من أمستردام- صالح حسن فارس: في غمرة لهيب الاخبار السياسية المؤلمة لما يحدث الان في العراق، تتزايد رغبة المجتمع الهولندي في التعرف إلى الجوانب الأخرى من ثقافة هذا البلد، خصوصاً من خلال نشاطات الجالية العراقية التي تقيم في هولندا والتي لايزيد عددها عن50 ألفاً، وبالرغم من عمر الجالية العراقية القصير قياساً بالجاليات الاخرى، الا إنها أثبتت وبكل جدارة حضورا مشرقاً على الصعيد الثقافي، وذلك من خلال الامسيات الشعرية، المحاضرات الادبية والسياسية، الفن التشكيلي، والعروض المسرحية العراقية سواءٌ باللغة العربية أو باللغة الهولندية. في يوم عراقي هولندي تتواصل مؤسسة ميكارت فاونديشن(MECART Foundation) التي تعني بالتبادل الفني والثقافي مع الشرق ألاوسط والتي تأسست في عام 2004 بمبادرة من مهتمين بثقافات الشرق الاوسط في هولندا ومن أصول شرق أوسطية هم: دنيكا هاوزنخا، نليكا اولمان، فرهاد فوروتانيان،كورين هوك،. وتعمل هذه المؤسسة بالتعاون مع عدد من الفنانين والادباء القادمين من الشرق الاوسط، للتعريف باعمالهم في اوربا، وتسعى إلى تقديم صورة متوازنة ومتحررة من الاحكام المسبقة ذات الطابع السياسي. وهذه المؤسسة تأسست اثناء فعاليات مهرجان فنون عراقية الذي اقيم في أمستردام قي خريف 2004.
هذا النشاط الذي يقام بمناسبة صدور كتاب شعري باللغة الهولندية لعشرة شعراء عراقيين يقيمون في هولندا سيكون على قاعة موزاييك (Mozaiek) في غرب أمستردام وينطلق في التاسع من يونيو الجاري وستكون هناك فعاليتان واحدة في الظهيرة وأخرى في المساء.
الفعالية الأولى التي ستبدأ في الساعة الثانية والنصف ظهراً ستكون عبارة عن ثلاث محاضرات الاولى عن الوضع السياسي في العراق يقدمها الباحث الهولندي المعروف الدكتور(روبرت سوترك) ومن الجدير بالذكر ان سوترك يعتبر من أهم الباحثين الهولندين في الشؤون العراقية، حيث أهتم بالشؤن العراقية في أواخر السبعينات وأصدر عدة كتب ودراسات عن الوضع العراقي، وكان مساهما فعالاً في الجدال السياسي في هولندا حول أحداث العراق الاخيرة في مختلف وسائل الاعلام المرئية والمسموعة. المحاضرة الثانية للشاعرالعراقي شعلان شريف ستكون نظرة عامة الى التراث الشعري في العراق ودور الشعراء العراقيين في تجديد الشعر العربي وموقف الشعراء من الاحداث الساخنة في البلاد. أما المحاضرة الثالثة فللباحثة الهولندية )دنيكا هاوزنخا) التي تهتم بتاريخ الفن الشرق أوسطي والفن التشكيلي العراقي.

وفي الجزء المسائي حفل توقيع الكتاب(ضوء المتاهة Dwaallicht) الذي يحتوي على قصائد مترجمة لعشرة شعراء عراقيين: محمد الامين، شعلان شريف، فينوس فائق، حميد حداد، بلقيس حميد حسن، صلاح حسن، كريم ناصر، ناجي رحيم، موفق السواد، وعلي شايع، كما يتضمن الكتاب تخطيطات للفنان التشكيلي العراقي ( كفاح الريفي).
فكرة الكتاب بدأت في مهرجان 2004 وقد توسعت الفكرة فيما بعد لتضم شعراء أخرين، وقد كتب مقدمة الكتاب الناقد العراقي (د حاتم الصكر)، نقتبس منها:

quot;لقراءة قصائد الشاعرات والشعراء في هذا الكتاب - والحديث عنها بالضرورة ndash; لابد من استذكار انتمائها إلى سياق الشعر العراقي الذي يعدّه مؤرخو الكتابة الشعرية ونقادها المناخَ الذي تأسست فيه الحداثة الأسلوبية وانطلقت منه إلى العالم العربي في لحظتين تاريخيتين مهمتين أولاهما قديمة تتمثل في العصر العباسي الذي غدت فيه بغداد ndash; العاصمة العراقية الأزلية والعريقة ndash; عاصمة للدولة العربية الإسلامية لأكثر من خمسة قرون، وشهدت تجديد القصيدة العربية التي أرهقها التقليد والجمود وأثقلتها صرامة موضوعات الشعر الكلاسيكي وأساليبه وإيقاعاته ولغته العربية المورثة . وتشاء أقدار بغداد أن تكون محلاً لولادة الحداثة في العصر الحديث حيث ظهر فيها ما يعرف عربياً بالشعر الحر منتصف الأربعينيات، ليقلب نظام القصيدة العربية ويهدم تناظرها الموسيقى والشكلي والموضوعاتي.quot; (......)

quot;الخسارت إذاً تجمع هذه القصائد، والأحزان المتجذرة لا السطحية الغنائية هي مادتها، التي لا أشكّ أن القارئ سيتمثلها كما عانى الشعراء والشاعرات من أجل توصيلها، بطاقة الشعر التي تمتدّ من وطنٍ بعيد معذّب وجميل إلى منفى يراجع فيه الشعراء أنفسهم وماضيهم وحاضرهم.quot;

صدر هذا الكتاب عن دار نشر( باساجه Passage) وهي دار نشر هولندية معروفة وناجحة بتسويق أعمالها. سيتضمن حفل التوقيع قراءات شعرية قصيرة لجميع الشعراء المشاركين في هذا الكتاب، حيث سيقرأ بعضهم قصائده باللغة العربية والبعض الاخر باللغة الهولندية وفي الحالتين تعرض القصائد على شاشة كبيرة لترجمة القصائد. وتتخلل القراءات معزوفات موسيقية للعازفين جميل الاسدي ( قانون)، ولطيف العبيدي (عود)، وفي الختام هناك أمسية موسيقية غنائية للفنان العراقي صالح بستان وهو مطرب عراقي درس الموسيقى في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد وسبق له أن شارك في نشاطان فنية عراقية متنوعة في هولندا.