عن دار ميريت بالقاهرة صدر الشهر الماضي باقورة كتب عادل جندي quot;الحرية في الأسر: مأزق الإصلاح السياسي والمواطنةquot;. ويقع الكتاب في خمسمائة صفحة من القطع المتوسط. عنوان الكتاب يوحي بالمأزق الذي تعيشه قضية الإصلاح في مصر والمنطقة العربية والدول الإسلامية. فالحرية مأسورة من قبل التطرف الإسلامي والفاشية السياسية، فكيف يتحقق الإصلاح في ظل غياب الحرية؟. فالحرية شرط ضروري لأي إصلاح أو ديمقراطية، والإصلاح والديمقراطية والانفتاح على العالم شروط ضرورية لسيادة نمط المواطنة، ومن ثم كل ما يحدث في مصر والمنطقة العربية هو حمل كاذب لم ينتج عنه لا إصلاح ولا ديمقراطية ولا مواطنة ولا مساواة... وإنما كثير من الطحن وقليل من الدقيق.
الكتاب من أوله إلى آخره يشرح بإسهاب وعمق في فصوله الخمسة تفاصيل هذا المأزق ودور التطرف الديني في أسر الحرية.
وهكذا بدلا من أن يكون الدين مصدرا لصفاء النفس والارتقاء بالقيم أصبح في مجتمعاتنا مصدرا للتطرف والإرهاب ومطاردة الحرية وتسطيح القيم وتعطيل مسيرة التقدم. وكما يقول الكاتب في مقدمته كتابه quot;مصر والمنطقة العربية بدت وكأنها ذات طابع استثنائي يستعصى على التغيير بل تبدو وكأنها تتغير للأسوأ. هناك عوامل، من أهمها صعود الأصولية الدينية والجماعات الإسلامية الراديكالية مما ساعد على انتشار وتفشي ثقافة لا تقيم وزنا لفكرة الحريةquot;.
ولن تندهش عزيزي القارئ عندما تكتشف خلال صفحات الكتاب أن المزايدة على التطرف أصبحت سباقا محموما بين الأنظمة المستبدة وجماعات التطرف الدينى، والفارق يكمن في الدرجة وليس النوع. والمحصلة هي تكاتف المجتمع عبر حكومته وإعلامه ومتطرفيه وكأنهم
اقرأ مقدمة الكتاب بقلم العفيف الأخضر |
المتابع لكتابات عادل جندي يعرف انه ينتمي إلى طريقة في الكتابة يكتب بها قلة محدودة من الكتاب العرب، فكتابات عادل جندي تتسم باستقامة الهدف ووضوح الرؤية وكثافة المعلومات وعمق التحليل وترابط الأفكار وإنسانية المقصد.ولعلك فى بعض الأحيان لا تستطيع أن تفصل الكاتب عن اسلوبه، فعادل جندى مهندس مرموق ناجح منضبط صارم ومثقف عميق.
ورغم قسوة الصراحة التي يطرح بها الكاتب أفكاره إلا انها كما يقول العفيف الأخضر في تقديمه للكتاب quot;قسوة تشبه قسوة الطفل الذي تحدى بكل براءة إجماع جوقة المداحين ، وكاتبنا يتميز بالصدق مع النفس، وهي في أيامنا، ميزة نادرةquot;.
كتاب عادل جندي الذي نشرمن قبل في مقالات بجريدة وطني وصحيفة إيلاف الإلكترونية وموقع شفاف الشرق الأوسط يمثل صرخة من إنسان يحب بلده محذرا بقلب مكلوم من سقوط مصر في الفوضى والخراب.
لقد قرأت الكتاب كمقالات عدة مرات واحتفظت بهذه المقالات في أرشيفي، وها هو عادل جندي مشكورا قد سهل مهمتنا وجمع لنا هذه المقالات الثمينة في كتاب يستحق أن نقتنيه في مكتباتنا لنرجع إليه في أوقات كثيرة لنتأمل ونشاركه الأسى والخوف على مستقبل أوطاننا.
إنني أدعو كل قارئ أن يحتفظ بهذا الكتاب القيم في مكتبته.. ولعل الذين يمسكون بزمام الأمور في مجتمعاتنا التعسة يستفيدون من هذه الكتابات الأمينة المخلصة المحذرة الناصحة الكاشفة لأزمتنا المركبة.
بقي أن أقول إن كتاب عادل جندي متوفر في المكتبات في القاهرة وفي مقر جريدة وطني المصرية.
[email protected]
التعليقات