شوقي مسلماني من سدني: المثقّف الوطني والأديب والشاعر عصام عزّ الدين الكردي تسبقه الفكرة دائماً في حلّه وترحاله وليس أي فكرة بل تلك النبيلة في نظرتها إلى الإنسان بعيداً عن مشاربه الروحيّة أو الفكريّة أو العقائديّة، وبعيداً عن جنسه وهويّته وعرقه ولونه. وهذه النظرة إليه تنبع من معرفة به عمرها عقدين من السنين على الأقلّ، فهو لا يروقه مجلس يخوض السمّار فيه بما لا يليق طائفيّاً وعنصريّاً، مثلما لا يروقه أن يكون القلب في جهة واللسان في جهة، ومثلما لا يروقه أن يكون القول والعمل متناقضان، متعاكسان ومتنافران.
وقصائده الجديدة الصادرة في quot;سي ديquot; باسم: quot;على ضفاف أشجار النخيلquot; وترافقها أنغام موسيقيّة مناسبة جدّاً من إعداد الموسيقار مجدي بولس أحد أعضاء فرقة المطربة الكبيرة الراحلة أمّ كلثوم المعروفين والبارزين، هي من ضمن هذا المسار الإنساني العميق والواسع. فالحب ديدنها والملجأ إذا عزّت الملاجئ في عالم ينحدر في أخلاقه السياسيّة على نحو متسارع ومريع منذ بدايات العقد الأخير للقرن العشرين، ونتيجة ذلك هي هذه الفوضى غير الخلاّقة التي تنتشر في أربع أرجاء الأرض، وهذا الخراب الذي يصيب مقتلاً من أمم وأوطان، وهذا الدم المسفوك بالمجّان هنا وهناك.
واللافت في قصائد الكردي، وهي عشرة بالتمام والكمال، أنّها جميعها مباشرة، أي أنّ التصريح لا التلميح هو خطّتها، فإذا ذكر quot;الأبوريجنالquot; سكّان شبه القارّة الأستراليّة الأصليين أسهب في التعريف بهم مثلما سبقتْ وعرّفت بهم كتب التاريخ، فهم عراة وطيّبون ومتناغمون مع الطبيعة ومتشاركون في أسباب الحياة والأفراح والأتراح.
وإذا ذكر الغزاة المستعمرين ذكرهم بأسمائهم ومنهم quot;الكابتن جيمس كوكquot; ومنهم quot;آرثر فيليب المقطّب الجبينquot; وإذا ذكر أوصافهم فهم quot;مجرمونquot; استعبدوا الأحرار وعاملوهم quot;كحيواناتquot; إرضاءً لمليكهم quot;جورج الثالثquot; وشتّتوا شملهم وquot;قتلوهمquot; ولم تأخذهم بهم شفقة أو رحمة.
وإذا امتدّ بصره إلى بلاد العرب فالشعارات هناك هي quot;شعاراتquot; والخطابات هي quot;خطاباتquot; وquot;الهزائمquot; هي السائدة وquot;الكرامةquot; هي المفقودة والقلب مكسور على quot;فلسطينquot; وquot;العراقquot;.
هذا والشاعر الكردي يستمع في قصائدة إلى ألحان quot;بيتهوفنquot; ويقرأ quot;شكسبيرquot; ويمتّع ناظريه بلوحة quot;الموناليزاquot; وابتسامتها الخفيّة الساحرة، وأكثر فيقول أنّه كان quot;حجراًquot; قبل أن يعرف الحبيبة ذات quot;الشعر الأسود الطويلquot; والوجه الطافح بالبشر ويؤكّد أنّها quot;في القلبquot; دائماً ومنها يستمدّ العزيمة للإستمرار نصيراً quot;للفقيرquot; المعدم ومحارِباً quot;للغنيquot; الجشع والقوي الظالم.
وإذا لكلّ شاعر قاموسه الخاصّ ومفرداته الأثيرة فلصاحب quot;على ضفاف أشجار النخيلquot; قاموسه الخاصّ ومفرداته الأثيرة أيضاً تتكرّر في القصائد بلا وعي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تلك التي لها أجنحة مثل: quot;الحمامquot; وquot;الحبquot; وquot;الياسمينquot; وquot;الأزرقquot; وكلّها مكانها في quot;القلبquot;.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات