بدأت الشرطة الفرنسية مطاردات غير مسبوقة تستهدف إلقاء القبض على محمد عمرة - السجين الذي هرب من سيارة السجن أثناء كمين نصبه مسلحون قتلوا اثنين من ضباط السجن وأصابوا آخرين – والذي قالت تقارير إنه على علاقة بعصابة في مدينة مرسيليا التي ينتشر فيها العنف المرتبط بـ"عصابات المخدرات".

وكان عمرة، المعروف بـ"الذبابة"، في سيارة ترحيلات تعيده من المحكمة في نورماندي إلى السجن الثلاثاء الماضي عندما صدمت سيارة شاحنة السجن فأوقفتها بالقرب من محطة تحصيل رسوم على طريق سريع.

وفتح مسلحون النار على سيارة الترحيلات، ما أدى إلى مقتل اثنين من ضباط السجن وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة.

وأكد جيرالد درامانين، وزير الداخلية الفرنسي، إن الشرطة تبحث عن "المجرمين بكل الطرق".

وقال، أثناء حديثه لوسائل إعلام، الأربعاء إن هذا الهجوم كان ممارسة "بربرية بدم بارد"، مؤكدا أن حوالي 450 من قوات الشرطة في قسم شركة إيور في نورماندي كُلفوا بمهمة "بحث غير مسبوقة".

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الجميع "يبذلون قصارى جهدهم من أجل العثور على منفذي الهجوم".

وقالت المحامية العامة في باريس لور بيكواو لوسائل إعلام إنه قبل الساعة 11:00 صباحاً بالتوقيت المحلي، عبرت الشاحنة التي تقل عمرة يوم الثلاثاء الماضي حاجز الرسوم في إنكارفيل في منطقة أور بشمال فرنسا و"على الفور، صدمتها سيارة بيجو من الأمام لإيقافها".

وأضافت أن "مسلحين ببنادق كبيرة خرجوا من تلك السيارة وانضم إليهم مسلحون آخرون خرجوا من سيارة أودي كانت فيما يبدو تتبع سيارة الترحيلات".

وأشارت إلى أنهم "أطلقوا النار عدة مرات" على السيارتين، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من ضباط السجن، ثم لاذ المسلحون بالفرار من موقع الحادث ومعهم محمد عمرة.

وقالت المحامية العامة أن السيارتين اللتين استخدمتا في الهجوم عُثر عليهما محروقتين في موقعين مختلفين.

وقال وزير العدل الفرنسي إريك دوبون موريتي إن أحد الضابطين اللذين راحا ضحية الهجوم "لديه زوجة وولدين كانا يستعدان للاحتفال بعيد ميلادهما الواحد والعشرين خلال يومين".

بينما خلف الضابط الثاني، الذي قُتل في الحادث وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، زوجة حامل في شهرها الخامس.

كما أُصيب ثلاثة ضباط آخرين جراء الهجوم. ووفقا للمحامية العامة بيكواو، لدى المصابين – الذين يبلغون من العمر48 و52 و55 سنة – لديهم أطفال أيضًا.

وقال دوبون موريتي: "سوف نفعل كل شيء، أعني كل شيء، حتى نعثر على مرتكبي هذه الجريمة الحقيرة".

وأشار إلى أن السلطات سوف تعثر عليها وتعاقبهم "بطريقة تتناسب مع الجريمة" التي ارتكبوها.

وقال هيوز فيجييه، محامي محمد عمرة، لقناة الأخبار الفرنسية بي إف إم تي في إنه يتمنى ألا يكون موكله "على علم بخطة إطلاق سراحه".

وأضاف فيجييه: "بالنسبة لي، هذه الخطة لا تتفق مع ما أعرفه عنه. إذا كان وراءها، فقد فشلت في فهم طبيعته جيدًا".

سرقة بالإكراه

قالت وسائل إعلام فرنسية إن عمرة حاول الهروب من محبسه في وقت سابق من هذا الأسبوع باستخدام منشار لتقطيع القضبان الحديدية للزنزانة.

وأكدت المحامية العامة في العاصمة الفرنسية باريس إن عمرة يواجه 13 اتهاماً، يرجع الأول منهم إلى 2009 عندما كان لا يزال في الخامسة عشرة من عمره.

وأشارت إلى أنه اتهم أيضاً بالسرقة بالإكراه في العاشر من مايو/ أيار الجاري علاوة على اتهامه بالضلوع في جريمة اختطاف من قبل النيابة في مارسيليا.

وعلى الرغم من أن عمرة - البالغ من العمر 30 سنة - لم يكن خاضعاً "لإجراءات السجن المشدد"، رأت بيكواو أن نقله يتطلب "مرافقة من المستوى الثالث".

وقال محامي عمرة إنه كان من المقرر عقد اجتماع لمدة ساعة تقريبا الثلاثاء الماضي، مؤكدا أن مساعده رأى عمرة و"كان طبيعيا تماما".

وأضاف: "كان يعلم بأمر النقل (من السجن إلى المحكمة)، وربما أبلغ آخرين بذلك".

ويبدو أن شركائه كانوا على علم بتفاصيل النقل لأنهم كانوا ينتظرون عند نقطة تحصيل الرسوم على الطريق السريع.

من جهتها، قالت أم عمرة إنها لم تلاحظ أي إشارات قبل الهجوم إلى أنه قد يحاول الهروب، مؤكدة أنه "لا يتحدث إلي. إنه ابني، لكنه لا يتحدث إلي عن أي شيء".

وتعليقاً على الهجوم، قالت أم السجين الهارب: "انهرتُ، وصرختُ، وأشره باستياء شديد – كيف يمكن إزهاق أرواح الناس بهذه الطريقة".

عنف المخدرات

جاء هذا الهجوم، الذي أدى إلى إطلاق سراح عمرة، في نفس اليوم الذي نشر فيه مجلس الشيوخ الفرنسي تقريراً يحذر من أن فرنسا "تغرق" في جرائم المخدرات.

وأشار التقرير إلى "انفجار في العرض والطلب" في تجارة المخدرات غير المشروعة، محذرًا من أنه "لا يوجد أي جزء من الأراضي الوطنية أو أي طبقة اجتماعية ليست عرضة لخطر جرائم المخدرات... إن تجارة المخدرات تتسلل إلى كل مكان علاوة على ما يقترن بها من عنف".

وتنتشر تجارة المخدرات في جميع أنحاء البلاد، وأصبح لها صولات وجولات في المناطق الريفية والمدن متوسطة الحجم، وفقاً للتقرير.

وقال التقرير "إن انتشار جرائم المخدرات ليس نتيجة لنشاط المافيا الأجنبية فحسب. بل يرجع أيضاً إلى أنشطة كيانات فرنسية منظمة وخطيرة تعمل دون أي حدود سواء كانت مالية أو إقليمية أو في ممارسة العنف".

وقُتل حوالي 50 شخصًا بسبب أعمال عنف مرتبطة بنشاط المخدرات في مارسيليا العام الماضي فقط.