* فى ماراثون المزايده الدينيه إرتدى الحزب الوطنى العمه والكاكوله فإرتدى الإخوان أقنعة الميليشيات وبدل الكاراتيه!
* عندما يدعى أهل السلطة إحتكار الفضيله فحتماً سيغتصب الآخرون حق التكفير.
* الدين علاقة ساميه بين المواطن والرب،وليس علاقة إنتهازيه زاعقة بين المرشح والناخبين.
* الحكومة زايدت يوم طاردت البهائيين والشيعه ونصر أبوزيد،ومنعت المرأة من تولى القضاء، وأسست البنوك الإسلامية

أصابنى الفزع والرعب من مشهد ميليشيات طلبة الأزهر ولكن فى نفس الوقت لم يكن هذا المشهد مفاجأة لى،فقد كنت متوقعاً هذا التصاعد لأنك عندما تدخل ماراثون المزايدات الدينية فلابد أن تتوقع مثل هذا السيناريو البشع الشبيه بسيناريو مريض الإيدز المحروم من الدواء، عندما يموت جهاز المناعة تماماً ونهائياً لدى المريض سيصيبه بالطبع الفزع والرعب بنفس الدرجه التى أصيب بها المثقفون المصريون ولكن لن تصيبه الدهشة أو المفاجأة، فنهاية الإيدز معروفة،ونحن كوطن أصابنا الإيدز الثقافى منذ فترة طويلة، وفقدنا أى مناعة فكرية وإنهارت كل مشاريعنا الوطنية والقومية،فحق علينا الموت الإكلينيكى،وأصبحنا نستحق وبجدارة هذا المشهد الشبابى الأزهرى الدراكولى البغيض.

الدولة ممثلة فى الحزب الوطنى،والسلطة ممثلة فى كل أجنحتها قررت أن تزايد على الإخوان،وتغازل تيار الدروشة،وتعزف الجيتار تحت بلكونة التزمت، وعندما يقول إخوانجى أنا مسلم تصرخ الدولة وأنا أكثر منك إسلاماً،وعندما يهتف متطرف أنا مؤمن تتشنج السلطة زاعقة وأنا أجدع منكم إيماناً،إرتدى الحزب الوطنى العمه والكاكوله والجبه والقفطان وأمسك بالمسبحه،فليس مدهشاً أن يرتدى الآخرون أقنعة الميليشيات وبدل الكاراتيه ويمسكون بالكلاشينكوف والمولوتوف !،عندما يدعى أهل السلطة إحتكار الفضيله فحتماً سيغتصب الآخرون حق التكفير،وعندما يصبح طريق المرور الوحيد إلى السماء من خلال بوابة الحكومة فحتماً سيصبح كباتن الفريق المضاد هم وكلاء الله على الأرض.

لم تكن موقعة فاروق حسنى والحجاب هى أول موقعة زايد فيها الحزب الوطنى على الإخوان،ولكنها كانت المشهد النهائى للمسرحية قبل إغلاق الستار وخروج الميليشيات من الكمبوشه حيث يجلس الملقن، فالدولة هلاميه لاتعرف هل هى دولة مدنيه أم دولة دينيه ؟، لم يقتنع الحزب الوطنى أننا نعيش تحت سقف مجتمع مدنى موقع على وثائق حقوق إنسان ويحتمى بمظلة قوانين مدنية لاتفتش فى النوايا والضمائر ولاتغتصب حق الله فى حساب البشر يوم القيامة على نواياهم وضمائرهم ولاتسارع بإحتكار هذا الحق ومنحه لأى فرد على وجه الأرض كائناً من كان قدره ووظيفته وحيثيته، نصبت الدولة من نفسها راسبوتيناً كهنوتياً يتولى رئاسة محكمة تفتيش بإتساع رقعة الوطن،ودخلت ماراثون المزايده الدينيه ألا أونه ألا دو ألا ترى،مين يزود.

فتشت الحكومة فى الضمائر وطاردت البهائيين ووصمتهم بالكفر وحرمتهم من الهويه برغم أن العراق المسلمه فيها طائفة إسمها الصابئة وبرغم أن أى دولة مدنيه تتسامح مع كل ألوان الطيف الدينى وبرغم أن دستورنا يكفل حرية العقيده،ومثلما فعلت مع البهائيين فعلت مع الشيعة، إرتدت الدولة العمه والكاكوله يوم أن أحالت قوانين الإيجارات إلى الأزهر،وصادرت رواية quot;أولاد حارتناquot; ومنعت مؤسسة دار الهلال الحكومية من طباعتها،زايدت الدولة يوم صمتت عن جريمة طرد نصر أبو زيد والتفريق بينه وبين زوجته فى حادثة لاتخرج إلا من كهوف القرون الوسطى، زايدت الدولة يوم منعت شفرة دافنشى، زايدت الدولة يوم منعت قانون زراعة الأعضاء خوفاً من تيار التزمت،زايدت الدولة يوم كتبت لافتة على البنوك بإسم quot;فرع المعاملات الإسلامية quot; وكأن من يتعامل مع الفرع الآخر هو كافر زنديق، زايدت الحكومة يوم منعت المرأة من الجلوس على كرسى القضاء بدعوى عدم صلاحية المرأة للولايه ونقصان عقلها ودينها، زايدت الدولة يوم تدروش الإعلام ودخل حلبة الزار وفتح الباب على مصراعيه لدعاة كاجوال يتاجرون بألغام الفتاوى ويهددون الوحدة الوطنيه،زايدت الدولة بالتوسع فى إنشاء المعاهد والمدارس الأزهرية بشكل عشوائى دون أن تسأل نفسها هل نظام تعليمنا نظام مدنى أم دينى ؟، وماذا يعنى وجود كليات طب وصيدلة وهندسة أزهر مقصورة على أبناء دين واحد ؟!، وهل نسمح لكليات اللاهوت بنفس السلوك التعليمى وإنشاء الكليات المدنيه ؟،زايدت الدولة يوم أن أسبغت على الحاكم صفة الرئيس المؤمن وعلى المحكوم صفة المواطن الملتزم، زايدت الدولة وهى الديكتاتوريه المرعوبة والمستفزة أمنياً بغزو النقاب لأماكن العمل بدون أى حساب لإجراءات الأمن كما تفعل دولة مثل أبو ظبى التى منعته داخل أماكن العمل،زايدت الدولة يوم لهثت وراء الوهابية ونتقلت دماءها إلى شرايين الأزهر فضاعت وسطيته وإستنارته وسط كتب وفتاوى بن باز والعثيمين.

نحن دولة مدنيه يسرى فى كيانها الدين ولا يحكمها ولاينبغى أن يحكمها رجال دين، نحن دولة مدنية تختلف حول الصواب والخطأ ولا ينبغى لها أن تحول السياسه إلى حلال وحرام،لأن الإختلاف الأول إختلاف وجهات نظر،لكن الإختلاف الثانى إختلاف رده وتكفير وإنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة،وإذا كنتم تريدون حقاً القضاء على ميليشيات الرعب داخل الجامعه فأرجوكم القضاء أولاً على ميليشيات التكفير والمزايده الدينيه فى الحزب والتعليم والإعلام،والخروج من ماراثون المزاد الدينى والجرى فى تراك حضارى آخر،يكون فيه الدين علاقة ساميه بين المواطن والرب،وليس علاقة إنتهازيه زاعقة بين المرشح والناخبين.