مازن الراوي من برلين: أُعلن في الأسبوع الماضي عن سرقة عملين فنيين من أعمال بيكاسو من دار قديمة تسكن فيها حفيدته ديانا. ويقدر ثمن اللوحتين بحوالي خمسين مليون يورو على أقل تقدير. ووفق محامي العائلة ان السرقة تمت على الرغم من وجود شخصين في البيت لم ينتبها إلى ما يشير للسرقة وقت حدوثها. كما أعلن المحققون quot;لم يترك السراق دليلا أو أثراً يمكن أن يضيء عملية السطو أو يقود إليهمquot; وكذلك أعلنت الشرطة يوم الأربعاء الماضيquot; بالاضافة إلى اللوحتين سرق عمل تخطيطي لبيكاسو. أحد العملين الفنيين الذي تمت سرقته هي اللوحة المسماة quot; مايا ا لا بوباquot; ويصور إبنة بيكاسو مايا التي تحمل في حضنها دمية، وهي لوحة بمقياس 60 إلى 40 سم وتعتبر من لوحات بيكاسو صغيرة الحجم نسبياً. أما اللوحة الثانية، 170 إلى 150 سم فهي صورة شخصية لزوجة بيكاسو الثانية جاكلبن. على الأرجح تمت سرقة اللوحة الأولى مع إطارها فيما انتزعت لوحة جاكلين من إطارها. وقد علق المحامي لامبارد على السرقة قائلاً: quot;في الواقع كانت اللوحتان محميتين بوسائل تكنيكية متقدمة، ولكن لا آثار أو دلائل تركها الذين قاموا بعملية السطوquot;.
الحفيدة ديانا ويدماير ـ بيكاسو هي ابنة مايا التي صورها بيكاسو، وكانت اللوحتان بحوزتها. وقد أثيرت تكهنات كثيرة متضاربة حول السرقة. وبهذا الصدد علق ماركوس مولر مدير متحف بيكاسو في مونستر الألمانية، قائلا: quot;إن تعلق لوحة من هذا النوع بعمل بيكاسو هو أمر غير اعتيادي، بالأخص عندما يتعلق بعمل فني يقدر بالملايينquot;.
ان معظم أعمال بيكاسو التي في حوزة العائلة مؤمنة ومصانة في إدامتها بطريقة علمية خوفاً من التلف أو من السرقة. ويعتقد مولر، على أية حال، بأن اللوحة المسروقة quot; مايا آ لا بوبا quot; التي تعود للحفيدة تمثل في الحقيقة، على الصعيد العاطفي، ملكية شخصية ثمينة وهي بمثابة صورة عائلية توضع في غرفة المعيشة على سطح موقد النار كشأن الصور العائلية الموروثة في العديد من البيوتات.
ومن وجهة نظر مولر، المختص بأعمال بيكاسو، بأن السرقة تمت بناء على معلومات دقيقة وردت من دوائر مقربة من الورثة: quot;إنها في غاية السرية تلك المعلومات التي تخص أماكن وجود الأعمال الفنية، لا يعرفها إلاّ أفراد قلائل. ومن بين هذه الأعمال تلك التي بحوزة جامعين خاصين في باريس. وبالتأكيد سوف لا يأتي ذكر مثل هذه الأعمال التي سرقت في عروض المتاجرة وبيع أعمال بيكاسوquot;.
يقيّم البروفيسور فيرنر شبيس المختص في تاريخ الفن والخبير بأعمال بيكاسو اللوحات المسروقة بأنها quot; أعمال فنية هامة للغاية quot;. وكان المعرض الخاص المقام تحت عنوانquot; بيكاسو ـ عالم الأطفال quot; المقام في شتوتغارت ودسلدورف بألمانيا قبل عشر سنوات قد عرض لوحات لمايا أنجزها بيكاسو في أعوام الثلاثينيات. وكانت تيريزا فالتر حبيبة بيكاسو قد انجبت في العام 1935 ابنتها مايا. أما جاكلين التي تزوجها بيكاسو في العام 1961 وعاش معها حتى وفاته في العام 1973 فقد انجز عددا من كثيراً من اللوحات. وهكذا فان بيكاسو ترك إرثا كبيرا من الأعمال التي تصور أفراد عائلته والناس المقربين إليه.
تثمن أعمال بيكاسو في سوق بيع اللوحات الفنية العالمية بأثمان باهضة باعتباره واحداً من أهم فناني القرن العشرين. ومن بين قائمة تضم عشرة أعمال فنية، هي الأغلى في العالم، جاءت أعمال بيكاسو ثلاث مرات لتكون بين تلك القائمة. وأحرزت على التوالي المرتبة التانية والتالثة والتاسعة. وقدر ثمن لوحته المسماةquot; شاب مع غليونquot; بحوالي 107 مليون يورو.
كرس بيكاسو حياته للعمل الفني وعمل في هذا المجال كشخص ممسوس. ومن خلال نشاط هائل وطاقة استثنائية ترك هذا الكم الهائل من النتاجات الفنية في فرنسا بعد 91 سنة من عمره : قرابة 1900 لوحة فنية و3200عمل سيراميكي و 7000 عمل تخطيطي و 1200 قطعة نحتية و 30000 عمل غرافيكي. ومع هذا يعتقد بأن حوالي 570 من أعماله مفقودة حتى الآن.