خلال متابعتي لقناة BBC يوم الجمعة 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، لفت انتباهي تعليق مُحزن، وإن كان واقعياً، لصحفي لبناني تحدث حول الوضع في لبنان، واصفاً إياه بقوله: "لبنان ساعي بريد بين حزب الله وإيران وإسرائيل".

ومنه أستطيع القول إن الدول ككيانات لها استقلاليتها وحقوقها الشرعية التي يقرها العالم بكل تشريعاته وتنظيماته، ويفرضها على الجميع وفق قوانين واضحة، لكن بشرط أن تكون هذه الدول قادرة على فرض التشريعات والقوانين التي تضمن وجودها كدولة. بمعنى أوضح، دولة مثل لبنان هي ضحية صراعات سياسية طائفية داخلية.

هذه الصراعات أفقدت لبنان القرار السيادي الذي تتمتع به دول العالم. وحين تفقد الدولة قرارها، تصبح لقمة سائغة للقوى الداخلية، مما يسهل اختراقها من الخارج. وبالتالي، يصبح من الضروري الاعتماد على جهات خارجية لإعادة الأمور إلى طبيعتها.

المتابع للوضع سيرى أنَّ الحديث قد كثر عن احتمال تدخل الولايات المتحدة الأميركية، فهل تنوي فعلاً التدخل؟ أشك في ذلك، لتجارب سابقة كثيرة، ولأن الحلول الأخرى مطروحة، ولبنان يزخر بالقوى الوطنية الواعية.

وحتى لا يصبح دور الحكومة اللبنانية الحالي مجرد "ساعي بريد" بين حزب الله وإيران وإسرائيل، كما وصف الصحفي، ينبغي أن ينهض المجتمع السياسي في لبنان، وأن يجري تغليب المصالح الدستورية والتشريعية، والعمل على تشكيل حكومة تحظى بتوافق داخلي وخارجي، خصوصاً من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات. كما يجب تجهيز الجيش اللبناني لفرض الأمن والاستقرار، وتحجيم دور حزب الله، والقضاء على مصادر الفتن داخل الدولة.

لن يعود لبنان قوياً إلا بتضافر الجهود بين السياسيين. لكن حالة الخوف التي يعيشها كثير من السياسيين اللبنانيين تعيق أي خطوة إيجابية نحو مستقبل أفضل للبنان.