سلوى اللوباني من القاهرة: ظل الكاتب الصحفي quot;عبد الوهاب مطاوعquot; يكتب باب بريد الجمعة الانساني في جريدة الاهرام كل أسبوع بانتظام منذ عام 1982، كانت تصله في الاسبوع الواحد أكثر من 100 رسالة من مصر ومختلف أقطار الوطن العربي، فقد كان يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة... وشكلت تلك الرسائل على مدار العقد الاخير من القرن العشرين بانوراما حية وصادقة لواقع المجتمع المصري والعربي، وما استجد عليه وفيه من تغيرات، وفي الذكرى الثانية على رحيله أصدرت الدار المصرية اللبنانية كتاباً بعنوان quot;أرض الاحزانquot; وهي أعمال لم تنشر سابقاً، إيماناً بدور وقيمة عبد الوهاب مطاوع فأخذت الدار المصرية اللبنانية على عاتقها عبء إتاحة هذا التراث للقراء العرب فاخرجت هذه السلسلة الجديدة وعملاً بسياسة الدار الثابتة في إتاحة الاعمال التي انجزت لكثير من الكتاب المصريين والعرب ولم تنشر من قبل ووضعها بين يدي قرائها في كل أنحاء الوطن العربي.

بريد الجمعة:
يضم الكتاب 37 رسالة تشكل الخلفية الاجتماعية للتطور الاقتصادي والسياسي الذي مرت به مصر والوطن العربي في العقدين الاخيرين وتدور حول العلاقات الانسانية والاسرية..تناولت هذه الرسائل عدة مشاكل أسرية منها صديقة رفضت الزواج من زوج صديقتها، أو زوجة فاجأها زوجها بزواجه من إبنة بواب العمارة، وعلى الجانب الاخر رسائل من زوجة ثانية توضح مببرات الزواج الثاني، أو أم طردها إبنها من المنزل، وهناك رسائل تناولت هموم الغربة ومشاكلها سواء سياسياً أو إجتماعياً، ومهما كان موضوع الرسالة يبقى الامر المثير للاهتمام هو قدرة الكاتب أو الصحفي على توجيه النصح وهو ليس بالامر السهل فهي ليست مجرد كلمات يكتبها وإنما يتحمل مسئولية هذه النصائح والارشادات..فالقارئ الذي يصل به الامر أن يكتب مشكلته في رسالة بالتأكيد وصل الى طريق مسدود..فيصبح الكاتب أو الصحفي هو طوق النجاة بالنسبة له...ولذلك يعتبر عبد الوهاب مطاوع أحد الكتاب القادرين على تحمل مثل هذه المسئولية من خلال خبرته الواسعة في الحياة وثقافته الغنية..إضافة الى ذلك صدقه مع نفسه قبل صدقه مع الاخرين، وتميز أسلوبه بالرد برجاحة العقل فكان يشير الى التغيرات ويحددها ويضع الحلول لها وكيفية معالجتها مما منح ردوده على هذه الرسائل قيمة غاية في الدقة والوضوح إضافة الى حنوه على أصحاب المشاكل وقسوته في أحيان أخرى فقد كان يقدر الضعف البشري ويلتمس لاصحابه الاعذار، والجدير بالذكر أنه حصل على جائزة مؤسسة علي أمين ومصطفى أمين عام 1992 كأحسن كاتب صحفي يكتب في المسائل الانسانية، وفي مقدمة الكتاب يقول ناشر الدار المصرية اللبنانية أن كل الناس يموتون لكن القليلين هم الذين تبقى ذكراهم بعد موتهم... وعبد الوهاب مطاوع واحد من هؤلاء القلائل النادرين ذلك أنه جعل من عمره وروحه وعمله واحة يستظل بها المكدودون في رحلة الحياة والباحثون عن الامل وسط هجير الواقع المؤلم... فقد كان يملك قاعدة قراء تغطي كل الاقطار، حتى أن بعض الصحف العربية كانت تنشر رسائله بالتزامن مع جريدة الاهرام، والبعض الاخر استحدث بريد القراء أسوة بعبد الوهاب مطاوع لكنه بقي فيها جميعاً صوتاً متفرداً وكاتباً لا يضاهى، الامر الذي جعل من كتبه الاكثر مبيعاً وإنتشاراً بين قراء الوطن العربي والعرب المقيمين في الخارج في ظاهرة قلما تتكرر في الصحافة والثقافة العربيتين.

مؤلفاته:
صدر له 52 كتاباً يتضمن بعضها نماذج مختارة من قصص بريد الجمعة الانسانية وردوده عليها، ويتضمن البعض الاخر قصصاً قصيرة وصوراً أدبية ومقالات في أدب الرحلات، كما صدرت له ثلاث مجموعات قصصية هي أماكن في القلب ولا تنسني والحب فوق البلاط، ومن مؤلفاته أصدقاء على الورق، صديقي ما اعظمك وصديقي لا تأكل نفسك، يوميات طالب، العصافير الخرساء، نهر الحياة، نهر الحب، وسائح في دنيا الله، وقد اشتهر باسلوبه السلس حتى في كتاباته القصصية وهي مستمدة في الغالب من الواقع الذي عايشه، عبر عن هذا الواقع بجدية وبسخرية في نفس الوقت..تناول العديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية..كما عبر عن معاناة الانسان..وفي مؤلفات أخرى تناول المرأة والزواج والحب، عبد الوهاب مطاوع أثرى الحياة الصحفية والادبية بكتاباته على مدى 40 عاماً..تفرغ خلالها لحل مشكلات الناس دون أن يشعر أحد بمشكلاته الخاصة والصحية، والجدير بالذكر أنه توفي في 7 اغسطس 2004 عن عمر يناهز 64 عاماً، وقد شغل منصب مدير تحرير جريدة الاهرام ورئيس تحرير مجلة الشباب، وقد تخرج من قسم الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة، وكان عضواً بمجلس إدارة الأهرامrlm;,rlm; وعضواً بمجلس قسم الصحافة بكلية الإعلام.
[email protected]