رزق علي : يأتي رمضان هذا العام وقد عزم الشعب الفلسطيني على استقباله بكل ما لهم من عزيمة وقوة في ظل حالة التقلبات التي تعيشها بلادهم ، من تقطيع لاواصر الوطن واستمرار دولة الاحتلال في اغلاق كافة منافذ الحياة الفلسطينية وحجز الموارد ومقدرات الشعب الفلسطيني ، ليأتي رمضان هذا العام العام وقد افقده الاحتلال بريقه المعتاد مستخدما بذلك كافة الاساليب لقهر النفس الفلسطينية ومحاولة تغيبها عن الوجود.
.
وكأي بلد من عربي يستقبل اهل هذه البلدان الشهر الفضيل وقد استعدوا له على كافة الاصعدة ، بينما يحل على الفلسطينين وهم ما زالوا غارقين ن في هموهم ومشاكلهم اليومية .

فبعد سبعة شهور من انقطاع الرواتب عن الموظفين الفلسطينين وارتفاع مستوى البطالة، ابدى عدد كبير منهم نية جدية الى فتح الايادي والجيوب استعداد لاستقبال رمضان، ففي هذا الوقت من كل عام تكون اسواق غزة وضواحيها تعج بالبضائع الخاصة بالشهر الفضيل معلنة حالة من الرواج لهذه السلع ليكون شهر خير وبركة على الناس والتجار.

الا ان هذا العام فقد افتقد الى هذه الاسواق التي اغلقت ابوابها باكرا لعدم وجود الزبائن و بسبب ركود الحياة الاقتصادية .

وان كان شهر رمضان بشكل عام يترك اثره في نفوس العائلات الفلسطينية بشكل عام ، فان اثره الخاص ستجده وبقوة عند عائلات الاسرى والشهداء والمنكوبين
الذين أثروا التنحي جانبا على ناصية هذا الشهر يلملون جراحهم بعد فقدانهم لاولادهم الذين قتلوا خلال المواجهات مع الجيش الاسرائيلي .

موائد فقيرة


رمضان لكل شعوب امة الاسلام شهر خير وبركة ، تزخر الحياة في ظله بالبركات والخيرات التي تحل باهل امة الاسلام. أما شعب كالشعب الفلسطيني الذي يعرف بحياته المتوسطة فقد نالت منه قضية عدم صرف رواتب الموظفين الذين تتزايد ديونهم على الحكومة الفلسطينية يوما بعد بعد.

وان كانت العائلات الفلسطينية قد اشتهرت بالموائد الرمضانية العائلية نظرا لدوامها وزيادة اعدادها في ظل حالة الفقر العام فان مؤشرات هذا العام تشير الى انهم سوف يضعون هذا الموائد جانبا ويكتفون بكسرات من الخبز والماء اليسير.

لذا تسعى المؤسسات الخيرية التابعة للتنظيمات والفصائل الفلسطينية سد هذا النقص المفاجيء في نمط الحياة الفلسطينية .
حركة حماس التي تترأس الحكومة الفلسطينية اعتادت كل عام اقامة مثل هذه الموائد لمرتادي مساجد قطاع غزة . اكثر من عشرة ايام لكل مسجد خلال شهر رمضان. بينما سارت حركة الجهاد الاسلامي على نفس الطريق، فضلا عن مؤسسات القطاع الخاص التي ترعى مثل هذه الموائد ورجال الاعمال الفلسطينين في الداخل والخارج .

ويقبل الشباب الفلسطيني على ارتياد مثل هذه الموائد في الجامعات ومساجد قطاع غزة وفي المراكز الخاصة، وذلك نظرا لما تقدمه هذه الموائد من اكلة الشعب الأولىquot; الارز بلحم الدجاج quot; والتي يتناولها قلة بسبب الاوضاع القاسية .

دموع على مائدة الطعام


للعائلات الفلسطينية قصص مختلفة عن غيرها من العائلات ، فهي اما فقدت احد افرادها ، او فقدت الامل برؤية احد منهم ..في الوقت التي تعيش الخوف في امكانية حدوث امر مماثل للبقية ..كل يوم .أبو حسين العامودي فقد نجله محمود صاحب السبعة عشر ربيعا قبل ثلاثة اشهر اثناء مواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي.
ويقول ابو حسين quot; في اول ايام رمضان. نظرت الى مكان جلوس محمود ولم اجده في مكانه ما دفعني للبكاء حزنا على رحيلهquot; . مضيفاquot; لا زال مكانه فارغا حتى ان اخوانه لا يرغبون بالجلوس في مكانه حزنا عليه وتكريما لهquot;.
quot;.
حال ابو حسين الوالد المكلوم كحال عدد كبير من عائلات الاسرى التي غيب الاحتلال الاسرائيلي ابنائها في سجونه لسنوات عديدة ، فعائلة شريف زيادة الذي اعتقلته قوات الاحتلال الاسرائيلي بينما كان ينوي القيام بعملية عسكرية وما تزال عائلته الى الان تنتظر عودته الى مائدة الافطار لعله في يوم ما يطرق باب عودته بيديه.

رمضان الحزين

حفل رمضان الفائب بليالي السمر التي امتدت على اختلاف مساحة قطاع غزة حتى ساعات الفجر الاولى ، اما هذا العام فقد التزم الناس منازلهم ، وحتى الشباب الذي كان يحيي هذه السهرات اعتزلها لا لشيء سوى لضيق الحال التي حالت دون مواصلة نشاطاتهم ليسجل رمضان هذا العام نفسه في سجل معاناة الشعب الفلسطيني الطويلة.

[email protected]