهم لك، وتسمو عاطفتهم نحوك، ويصغر في أعينهم مطلقو الإشاعات ومروجوها الذين وصفهم ديننا الحنيف بأنهم فاسقون، وطلب من المؤمنين التيقن مما ينقل إليهم: quot;يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحون على ما فعلتم نادمينquot;.

أنا والحمد لله بخير، وصحتي في أحسن حال، ونفسي مطمئنة، وأمارس برنامجي اليومي كالمعتاد، وأيضاً أمارس هواياتي وبخاصة رياضة ركوب الخيل وسباقات القدرة. وفي الأشهر الأخيرة شاركت في أربعة سباقات قدرة في الإمارات وخارجها، وطول الواحد منها 120 كيلومتراً.

*: مع نهاية الربع الأول من عام 2009، ما هو تقييم سموكم للأداء الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في ظل الأزمة المالية، وما هي رؤاكم واستراتيجية حكومة الإمارات للنهوض بالاقتصاد الوطني، والخروج من نفق الأزمة أقوى مما كان عليه الوضع قبل الأزمة؟ وما هو ردكم على الشائعات المغرضة التي وصفت دبي ب (مدينة أشباح) وأن المدينة خلت من المستثمرين والسكان؟

- أداء اقتصادنا في الربع الأول من العام الجاري يؤكد أننا سلكنا طريق الخروج من نفق الأزمة، وأننا نسير في الاتجاه الصحيح.

وسيتعافى اقتصادنا في وقت أسرع من كافة الاقتصادات الأخرى، لكن سرعة التعافي لا تحددها فقط مقومات اقتصادنا القوي وإمكانياته الوفيرة، إنما أيضاً تطورات الاقتصاد العالمي وكفاءة إجراءات الإنعاش في دول الاقتصادات الكبرى التي تعرف اليوم بمجموعة العشرين، والبالغة مساهمتها في حركة التجارة العالمية بحوالي 90% من إجمالي التجارة العالمية، وناتجها المحلي الإجمالي حوالي 60% من إجمالي الناتج المحلي في العالم بأسره. وكذلك كفاءة الإجراءات الدولية المتعلقة بالرقابة على الأسواق وبدور واختصاصات وآليات عمل المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي. أنا متفائل بأن حسن تنفيذ قرارات قمة العشرين وقيام صندوق النقد الدولي بالأدوار المناطة به سيسرع من تعافي الاقتصاد العالمي.

*: منذ فترة شنت بعض الصحف الغربية تقارير مغرضة بحق دولة الإمارات، معتبرة أن حقوق الإنسان منقوصة في الإمارات فيما يخص العمالة الأجنبية، وعدم وجود انتخابات حرة في دولة الإمارات، ما رأيكم بهذه المزاعم المغرضة والمشوهة لصورة الإمارات، وما هو برأيكم سبب بث هذه السموم بين الفينة والأخرى؟

- لهم أن يكتبوا التقارير التي يريدون، وأن يعزفوا على الأوتار التي تطربهم. نحن لا نضيق بالنقد، ولا نخاف من الحملات. لديهم نماذجهم وتجاربهم وقيمهم ومعاييرهم ومرجعياتهم الفكرية والثقافية ولدينا نموذجنا وقيمنا ومعاييرنا ومرجعياتنا. نحن منفتحون على مجمل التجربة الإنسانية في كافة المجالات، ونتعلم منها، لكننا لن نكون يوماً من الذين يستوردون النماذج الجاهزة. نحن لا نرضى ذلك لأنفسنا، ومجتمعنا كذلك.

أما بالنسبة لأوضاع العمالة الأجنبية، فهذا موضوع قديم يعاد إنتاجه بين الحين والآخر. نعم أوضاع شرائح من العمالة الأجنبية ليست في الحال التي نقبلها ونتمناها، ونحن جادون في تحسين هذه الحال، وهي تسجل تحسناً سنة بعد أخرى.... منذ سنوات وأحاديثهم عن أوضاع العمالة الأجنبية لم تتوقف. وهي أحاديث متاحة للجميع وللدول المزودة للعمالة، وكلها لها سفارات في الدولة، فإذا كانت أوضاع العمالة بالصورة التي تطرحها بعض التقارير الأجنبية، فلماذا يسعى الملايين للقدوم إلى بلادنا للعمل؟ أحد أهم مسببات مشاكل العمال مصدرها الدول التي تترك لبعض مواطنيها فرص ابتزاز الراغبين بالعمل في الإمارات وغيرها من دول المنطقة.

كما قام سموه بالرد على أسئلة الإعلاميين الذين كان لهم فرصة المشاركة وطرح الأسئلة في هذا اللقاء الإعلامي الخاص، حيث أجاب سموه على سؤال حول الحملة التي تتعرض لها دبي في وسائل الإعلام الغربية بنفيه أن دبي لم ولن تكون فقاعة كما تصفها تلك الجهات، وعن مساعدة العاصمة الإماراتية أبوظبي لإمارة دبي أوضح أن الكثيرين لا يدركون حقائق الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة... وتابع أنا أرحب بهذا التفسير لأنه يؤكد عمق وتجذر الروابط بين إمارات الدولة، فضلاً عن أنه يؤكد قوة مصرفنا المركزي وثقته الكبيرة باقتصاد دبي.

نحن أصدرنا سندات بعشرين مليار دولار وطرحنا نصفها للاكتتاب، واكتتب المصرف المركزي بكامل المبلغ، وندفع عليها فائدة سنوية بنسبة 4%. وما طرحناه يلبي احتياجاتنا في هذه المرحلة، وعند الحاجة سنطرح الشق الثاني في حينه، وهو محل اهتمام جهات عديدة.

ونفى سمو الشيخ محمد بن راشد أن تكون أبوظبي تسعى لتملك بعض المشاريع في دبي وأن تشارك في بعضها الآخر قائلاً بين أبوظبي ودبي لا يوجد بيع وشراء... كل ما في دبي هو لأبوظبي ودبي وبقية الإمارات، وكل ما في أبوظبي هو لدبي وأبوظبي وبقية الإمارات.

وحول الأمن والاستقرار في إشارة إلى اغتيال مسؤول شيشاني سابق مؤخراً في دبي طمأن سموه المواطنين والسكان بقوله معدل الجرائم في دولة الإمارات هو من أقل المعدلات في العالم، ونعمل على أن تظل كذلك، ولا يغير من هذه الحقيقة سعة انتشار أخبار جريمة أو جريمتي قتل بسبب شهرة المغدورين فيهما.

وعن التركيبة السكانية في دولة الإمارات العربية المتحدة والتحديات التي تواجهها أكد سموه أن العمل جار على قدم وساق لتلافي الأخطار التي تهدد التركيبة السكانية والهوية الوطنية وقال بهذا الصدد بقى أبناؤنا وبناتنا وأجيالنا الجديدة مفتاح الحل الاستراتيجي لمسألة التركيبة.... من هنا، يظل تطوير التعليم وتنمية قدرات وإمكانيات الكادر الوطني الإماراتي في مقدمة اهتماماتنا، ونحن متفائلون بأجيالنا الشابة، ومعتزون بروح الانتماء الوطني التي تملأ جوارحهم، وبإدراكهم المتنامي لأهمية الاعتماد على الذات، والمشاركة بفعالية في بناء الوطن، وأنا أتابعهم وأنتظر منهم الكثير، وأدعوهم إلى مضاعفة الجهد والتحصيل المعرفي وتعزيز القدرات الذاتية في مختلف المجالات، ليكونوا باقة متميزة تتسابق عليها مؤسسات القطاعين العام والخاص.

وحول تأثير العملة الخليجية الموحدة على اقتصاد الإمارات أجاب سموه سيكون لها تأثير إيجابي على كل دول مجلس التعاون. العملة شأن اتحادي، وقد رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة وتحمست لمشروع العملة الخليجية الموحدة وأبدت استعدادها لاستضافة البنك المركزي الخليجي.

وفي نهاية اللقاء الالكتروني الأول لسموه عبر الإيميل زودنا بصوره وهو يقوم بالرد على أسئلتنا من وراء جهازه الشخصي، حيث عودنا سموه على كسر الحواجز الرسمية أثناء لقائه معنا سواء في منزله أو مؤتمراته الصحفية أو حتى عبر موقعه الشخصي.

وquot;الرياضquot; تتقدم إلى سموه الكريم بالشكر الجزيل وتتمنى له موفور الصحة والعافية وأن يكون دائماً محفزاً لعملنا ودافعاً لمهمة مهنة المتاعب التي كلما أثقلتنا خفف عنا وطأتها.