أحمد عبدالمنعم:من بين الدراسات العلمية الكثيرة التى تناولت مشكلة ارتفاع معدلات الطلاق فى المجتمع المصري تبرز دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حملت مفاجآت من العيار الثقيل، لعل أبرزها ارتفاع معدلات الطلاق بين حديثي الزواج - لم يمر على زواجهم أكثر من خمس سنوات - والذين نالوا نسبة 30 % من بين الزيجات التي انتهت بالفشل .
وإن كانت الدراسة لم تتعمق فى شرح أسباب الظاهرة الا أن أساتذة الاجتماع تباروا فيما بينهم فى تحليل الأسباب واستخلاص النتائج التى تركزت - من وجهة نظرهم - فى الصدمة التى يعانيها الزوجين بعد الانتقال من قائمة العزاب الى قائمة الأزواج خاصة بالنسبة للفتاة التى غالبا ما تكون بحاجة الى فترة من التدريب لاكسابها خبرة التعامل مع الزوج فى كافة الأمور ومنها ما يتعلق بالعلاقة الجنسية التى يبدأ وينتهي عندها الخلاف .
تلك التفسيرات دفعت المجلس القومي للمرأة في مصالى تبني مشروع اطلق عليه "مدرسة المقبلات علي الزواج" كوسيلة لتدريب الفتيات اللائي ينتظرن دخول عش الزوجية .وتم الاستعانة بعدد من علماء النفس والاجتماع اضافة الي الاطباء بالطبع.. وبالرغم من المجانية التى اتخذتها المدرسة شعاراً، الا أن تجاهل الفتيات لها كان لافتاً ربما لعدم استيعابهن فكرة المدرسة وربما استخفافاً بالفكرة نفسها .. وللحق لم يكن وراء احجام الفتيات عن الالتحاق بالمدرسة هذين السببين فقط فقد كان ضعف الدعاية للمشروع العامل الاول.
المجلس القومي للمرأة استوعب الدرس جيدا ،فقرر الوصول الي الجمهور المستهدف من المشروع في عقر داره.فتحولت المدرسة الى قوافل متنقلة، مركزة على القرى والاحياء الشعبية كونها تضم الفئة الاكثر حاجة الي زيادة الوعي الجنسي.
المدرسة هذه المرة اكتفت باصطحاب الاطباء الذين يمثلون عنصر اغراء في تلك المناطق البسيطة باعتبارها فرصة للحصول علي استشارات طبية بالمجان .. وهي الدعاية التي حرص علي ترويجها القائمون على التجربة لجذب اكبر عدد من الفتيات .
وتبدأ "الحملة " بقيام الاطباء بالكشف علي الفتيات الراغبات في ذلك علي ان يتحول الامر فيما بعد الي ما يشبه المحاضرة بمركز الشباب بالقرية او الحي المقصود.
الخجل الذي يسيطر علي الفتيات بات السيناريو البديهي والمتوقع في جميع المحاضرات خاصة وان اغلبهن من متوسطي التعليم او ممن لم ينلن اي قسط من التعليم ،وهي فئة تعتبر الحديث عن الجنس من المحرمات التي لا يجب الاقتراب منها الامر الذي يزيد من العبء علي الاطباء رغم الخبرة الطويلة التي اكتسبوها في التعامل في مثل هذه المواقف.. ولذلك فعادة ما يكتفي الطبيب بدور المتحدث لانه علي يقين من ان تلقي سؤالا ضربا من ضروب المستحيل.
الاستعانة بطبيبات ايضا لم ينجح في كسر حاجز الصمت المسيطر ،لذلك على المحاضر التركيزدائما على المعلومات الهامة التي يرغب في ايصالها في محاضرة واحدة لان تأجيل بعضها الي محاضرة ثانية لا يعتبر قرارا صائبا مع فتيات يصعب لدغهن من نفس الحجر مرتين.
استسلم الاطباء لموقف الفتيات السلبي ليتحول دورهم الي مجرد اداء واجب تم تكليفهم به ونسوا او تناسوا ان محو الامية الجنسية للفتيات ليس بهذه البساطة .
من جهته اختزل المجلس القومي للمرأة حل مشكلة ارتفاع معدلات الطلاق بين حديثي الزواج في محاضرات باهتة لا يمكن لها ان تنفذ داخل عقول فتيات قد يخجلن من الحديث عن ما دار بها بمجرد خروجهن من جدران القاعة.. والاغرب من ذلك ان مدرسة المقبلات علي الزواج تعاملت مع المشكلة وكأن المرأة هي المسؤول الأول عنها لتعلن براءة الرجال من تهمة فشل الحياة الزوجية والا فاين مدرسة المقبلين على الزواج؟!