استغاثة للضمائر النائمة

مفهوم ان تبكي حبيبا فارقك او يكاد! وطبيعي ان تنعى صديقا لم تلحق حتى ان تواريه بحفنة من تراب لا سيما اذا كان تراب الوطن البعيد. ولكن ان تبكي رفيقا وصديقا وواحدا من اعلام الثقافة العراقية , وانت عاجز ان تنتشله من فراش الموت, فهذه مصيبة لا تحل الا بالعراقيين وحدهم ولا سيما المثقفين الذين تلاحقهم لعنة جلجامش وحمورابي وانانا وعشتار وتموز العظيم. لان تراث ملوكنا القدامى وآلهتنا الغابرين, اصبح لعبة تباع وتشترى في سوق النخاسة.
البوفيسور عبد الاله الصائغ على فراش الوحدة والمرض العضال.
لا اطيل الكلام وكيف يحكي من كان فمه مليئ بالدم؟! افضل ان اقرا رسالة الصديق البروفيسرر عبد الاله الصائغ التي ارسلها الي والى عدد من اصدقائه المثقفين العراقيين والعرب. وانتظر الصدى واتطلع الى النجمة السعيدة, كي ينجو الصائغ من الخطر ففقدانه فقدان لقمة ثقافية لا تعوض في بلاد الرافدين.

عبد الاله الصائغ يحتضر وحيدا

رسالة مستعجلة الى الدكتور احمد النعمان والأساتذة احمد رجب وجاسم المطير وزهير كاظم عبود وفينوس فائق والفريق احمد كاظم ابراهيم وبلقيس حميد ويوسف ابو الفوز ودانا جلال وكوردة أمين وسميرة الفيلي والدكتور فلاح شمسة وعامر جميل ونبيل رومايا وفالح حسون الدراجي وراهبة الخميسي وعبد الخالق حسين واياد الزاملي , واسامة العقيلي ووئآم الملا سلمان , وعلي شائع وكمال سبتي وحامد الحمداني ورياض الامير. وجميع من نسيت اسمه سيعذرني, ومن خلالهم الى مروءة الثقافة العراقية والعربية.

منذ خمسة اشهر اصيب الصائغ عبد الاله بالشلل المفاجيء وقد كانت فجيعته في اصابعه التي توقفت عن الحركة فلم يقو على الكتابة ! بل وفي هوانه على العراق والعراقيين وتهميشه من قبل حكام المحاصصة الجدد
وعدد غفير من الأميين !! هنا في مشيغن كانت محنتي كبيرة ورضيت بها وتغاضيت عما نالني من حفاة المعرفة والفكر وراهنت على مروءة الشعب العراقي ! ولكن مرض الكمد والحرقة اتلف ستة شرايين من قلبي وأماتها ! وتماثلت للشفاء بعد عملية القلب المفتوح الكبرى ولم تمهلني الغربة والوحدة والتهميش وقتا كافيا حتى فجعت بتوقف النخاع الشوكي عن تغذية كل جسمي ابتداء من اسفل الرقبة الى القدمين !! فانا شليل ووحيد وحين قر ر الطب الأمريكي المتطور اجراء عملية جر احية للصائغ وعلى الفور لانقاذ ماتبقى من حياته اكتشف الصائغ ان تأمينه الصحي لايغطي اجور العملية وهكذا ترك الصائغ في شقة بائسة مخصصة للعجزة والمعوقين دون راع او معتن ! اتصل بي مشكورا الفريق احمد كاظم ابراهيم ممثل العراق في الامم المتحدة وبشرني ان سفير العراق في امريكا السيد سعيد الجنابي قد سمع بمحنتي وانه سيتصل بالصائغ لمعرفة محنته واساليب انقاذ حياته قبل فوات الوقت ! لكن السيد السفير لم يخابر ولم يكلف احدا من اركان سفارته لكي يمد طوق النجاة للصائغ ! ايها الأصدقاء انني اموت بالمعنى الحقيقي وليس المجازي وانا اعد ايام حياتي على عدد النجباء الذين سيهبو ن لانقاذي !
رفاق الكلمة انني اموت لان العملية تحتاج نقودا وليس في مكنتي عمل شيء سوى انتظار الموت بأوجاع لا اطيقها البتة ! الصائغ يقول لكم ابكوني حيا فاذا مت قتوقفوا عن البكاء لأن لعنة الصائغ حين يموت هواناً سوف تلاحق كل من يبكيه بعد ان تخلى عنه وبعد ان رأى علامة الخطر التي نشرها الصائغ امام الجميع
! ربما تكون هذه آخر رسالة مني اليكم ! هناك طبيب معروف شبه وحيد يستطيع فصل الفقرات عن النخاع دون ان اصاب بالشلل او الموت هذا الطبيب اسمه
Dr . Diaz
Tel 00 8777843664
وهو غير قادر على اجراء العملية الفورية بسبب من ان تأمين الصائغ ( مد وست ) لايغطي

يا احمد النعمان تذكر صائغ القباب الذهبية يافينوس فائق تذكري الصائغ واغانيه الجبلية ! يا دكتور سيار الجميل يا دكتور عقيل الناصري ياسماحة الشيخ عبد اللطيف بري وسماحة السيد حسن القزويني وسماحة الشيخ على القطبي وسماحة الدكتور التيجاني السماوي والأستاذ عادل القاضي وسماحة الشيخ حسن الحائري وسماحة الشيخ هشام الحسيني
الصائغ ابن اثرى بلد في العالم يموت فقيرا لانه غير قادر على دفع تكاليف العملية ! انني انادي رفاق الكلمة والمحبة من اللبنانيين الأصدقاء
الاساتذة عدنان بيضون والأستاذ اسامة السبلاني والدكتور العجمي والدكتور عدنان مكي والاستاذ بسام والدكتور شقير والشاعر عبد النبي بزي والحالج رامز بزي ووو اقول للجميع لاعذر لكم في موت الصائغ وهو صديقكم ! لقد ابلغكم ووضع حياته امانة في اعناقكم فتصرفوا دون الرجوع اليه واضغطوا على السفارة العراقية في واشنطن والحكومة العراقية !من اجل الانقاذ قبل فوات الوقت ! ايها الاصدقاء لقد زهدني مرضي وهواني بالحياة .
خذاني فجراني ببردي اليكما فقد كنت قبل اليو م صعبا قياديا

اشارة : اكلف احمد النعمان بنشر خبر الصائغ يلفظ النفاسه الأخيرة في كل المواقع المتعاطفة مع محنتي وارجو التعليق عليه من قبل اصدقائي .


البروف د . عبد الإله الصائغ
13 جنوري في 2006
العنوان البريدي


27727 Michgan Ave APT # 628
Inkster , MI 48141 U.S .A
Homophone 00 313 563 2574
Cell pohgone 00 313 433 21 69

* * *
بهذه الكلمات الحزينة وارقام الهواتف المضربة اجراسها حتى الآن عن الرنين, وعنوان بالانجليزية شاهد المنفى البعيد عن الوطن يختتم صائغ القباب الذهبية رسالته بل نداءه الى الاصدقاء من المثقفين العراقيين والعرب. وحملني مسوؤلية تطورات هذا النداء. كما بدوري اتحمل, عهدا بالصداقة ووفاء لعطاء الصائغ الجميل متابعة هذا الرسالة راجيا ان يتغلب الدكتور الصائغ على مرضه وينتصر في معركته الحالية مع الموت كما انتصر في كل معارك حياته الزاخرة بالابداع شعرا ونثرا وفي كافة المجالات.


* * *

وصلتني من السيدة الفاضلة راهبة الخميسي وانا اكتب هذه السطور, نسخة من رسالة مفتوحة ارفقها بهذا الملف الحزين.

سعادة سفير جمهورية العراق في الولايات المتحدة الامريكية,
السيد سعيد الجنابي المحترم.

داهمتنا الانباء المؤسفة, بان نجما ساطعا من نجوم العراق اللامعة آيل الى الافول. اذن يا لخيبة العراق الذي يتربع على كنوز من الخيرات والاموال في الوقت الذي يودع كبار مثقفيه ورموزه الوطنية بمجرد سطور تكتب على اوراق الجرائد والمجلات! وما ان افل نجم حتى خر اثره آخر لا يسعنا الا ان ندفنهم تحت تراب غير تراب وادي الرافدين لاسباب سياسية غير مبررة او مالية لبلد من اغنى بلدان العالم قاطبة!
فها هو شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري, والمجددان البياتي والحيدري والفنانة زينب وعبد الجبار عبدالله وغيرهم من المع مشاهير الفن والادب والعلم في العالم يوارون التراب في المقابر الاجنبية فيما نشهد مكتوفي الايدي ودون اكتراث مع العالم المتمدن هذه الملهاة التراجيدية مهما كان الامر غريبا.

استحضر فيكم سعادة السفير شيمة وغيرة العراق الذي لم يتوان عن مساعدة وانتشال حتى الغرباء من غير العراقيين من محنهم ويمدهم بالاموال اللازمة لانقاذهم, كي تسارعوا لانقاذ حياة واحد من كبار مبدعي الادب والنقد والمعرفة لعراقنا الحبيب, الا وهو البروفيسور عبد الاله الصائغ الذي نوشك ان نفقده بسبب وضعه الصحي الحرج, وفقدانه للاموال اللازمة لطبابته المعقدة. ونعاهدكم سعادة السفير وعد الشرفاء باننا سوف نعيد الى مالية السفارة ما تصرفونه لاجل انقاذه باسرع وقت يتسنى لنا نحن اصدقاءه واقرباءه. فزميلنا وصديقنا الصائغ عبد الاله يستحق وقفة العرفان بالعطاء الجميل وان نبذل لانقاذه ما نستطيع خدمة للحركة الفكرية والثقافية في العراق.
كلنا امل يا سعادة السفير بانكم ستلبون النداء باسرع وافضل السبل الممكنة, فالمصاب خطير والرمز العراقي جليل.
وفي الختام تقبلوا منا اطيب التحيات.
راهبة الخميسي. ناشطة اجتماعية وشاعرة / السويد