كلَّما مارستُ انتباهةَ وردٍ
شققتُ الشمسَ بيميني
وانثنيتُ بالأخرى أداوى جروحَ النهرِ
هذهِ مشكلةُ العاشقِ دائماً
يُعمِّدُ الخطايا، ويستبيحُ الجنوبَ
كلُّ عاشقٍ جنوبُ
أرخى المواقدَ صوبَ اللهاثِ
واشتهى قلبهُ براعمَ جمر ْ!

(1)
بينَ صفناتهِ تترجرجُ المياهُ
جرفٌ..
يحزمُ أشرعهَ الصغارِ
ويتكئُ على سرابِ المدينةِ
ذاتها الأرضُ تدوخُ
ذاتهُ الهواءُ يشربُ الوقتَ ويخجلُ النجومَ
ليذبحَ الوردةَ فتسيلُ انهاراً من الاريجِ
.. حينما لمْ يكنْ الوقتُ
أدركَ الملائكةُ صفعةَ الترابِ
فانبطحوا لاهثينَ وراءَ الدماءِ
ليسرقوا اللَّذةَ، ويدشنوا الجداولَ
بالابتهالاتِ
هذا ما اكُنُّهُ وحدي
للنيازكِ والأقمارِ الغارقةِ بالندى
بينما يخضرُّ المكانُ كُلَّما وضعتُ فمي عليهِ.
مستلقياً..
يسرقني النهرُ، ويمضي
هنا عشتارُ تبحثُ عن عشقٍ يلملمُ أردانها
هذهِ أورُ تحلمُ بنبيٍّ تحرقهُ النارُ، ليسمو
وهذي القلعةُ تبحرُ صوبَ ضحاياها hellip;
.. صــ.. ــــفـــــ.. ا.. ء hellip;
مجهولٌ في دفاترِ الشرطةِ.
ماذا يصنعُ وجهاءُ البلدةِ أمامَ نقاطِ التفتيشِ ؟
ملعونٌ يحرقُ أوراقَ الليلِ، ويهربُ عندَ الفجرِ
مخبولٌ يرقدُ عندَ عتباتِ الصحراءِ
هذا الغرَّافُ يؤرِّخُ مسناةً..
ماذا يصنعُ بالهاربِ حينَ يفيضُ ؟

(2)
أشمُّ رائحةَ المدائحِ
والدفوفُ التي ما ارتاحتْ مآذنها
تودِّعُ الغريقَ
ليسبلَ النهرُ أجفانهُ
متسرنماً في الجفافِ المورقِ حدَّ الانفطارِ.
دقَّةٌ واحدةٌ تكفي
مثلما البابُ المغلقةُ خلفَ الضبابِ
تعرَّقتْ حتَّى احمرَّتْ أصابعها
لا شيءَ يولجها بيتاً، فتغرقُ في الزحامِ
الكُلُّ اشترى الفضاءَ
وتاهتِ البابُ تبحثُ عن حائطٍ.. يؤويها الشتاءَ.
مركبٌ..
يولُج النهرَ ويسخرُ
والشباكُ أشرعةٌ
لها ميادينها وساحاتها المطفأةُ
ولافتاتٌ تثملُ في النسيمِ العابرِ صوبَ الجنوبِ
اشارةٌ واحدةٌ..
تنأى بيَ..
جدَّتي المركونةُ في السواداتِ
أمي التي تكررتْ ألفَ مرةٍ
وأطفالي الخائرونَ
يدلونَ بأرجلهم..
ويشتمونَ الشتاءْ !!!

(3)
الحدائقُ تبلِّلُ ريقها بندى زهرةٍ
بينما يشربُ النائمونَ أحلامهم
على شرفِ الرصاصِ.
الكُلُّ - هنا - واقفٌ
منائرها المتَّكِئة على جسدِ الريحِ
مدارسها المفروشةُ منذُ ألفٍ من السنين
بساتينها الخضرُ حدَّ اليباسِ
والسراجُ الذي شربَ النفطَ وانتشى
تثاءبَ منذُ احمرارِ النحاسِ
هذي النوافذُ المرميَّةُ تحتَ أقدامِ العابرينَ
تفتحُ ذراعيها
وتسندُ المزلاجَ إلى حائطٍ
باتَ يبكي..
كالجنوب.


(4)
ما إنْ صعدَ الوهجُ مرعى أصابعي
حتَّى استكانتْ يدي وبرَّقتْ للوعودِ
أملأُ المسافةَ، وأمدُّ الغناءَ إلى آخرِ المقبرةِ
جثثٌ تتدلَّى من عناقيدها
وسحا لي المساءِ تورقُ في شَعري
يا يراعَ الدخانِ..
ماذا أمسحُ من خاصرةِ الزمنِ الميتةِ ؟
ماذا أسألُ أبي وهو يوثِّقُ ميتةً تحتَ الوعودِ؟
هذا، بعدَ انشدادِ عيوني إلى العابرينَ.
الجنَّةُ أعيادُ اليتامى
يستريحونَ فيها تحتَ قُبَّةِ المديحِ
يستنزفونَ الموائدَ بلعابهم
ويستشربونَ الزبدَ الطافحَ من البطونِ
ألمُّ المراعي.. وأنشدُ للحضاراتِ
أوروكُ التي حملتْ حقائبها
تودُّ الرحيلَ إلى أوروكَ
وجنائنها المأسوراتُ بأخبارِ الطوفان
لمْ تزلْ صاحبهُ الحانةِ تنصحُ كلكامش
لمْ يزلْ أنكيدو يضاجعُ العاهراتِ
لمْ يزلْ أوتونبشتم راقداً خلفَ البحارِ
يسألُ الطائرَ : هلْ جَفَّتِ الأرضُ ؟
فجاةً..
اختفتِ النوارسُ !
منذُ البدءِ..
كانتِ المياهُ أفعى
كانتِ الأفعى تتسربلُ في ثيابٍ من الحشائشِ والأدغالِ.
بينما الترابُ الذي تقمَّصَ جسدَ الأرضِ
إكتفى بانتباهةٍ غريبةٍ :
( هلْ جفَّتِ الأرض.. ؟ )

[email protected]