أحمد عبدالمنعم : المبنى رقم 117 شارع عبدالعزيز فهمي الكائن في أقصى شرق القاهرة كان على موعد مع حدث لم تشهده مصر منذ فجر التاريخ .. فالمبنى المكون من سبعة طوابق والذي خصص لتلقى طلبات الراغبين فى الترشيح لخوض انتخابات الرئاسة ،تحول خلال الأيام القليلة الماضية الى محط أنظار المصريين الحالمين برؤية من سينافس الرئيس بعد تعديل المادة 76 من الدستور لتسمح بوجود أكثر من مرشح فى انتخابات الرئاسة .
لم يذهب أحدهم بطموحه أكثر من رؤية ذلك الطموح الذى رأى نفسه جالسا على كرسي أرفع منصب فى بلد السبعين مليون نسمة ،فهم على يقين من أن نجاحهم فى تلك الانتخابات أمر غير مطروح , فقط يكفيهم شرف المحاولة .
منذ اليوم الأول لتلقى الطلبات عج المبنى بمئات الأشخاص ما بين انسان بسيط دفعه فضوله لمتابعة تلك اللحظات التاريخية عن قرب ومراسلون متحفزون لاجراء الأحاديث مع المرشحين .. الجميع فى حالة ترقب وانتظار لهؤلاء الأشخاص الذين ارتأى كل منهم في نفسه القدرة على انتشال أرض الكنانة من عثرتها .
هناك بعض الوجوه المعروفة مسبقا والذين ملأوا الصحف والقنوات الفضائية ضجيجا للاعلان عن ترشحهم لانتخابات الرئاسة لكن الاهتمام الآن منصب على مفاجآت الترشيح ، الكل بانتظار ذلك " المخلص " القادم فوق حصان أبيض ليملأ الدنيا عدلا بعد أن ملأت جورا .
لم يستغرق انتظارهم وقتا طويلا ، فسرعان ما تبددت أحلامهم لتخرج فى صورة ضحكات انطلقت للسخرية من افراطهم فى التفاؤل ، فالمخلص الذين ظلوا ينتظرونه لم ولن يأتي، فالمبنى المخصص لتلقى طلبات الترشيح لانتخابات الرئاسة كان أشبه بالمسرح الصيفى الذى يرفع شعار " الضحك للضحك!" .. فبعيدا عن الأسماء المعروف مسبقا نيتها خوض الانتخابات فوجئ الجميع بأناس يرغبون فى خوض الانتخابات دون أن يكون لهم علاقة – من قريب أو بعيد – بالسياسة . فهذا "سمكري" يتقدم بأوراق ترشيحه واعدا الناخبين باصلاح سياراتهم مجانا فى حال فوزه وذاك رجل سبعينى قادم من أقاصى الصعيد مستندا على عصا غليظة وقد غزا الشيب شعره طالبا قبول ترشيحه ليحقق حلم حياته بأن يحكم هذا البلد . وتلك فتاة لم تتجاوز ربيعها السادس والعشرين تصر على خوض الانتخابات – بعد أن حصلت على موافقة الأسرة – وترى في حل مشكلة العنوسة أقصر الطرق لحصد أصوات الناخبات . تحولت انتخابات الرئاسة الى مسرحية هزلية تثير الضحك أكثر مما تثير التفكير فى مستقبل أفضل لهذا البلد .. نجحوا فى تحقيق ما حلموا به وصوروا للجميع أنه ليس في الامكان أبدع مما كان .. جعلوا المصريين يترحمون على عصر الاستفتاءات حيث كانت الصورة أكثر وضوحا وأكثر صراحة بدلا من ذلك السيناريو الهابط لبطل أوحد وسط مجموعة من" الكومبارس " الذين تزيد أو تقل مساحة أدوارهم وفقا لذلك السيناريو المسبق والذى وضعه البطل الأوحد أيضا !