يري بعض ان يشعل شمعة ويصر على أبقائها متوقدة حتى لو أحترقت روحه من اجل المساهمة في انارة طريق العراق، فطريق العراق الذي امتلأ بالظلام والمطبات والدماء لابد ان يكون مضيئاً ومعبداً وآمنا كما في الدعاء المستمد من الآية القرآنية الذي يردده اهلنا (رب أجعل هذا البلد آمنا)، لكن مفخخات وسكاكين وقذائف وصواريخ وملثمين يريدون أن يبقى الدرب مظلما مثلما كان في الزمن الصدامي البغيض، لكن بشراً من لحم ودم هاجسهم ان يستحوذوا على مال اليتامى والمعوزين والمحرومين من اهل العراق بطرق غاية في الخسة والخلسة صاروا مسؤولين وقياديين وأندسوا وسط زحام العراق، ولكن من يعتبر المركز الوظيفي والمنصب الحكومي والربح المادي هاجسه الأساس في الموقف والتعامل والتخطيط في العراق الجديد، ولكن من يريد ان يقلب الموازين فيعيد الحال الى ماكان عليه ليسلم العراقيين بأمرهم الواقع، ولكن من يريد قتل الحلم في عيون الأطفال وينشر اليأس والقنوط بين الناس ويمسح كل اثر للمستقبل في عقولهم، هؤلاء من يريدون ان يطفأوا شمعة العراق.
كان البائد صدام يفتعل قضية الكهرباء فيقطرها على المناطق الفقيرة والمعذبة من العراق، بل ويتعمد عذاباتهم ويزيدهم ويمعن في رؤيته لهم وهم يتعذبون كل هذا الزمن القاسي، في حين يتنعم بكل مافي الحياة من نعم ولم تنقطع الكهرباء عنه وعن عياله مرة ولدقيقة واحدة، وهو يعتقد انه يعيش في مأمن من أرادة الله، ويحاول الأرهابيون وأزلامه أن يدمروا شبكات الكهرباء لحرمان العراقيين من أستعادة الكهرباء.
كان صدام البائد يفتعل قضية تلويث المياه فيصر على ان يمنع المعقمات والمواد التي تحولها الى صالحة للشرب وغير ملوثة، وان لايمكن اهل العراق الحصول على المياه بطريقة انسانية تليق بهم وبثرواتهم وبأنهارهم التي اشتهروا بها، ويستمر الأرهاب في تدمير خزانات المياه وتسميمها.
وكان صدام البائد يصر على ان يشرب العراقيين مياها ملوثة لاتصلح لسقي المزروعات ولالشرب الحيوانات، لابل أصر على حرمان مناطق كثيرة من المياه تنكيلاً وعذاباً للعراقيين الذين يتبادل معهم الكراهية.
كان صدام يفتعل قضية عدم توفر الأدوية بكل اشكالها البسيطة والمعقدة، كما تم اهمال المستشفيات والمعدات الطبية حتى صارت المستشفيات العراقية اشبه ماتكون بزرائب واماكن تتجمع فيها النفايات لاقدرة للمسؤولين عليها لانقاذ حياة الناس وعلاج المرضى بشكل يرضي ضمائرهم، مع ان الدواء متوفر في مخازن صدام ويستقبل العراق الاف الاطنان من شحنات المساعدات الدوائية والتي لايتم تحويلها الى مستشفيات الفقراء من اهل العراق، ويتم طرح البديل عنها المتمثل في الدواء المنتهي الصلاحية أو الرديء الأنتاج والتصنيع.
كان صدام يفتعل قضية تسويق جثث الموتى أعلامياً، ويعلق كل هذا على شماعة الحصارالدولي المفروض على السلطة الصدامية، والذي حولته الماكنة الصدامية ببراعة الى حصار على الشعب العراقي، واليوم يتباهون بقتلاحبتنا بزعم انهم يحاربون الأحتلال.
وحين ظن صدام انه بمأمن من العراقيين في قصوره المانعة والمحروسة من الأمن الخاص والأمن العام والمخابرات وقوات الحرس الجمهوري، وحين ظن صدام وهو يضحك من عذابات العراقيين انه يستطيع ان يشتري اي شيء بالأموال الحرام التي أكتنزها وعائلته من اموال المعدمين والمحرومين من اهل العراق، وحين تصور صدام انه بأستحواذه على الخزينة وأعتبار ايرادات العراق المالية ملكا له ولعائلته، اعتقد ان كل شيء يمكن أيجاره وشراءه حتى رؤساء الدول والأحزاب، كان الله له بالمرصاد فسلط عليه من لايرحمه، بعد ان نبذه فصيره عدوا لصديقه، وهدفاً لمن رعاه وأضفى له الحماية ومنحه الدعم والقوة، فخذله ونكل به، وجعله عبرة لغيرة من طغاة التاريخ وصنائع القوة الدولية، فأنهار كما ينهار ورق التواليت، وصار وعائلته في خبر كان، تتصدق عليهم الدول مع اكتنازهم الملايين من الدولارات الحرام، الا ان الأمان يعوزهم من غضب وأنتقام العراقيين، وصار رؤوساء دول يتصدقون عليهم الحماية والأنفاق والعطف لاحباً بهم، وانما كرهاً بشعب العراق لمرض دفين في صدورهم الموغلة بكراهية الخير والأنسان.
وحين تهاوى الصنم في التاسع من نيسان 2003، وتفرقت اصابع الدكتاتور تلوذ بالجحور تتساقط تباعاً، ظن اهل العراق ان معاناتهم وعذاباتهم بدأت بالنهاية.
غير ان عذابا جديداً ومعاناة أطول حلت عليهم، فصارت قضية الكهرباء يلعب بها المسؤولين مثل لعبة الحية والدرج، وصارت الوعود تملأ الكتب والأحلام لاتتسع لها سماء العراق، وتشكلت لجان وحل مدراء ومختصين وجاء وزراء واقيل وزراء واحيل العديد الى لجان تحقيقية لم نعلم نتائجها ولم نتعرف على حكم بحق مقصر او مذنب، وأختفت أسماء مثلما أختفت قضايا وطمرت أتهامات، وطفرت اموال، والعراقي ينتظروينظر لكل هذا ليس فقط بعيون الترقب الممتلئة بالدموع، وانما بعيون ممتلئة بالدهشة ممن يأتي ويروح دون أن يسأله احد ماذا عملت وماذا اخذت والى اين تذهب ؟؟
ولم نتعرف على مسؤول واحد في الكهرباء تمت ادانته بتهمة التقصير، فلا احد مقصر سوى العراقي !! ولم نتعرف على احد من وزراء المواصلات الذين تعاقدوا وقبض بعضهم النسب القانونية وغير القانونية قد اعتذر من اهلـنا وبرر اعتذاره بصعوبة حل مشكلة النقل العصية، المشكلة تكمن ان سنتين واربعة اشهر مرت على العراق لم تزل مشكلة الكهرباء كما تركها البائد صدام، ثمنمائة واربعون يوما مرت على العراق ولم تستطع الحكومات التي حلت على العراق ان تحل مشكلة الكهرباء، فكيف ستحل المشاكل الأصعب التي حلت بالعراق ؟؟
وصارت قضية الماء غير الصالح للشرب القضية الخيالية لشعب يجري بين شرايين ارضه ثلاثة انهار من المسلمات التي استسلم لها شعب العراق، حين عاد لشرب الماء بالطرق البدائية من الأنهار دون تعقيم.
اختلاسات ورشاوى وسرقات في وضح النهار، واتهامات وتبادل ادوار ولامن متهم تمت ادانته، ولامن مسؤول أقر بتقصيره وفشلة في الأداء الرسمي، ولااحد يستطيع ان يشخص الخلل، وأن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
وبيوت عراقية تأوي القتلة وتطعم المجرمين وتمد الأرهابيين بكل الأدوات التي تقتل أخوتهم، وضمائر عراقية ممسوحة وظفت نفسها لخدمة الأرهاب تتلذذ بالدم العراقي وتفرح لأستباحة الشرف العراقي من قبل الغرباء، وغرف مظلمة في بيوت قصية تقدم العون والطعام والملاذ لكل من ينتهك الدم والشرف في العراق، انتقاماً ليس للسلطة البائدة، وانما لقصور في العقل وغباء في التفكير، حين يصير العراقي نصيراً لقتلة العراقيين.
الغاز مفقود في بلد الغاز، والبنزين شحيح ونشتريه من الدول التي نصدرلها النفط الخام، نستجدي نفوطنا ومنتجاتنا النفطية، ونقف بالطوابير تحـت الشمس من اجل أن تعيش الحكومة، وابتكرنا طرق بدائية في طبخ الطعام، بعد ان عزت علينا الحصة التموينية، وصار السوق التجاري الحر يسيطر عليها ويتحكم فيها، نرفع ايادينا ندعو الله ان ينصرنا على الظالمين العبثين بحرمة وطننا وكرامتنا وندعو الله أن يلتفت الى دموعنا وأوجاعنا ولامن مجيب.
نشتري السلاح قبل ان نشتري الطعام، ونخزن الأطلاقات قبل ان نخزن المواد الغذائية، ونحرص على السكاكين بدلاً من الأدوية الضرورية، ونتوجس الخيفة من كل سيارة واقفة أو متحركة، لا المحتل أحلنا مثل باقي الشعوب ولاحكوماتنا المؤقتة وفرت لنا لقمة العيش بكرامة ولا احزابنا الوطنية التفتت الى اوجاعنا وضرورياتنا.
معارك طاحنة على الكراسي ولم يتعرفوا ان هذه الكراسي لاتقف دون مساند وأرجل، وابناء العراق هم مساندها، ودونهم لن تستطيع الوقوف، شهداء لم يعد يستذكرهم احد الا في المناسبات، وعراقيين قدموا ماقدموا ليس لهم قيمة أو مكان بين المتبارين على السلطة.
الرصاص اللغة التي حلت بديلاً في التفاهم، والنحر وسيلة للتعبير عن اختلافنا وكراهيتنا لبعض، صيرنا بيوت الله مشاجب للسلاح وومقرات حزبية لاعلاقة للرب بها، وصار لنا قميص عثمان الجميع يطالب به دون سند او ميراث.
صارت جهات منبوذة ترفع لواء التعارض مع شعب العراق بزعم محاربة الأحتلال، وصار البعض من رجال الدين يشكلون عصابات مسلحة لتنفيذ مآرب وأغراض دنيوية، خطف وقتل وتبادل أدوار، اتصالات سرية وأجتماعات في غرف مغلقة، كل الخرفين في العراق صاروا منظرين وفلاسفة وأستعادوا ذاكرتهم ليحثوا على ذبح العراق.
دم يسيل كل يوم قربانا ً لخلاص من سلطان لم تزل اصابعه تعبث بجسد العراق الطاهر، جثامين من الأبرياء لم تزل تدفع ارواحها الطاهرة عربونا للخلاص من براثن الدكتاتور، وذيول للطاغية تلونت وتغيرت وتبرقعت حتى صار لها وجــه كوجه العراقيين ونبتت لها لحى، غير ان في دواخلها ارواح حيوانية هائمة لاقرار لها الا بالدم.
ولم يزل العراقي يفكر وسط محنته بسقف يأويه وبلقمة يأكلها دون معاناة ودموع !
لم يزل العراقي حتى اللحظة ينتظر دستوره الذي رافقه حلماً سرياً !!
حين يفتح المسلم بكل مذاهبه كلتا يديه لأحتضان أخوته المسيحيين والأيزيديين والمندائيين ويضموا الى صدورهم اخوهم اليهودي العراقي المضطهد والمظلوم، حين يكون العراق السقف والخيمة والدستور، وتتعاضد هذه القوى المكونة للعراق لصد الأرهاب الوافد او النابت كدمامل الجسد، نتخلص من كل كل هذا ونقرأ دستورنا بصوت عالي، ومشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها.
- آخر تحديث :
التعليقات