خاص إيلاف
أحمدعبدالمنعم : quot;يا نصر الله يا حبيب.. اضرب اضرب تل أبيبquot;. quot;نصر الله يا أبوالشهيد.. احنا بيحكمنا العبيدquot; .quot; فينكم فينكم يا شعوب.. حرقوا اخوانا في الجنوبquot;. quot; المجد والخلود لشهداء المقاومة والذل والعار لعملاء أميركا واسرائيلquot;.

من القاهرة الى استراليا، ومن البحرين الى الولايات المتحدة. من أقصى الجنوب الي أقصى الشمال انطلقت المظاهرات الشعبية المنددة بالاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والمطالبة بالوقف الفوري لاطلاق النار. تفاوتت درجة سخونة هذه المظاهرات من بلد لآخر وفقاً لمستوى الألم الذي يعتصر قلوب شعوبها أو ربما وفقاً لمستوى الخجل الذي تشعر به الشعوب من موقف حكامها.

في القاهرة ارتفعت درجة حرارة المظاهرات حتى وصلت الى درجة الغليان خلال الأيام القليلة الماضية بعد الموقف المتخاذل للحكومة المصرية من الحرب على لبنان.
انطلقت التظاهرات الغاضبة من المساجد والنقابات المهنية. اخترقت الشوارع والميادين وعرفت طريقها الى المحافظات المصرية من أقصاها الى أقصاها. رأى المصريون في المظاهرات أضعف الايمان للتضامن مع لبنان والتعبير عن السخط من الصمت الحكومي والدولي معاً. لم يقتصر المشاركون في التظاهرات على المثقفين والسياسيين ولكنها شملت ايضاً أناس عاديين. المصريون- على بساطتهم- أدركوا منذ الوهلة الأولى أن ما يحدث ليس مجرد رد فعل على أسر جنديين أو حتى مجرد رغبة في الانتقام واستعادة الهيبة المفقودة للدولة العبرية. المصريون يدركون أن ما يحدث قد خطط له سلفاً وكان فقط في انتظار الوقت المناسب لتنفيذه.

يتحدثون عن ذلك في المقاهي وفي الطرقات، في البيوت والأندية. أقلهم تعليماً وثقافة يمتلك موهبة ربانية في التفسير والتحليل يتفوق بها على خبراء عسكريين ومحللين سياسيين. فالحروب الأربعة التي خاضتها بلادهم ضد الدولة الصهيونية ساهمت بلا شك في جعلهم محللين بالفطرة، قد لا يجيدون القراءة والكتابة ولكنهم يجيدون قراءة المشهد السياسي جيداً.

لا يفهمون تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس حول ألم المخاض الذي يسبق ولادة الشرق الاوسط الجديد ولكنهم يتحدثون عن أن الحرب على لبنان مجرد خطوة في طريق حلم اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات.
لا يشكون في قدرة بلادهم على المواجهة والصمود أمام العدو الاسرائيلي ولكنهم محبطون من حالة اللامبالاة التي تعيشها الحكومة المصرية ومعها بقية الحكومات العربية.. فلبنان الذي يمثل الرصاصة الأخيرة في ذخيرة المقاومة العربية حالياً يحتاج الى أكثر من قرارات الشجب والإدانة. لبنان يطلب الدعم المعنوي والمادي لمساعدته علىالاستمرار في الصمود.

فنحن العرب لم نقدم سوىحزمة من القرارات ما بين شجب وإدانة وبينهما نداءات استغاثة للمجتمع الدولي بينما قدمت أميركا حليفتها ترسانة متطورة من الأسلحة كان آخرها مجموعة من القنابل الذكية القادرة على الوصول الى عشرات الأمتار في باطن الأرض ناهيك عن الدعم المعنوي الذي تقدمه من خلال الترويج لدى الرأي العام العالمي ان ما تقوم به اسرائيل هو حقها بالدفاع عن النفس .
جسدت الحرب على لبنان حقيقة ظل يرفضها العرب لسنوات وهي أنهم مجرد ظاهرة صوتية.. يتحدثون ولا يعملون.. ينتقدون ولا يقدمون على خطوة للتغيير.. يتعاطفون ولا يترجمون ذلك التعاطف الى واقع ملموس.. يتفقون على العدو ويختلفون في كيفية مواجهته.

حفظت التظاهرات ماء وجه الكثير من الشعوب ولكنها لم ولن تصلح ما أفسدته الحكومات.. فالتاريخ يمر مرور الكرام على المظاهرات ويقف بثبات أمام مواقف الدول والحكومات..

قد يذكر التاريخ أن المصريين تعاطفوا مع لبنان في الحرب الهمجية التي يتعرض لها وقد يذكر أيضا أنهم تظاهروا لنصرته ولكن ما سيسجله قطعاً سيكون الموقف المتخاذل للحكومة.. فالمظاهرات لن تصلح ما أفسدته الحكومات!!.

تصوير احمد عبد المنعم