الرباط: بينما يفاخر المسؤولون المغاربة بتزايد عدد المهرجانات الثقافية والفنية في بلادهم من خمسة مهرجانات في السنة خلال السنوات العشر الاخيرة الى 80 مهرجانا في السنة الماضية وحدها يواصل عدد من المنتقدين التمسك بفكرة انها quot;سياسة ثقافية حكومية فاشلة.quot; ويأتي الاسلاميون على رأس هؤلاء المنتقدين اذ يتشبثون بفكرة ان هذه المهرجانات هي جزء من quot;سياسة ثقافية حكومية فاشلة... تسعى الى تخدير عقول الشباب وتهبط بالذوق والثقافة بدلا من ان تحصنه من الغزو الفكري والعولمة
لثقافية.quot; واحتدم الجدل في الاونة الاخيرة في المغرب بسبب الموقف من المهرجانات بين من يرى فيها انفتاحا على الثقافات الاخرى والمساهمة في بناء الثقافة الكونية ومن يرى فيها تكريسا quot;لسياسة حكومية فاشلةquot; تريد ان تهرب بالمغاربة من واقع بائس يطغى عليه الفقر والبطالة. ويقول محمد يتيم وهو نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل المعارض quot;نحن لسنا ضد الفن والثقافة كما قد يتوهم البعض لكن المشكل في نوع معين من هذه المهرجانات.quot;محمد يتيم
وكانت جرائد محسوبة على الاتجاه الاسلامي انتقدت بعض المهرجانات معتبرة انها تتحول الى quot;فضاءات للاباحية والمجون ولعبدة الشيطان واستهلاك المخدراتquot; في حين وصفت جرائد اخرى محسوبة على اتجاهات علمانية المنتقدين quot;بالظلاميين واعداء الفن والانفتاح الثقافي.quot; وقال يتيم quot;المشكل في نوع الثقافة التي يراد ان يروج لها والتي تهبط بالذوق وبالمستوى بدلا من ان تحصنه من الغزو الفكري والعولمة الثقافية.quot; واضاف quot;لا توجد لدينا في المغرب سياسة ثقافية تحصن الهوية والشخصية المغربية.. على اعتبار انه يتم استدعاء فنانين اجانب على حساب فنانين مغاربة.quot; وقال quot;اما العربدة وقلة الحياء في المهرجانات فهذا واقع.quot;
وكتبت صحيفة الاحداث المغربية على هامش مهرجان كناوة بالصويرة في اواخر يونيو حزيران الماضي تحت عنوان (الاسلاميون من تدنيس الدين الى تدنيس الفن) تقول quot;يبدو الاسلاميون كحماة الاخلاق الجدد يكرهون ان ترسم الفرحة على محيا الشباب بل وينتهزون كل فرصة لاخراج اسلحة التحريم او التكفير.quot; ويضيف المقال quot;في كل المناسبات الفنية تجد شباب بهوايات غريبة او موسيقى معينة او بنمط مختلف من اللباس أو تسريحة الشعر. لكنهم ليسوا بالضرورة منحرفين مثلما قد يعتقد بعض المتأسلمين.quot;
واعتبر وزير الثقافة المغربي محمد الاشعري في افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان كناوة بالصويرة ان هناك طريقتين للتعامل مع المدن في عالم اليوم quot;طريقة تعتمد الاقفال والاسوار والخوف وسيلة لترويض المدن واخضاعها لسلطة الانضباط والنمطية.. وطريقة الثقة في ذكاء المواطن واعتماد المشاركة والحوار.quot; ويضيف quot;ليس هناك ما يبرر إذا ان نعيد انتاج هذه الاسوار في دواخلنا.quot;
غير ان النقاش تعدى الاسلاميين والعلمانيين إلى مثقفين وفنانين مغاربة اشهرهم الكاتب المسرحي المغربي رائد المسرح الاحتفالي عبد الكريم برشيد. وكتب مقالة عن المهرجانات والفرح نشرت في الصحف واثارت ردود فعل كثيرة حين اعتبر ان المهرجانت تأتي quot;لتتوج الفرح والعطاء.. وليس لان تخلق نوعا مصطنعا من الفرح.. ولتؤتث لواقع بئيس.quot; وقال برشيد quot;المهرجان منطقيا يأتي تعبيرا عن فرح أو حالات شعورية داخلية.. او امتلاءات وجدانية ومن هذا المنطلق فالمهرجان يعني احتفالا ويأتي كنتيجة ونحن نريد ان نقلب المعنى ونجعله غاية في حد ذاته.quot;
واعطى امثلة عندما كان الفلاح المغربي عبر التاريخ يقيم الافراح والمواسم بعد الحصول على منتوج فلاحي جيد في اخر العام معتبرا ان بعض المهرجانات المغربية quot;الاصيلةquot; كمهرجان حب الملوك بصفرو ومهرجان الورود بقلعة مكونة ذات quot;ابعاد تنموية ومردود على المجال السياحي.quot; واضاف quot;الحكومة تشتغل بالمهرجانات والطبول والمزامير.. اي ان سياسة المهرجانات هي سياسة تضليلية فلو تحققت التنمية في هذا البلد سيقوم من تلقاء نفسه بالاحتفال واقامة المهرجانات.quot; ويرى المسؤولون ان المهرجانات وسيلة للتنمية المحلية وان المنتوج الثقافي والفني ضروري ضرورة الماء والكهرباء.
وقال الاشعري لرويترز quot;هذه المهرجانات وسيلة اساسية من وسائل التنمية المحلية وبلا شك ان كل المواطنين عيونهم على التجارب التي نجحت في هذا المجال التي استطاعت ان تحول المدن التي اشتغلت فيها الى مدن حية بعد ان كانت مدنا تحتضر كأصيلة والصويرة.quot; وقال الاشعري ان خير دليل هو بعض الارقام الدالة حيث quot;ان المغرب في اقل من عشر سنوات شهد من اقل من خمسة مهرجانات في السنة الى 80 مهرجانا في السنة كما شغلت المهرجانات في السنة الماضية مثلا 1500 فنان 70 في المائة منهم مغاربة.quot;
ويضيف quot;ان هذه الارقام لها دلالة كبيرة جدا هو ان هذا المنتوج هو شعبي جماهيري على عكس ما يقال احيانا ان هذه المهرجانات مفروضة على الناس حيث يتردد عليها ازيد من مليون ونصف من المغاربة.quot;
ولا يختلف المواطنون العاديون كثيرا في رأيهم عن الجدل الدائر اذ يرى احمد الذي رمز لاسمه الثاني بحرف (أ) وعمره 34 سنة ويعمل موظفا ان حبه للموسيقى دفعه إلى الحصول على اجازة من عمله والتوجه الى مهرجان تيمتار الذي اسدل الستار عليه في 16 يوليو تموز الحالي. يقول أحمد quot;المهرجانات الثقافية والفنية ضرورية بالنسبة لي كعاشق للموسيقى والايقاعات كما انها فرصة لرؤية فنانين مغاربة وعالميين مباشرة.quot; ويضيف quot;لكن لا يجب الغلو في الاحتفالات والمهرجانات لاننا كمجتمع فقير تخنقه البطالة والفقر يجب ان تكون هناك اولويات كخلق مقاولات لتشغيل الشباب وانجاز البنيات التحتية.quot;
وتقول مريم الحياني (24 سنة) طالبة quot;انا اتفهم اهمية المهرجانات الثقافية والفنية ولكن اعتقد ان الثقافة والفن ليست مجرد رقص واستدعاء مغني الفيديو كليبات.. يجب الاهتمام بالشأن الثقافي في بلادنا كانشاء مكتبات عادية او متعددة الوسائط وانشاء دور المسرح ومعاهد الموسيقى في مناطق نائية.. والاهتمام بصفة خاصة بوضعية الفنان والمثقف المغربي الذي يحتضر.quot;
- آخر تحديث :
التعليقات