صيف جان دمّو ولقاء بوذا

أينَ أيامنا شقيقة الصيف والخمر يا جان؟

كنتُ مريضاً طوال الصَيف في مَدينة صَداقتكَ الغَريبة، وَعلى عَينيّ تَسيلُ موسيقى السَأم الشَجية. هَل كُّنا بَرابرة الايمان وَخشخَشته المُتصدعة ما بَين مَخالب الزَمان؟
مَن مِنا حَفرَ قَبر صَرخته المختومة وَسط الجروح السَرمدية لعروق السنبلة؟
الدفء والطمأنينة،هُما ما يَنبغي أن نَتسلَط على ديمومتهما.
الحَياة التي استنفدنا فيها كل المصدات اللازمة للشَمس الخَضراء وَهيَ ترخي ظلال
الشَجرة ولا تصغي لاجابتها، وَضياء الفضة المنبعث مِن غبار تَجديفاتكَ في الموت وفي الميلاد، هُما القَرابين المُتمايلة لكلماتنا في تَنظيمات الريح العَصماء.
في الأخطاء المنتصبة لشرائعنا فوقَ وَميض السَنوات، والاغراءات المتعددة التي نُحملق في عري رَغباتها المعاندة، والأشجار التي نُكلم مِن وراءها آلهتنا الدائخة في الليل. يَستَمني الصَيف كلُّما تَحسَست شَجرة دفلى فرجها.
ماء عَهدكَ المنقذ مِن عدوان المَلائكة المتخفية ما بَين أشجار الضَجر في أرض كَركوك،
هوَ الذَيل البَنفسجي لضوء اغتراباتكَ المتعثرة في ليَل الهَذيان.
عندَما أجدفُ في ذروة يأسي ضد موتكَ الكافر، أو ضد الغراميات الأولى لسَنوات مراهقتي المُعذبة. تَنغَلقُ عليّ الأبواب العَظيمة للنعمة ويهجرني العصفور والحَديقة.

أينَ أيامنا شَقيقة الصَيف والخَمر يا جان؟

24 / 3 / 2006 مالمو

البرية النائمة في دغل هواجسكَ المدوّخة
الى باسم الأنصار


في الايقاعات العَميقة لتعاقبات جنونكَ في مقاهي (كوبنهاكّن)، بَحثاً عَن الانخطافات المروّضة لاكمال تَرانيمكَ المستَعصية دائماً، وَعذاباتها الخَلاّبة، يَتشظى نعاسكَ الضَئيل في الأرض المُحرّمة التي تفصلكَ عَن الهاوية المطمئنة. هَل لَكَ مَلاذ في هَذه المَتاهة التي تَتمددُ وتَتجمدُ في كل لَحظة، وأنتَ تَقتَرب بصَمت وتَنزفُ أقماركَ فوقَ الصَخرة الخادعة، واندفاعات اليَقين الواهمة التي تُداهمكَ ولا تدرككَ؟ زهرة الغفران العَتيقة في جَبينكَ، وفي يَديكَ ناقوس الزَمان والطَبيعة. هَل أحصيتَ مَن ماتوا ومَن ولدوا؟ ماذا تَقول للبَرية النائمة في دَغل هواجسكَ المدوّخة؟ أرادتكَ الحازمة في بَحثكَ عَن مَنفذ خَطر للآفاق المُتشابكة التي تخفي فَجر البَشر المرضى، أضحَت الآنَ مثل حلمكَ المتلألئ. عصمَة لتقدمات الأفاعي في الأنهار القاسية لحلمات أثداء الليل الكَبيرة. ما جَدوى أن تُفرغ التاريخ مِن حمولته وأنتَ تَتلاشى في الطَريق الى أرض المستقبل المداهمة؟
ستبقى دائماً الغَريب في صَمت وسَكينة الصفقات المؤرشفة للفردوس والعَسل الأسود لجبال المنفى.

26 / 3 / 2006 مالمو

لقاء بوذا

في خروجه الأخير مِن القَصر المترف وَحيداً، بَحثاً عَن التَقشفات والتأملات تَحتَ شَجرة التين ndash; شَجرة الحكمة. مِن أجل التَيقظات واستناراتها العَظيمة. علّمني أن الآلهة لا قدرة لهَا على تَغيير انفجارات وخمودات الطَبيعة.
تَحت شَجرة التين، سَمَعَ الصوت العَظيم:
في العالم، أيها الناسك، هناك الكَثير مِن العَدالة
وفي الحَياة ميزان ذَهبي كَبير. حاول الحصول عَليه دائماً.
تَسربلتُ بنوره الذي ملأ العالم وَفتحت عَينيّ
وَرأيت مَجده الآتي مِن العَلاء، وَحين أردت الذهاب الى الفرات لأتَطهر
مِن خطاياي. قالَ لي: {استحم هنا. لا تَذهب الى الفرات.
كُن رَحيماً بالكائنات كلُّها، واذا لَم تَنطق كَذباً وَلم تَقتل روحاً وَلم تأخذ
ما لم يعط لكَ، وَعشت متأملاً في أرض انكاركَ للذات.
ما جدوى الذهاب الى الفرات؟
احفظ هذه الوصايا
وَستكون لكَ عندئذ كل قَطرة مَطر الفرات.

27 / 3 / 2006 مالمو

* شاعر من العراق يقيم في السويد
[email protected]