عندما وصلتُ إلى هنا لم تخبريني من أنا/ أنتِ ..
لا شيء باستثناء الخواءِ الفاحشِ الممتدّ أبواباً، أبواباً..
واسمٍ أحمله في جيبي الخلفي مع علاقة المفاتيح

ما فتئت أخطئ يا أمي و أمجد جنس الخاطئين
و ما فتئتُ ( أجيبُ العالم بالسؤال ) :
ألم يسجد النور للطين؟

يبدو أن الفرق بيننا و بينهم أكثر بكثيرٍ من تاءٍ مربوطة إلى خاصرة الخطيئة ..

لا أعرف من أنا
لا أعرف معنى " أنا " ولا من أي أودية الجهلِ تجيء
لا أعرفُ كيف أعرف ولا من أين أبدأ

غرستُ أعيناً في رؤوس أصابعي و تحسست جلد العالم :

رأيت سجادة غرفتي وردية
ورأيت اللون الوردي خرافة البُنَيّات الأولى
رأيت أنه أكثر الألوان انصراماً
لا يجيء إلا لحظة / لا يجيء إلا برزخاً

( الحياة لا تشبه سجادة غرفتي )

وسائدي معبأة بالريشِ
أنام عليها ولا أعتذر للعصافير
أقترف الوحشية في كل شيء
في الماء و الزيت و الحلم

رأيتُ دمىً على سريري
لم يخبرني أحد بأن هذا ما عليّ أن أكونه

ليس كمثل الأصنام وجاهةً و جلالاً
منذورة للمجد و الزيف و المكوث

رأيتُ التذكر ثمرة محرمة
رأيت الشعر أرضاً للذاكرة
رأيتُ الذاكرة " فيح من جهنّم "

لم أعرف كيف أصطاد لحظة البدء و أقحم نفسي في التجربةِ
وكان التيهُ حليفي

رغم الصفعاتِ على ظاهر يدي وباطن حلمي
كان التيهُ جميلاً ..

خفتُ ..
خفتُ بأني لستُ كافية ولا أكونُ
لم يخطر لي قط بأن العالم ليس كافياً
والحبّ ليس كافياً
والإنسان ليس كافياً
( .. بأن الكون لا يقلّ عقوقاً مني )

.. و صلّيتُ
كي تتفتح الأزهار حيثما أحطّ
كي لا تخاف مني الحساسينُ ولا الأقفاصْ
حلمتُ بي واهبة كأم ، كبيرة كأرض
مددت أصابعَ هزيلة إلى فوق ولم يكن ثمة سقفٍ أو سماء
غمستها في الطينِ و لعقت دمي
ليبعث الطينُ في النور

( الطينُ ظهور / النور احتجاب
لا أحبّ الآفلينْ )

لم تعلميني المشي على الإسفلت الحار، على العرفج المجنون، على الدباديس والجمر و البخور..
كنتِ أكثر عقوقاً من بذاءة الأسئلة :

كيف تقبل التاء المربوطة بالحياة و هي لما تملك ما يكفي من الأجوبة
عن كونها تقبع دائماً .. في أطراف الكلمة ؟

كنتُ هنا ببساطة
و كنتُ في الحبّ و العشبِ و الرّحبِ ..
و لم يكن ذلك كافياً

***

( أكبرُ )

لم أجد أميراً يغني عند الشرفة
لم أجد شرفة
لا شيء غير السوادِ الكثيفِ ذي المغازي
" ظلمات بعضها فوق بعض "

انفلقَ الفراغُ و أنجبَ بعثاً
تمخض العدم حضوراً
أتينا ..

فردنا أيادينا للعالمِ وسمّينا ما سمّيناهُ ( حبّاً )
و خيّل إلينا للحظةٍ بأن الأمر واضحٌ و منطقي
و أنه يواكبُ نواميس الكون الرحيمة

عرفتِ لحظتها بأن السجاد الوردي كان خطيئة
بأن النوافذ خطر
و الضفائر الطويلة التي يتسلقها العشاق
بداية الهاوية ..

أخطأنا
بكلّ سرورٍ أخطأنا
سمينا الخطأ احتمالاً آخر
سميناه حقنا بالاختلافْ

و لم يكن ذلك كافياً

***

يحدثُ أن يلجنا الضوء
متأخراً ربّما
يحدثُ أن يجيء

يحدث أن تبعث في الذاكرة أوهامِ الكمال و البدء الجديدِ
و كل جماليات الاستدارة
فكّرنا أن نرتّب المكانَ قليلاً
دشّنا ركناً للفوضى / و آخر للبيان

( جثوتُ
دسستُ ذنوبي في جيبيّ
ركضتُ .. )

لم يكن ذلك كافياً
لأن المقابر استنفدت مخزونها من الرمل
و الجثث ألقت رؤوسها في البحر و مضت في نزهة أبديّة

رميتُ بما في جيبي للخلاء
باركته بحبٍ يشبه الأمهات
باركته و مضيت ..

و لم يكن ذلك كافياً !

***

استبدلنا الدمى بأعوادِ البخورِ
غسلنا السجاد الوردي " بالماء و الثلج و البرد "
كانت ولادة سهلة
ولادة مباركة ..
و كانت الوليدة أنا
بيضاء من غير سوء

***

ملامحي القديمة تمشي خلفي كأفراخ البجع المذعور
تخبرني بأن وجهي ليس جميلاً
بأنني ورائي

فردتُ بعضي على أول نخلة ابتسمت لي
افترشتُ بعضي الآخر
غنّيتُ ..

( أنفخُ الريح
تنفخني الريح )

سقطت تحت قدميّ تاءٌ مربوطة
تامةٌ
مثل دمعةٍ متقنة


4 تموز 2005