quot; هل نسي الشارع العربي الكلام؟ وصرنا شعوبا بلا ذاكرة لماذا الجماهير بين المحيط وبين الخليج تجوب الأزقة كالقطط الخائفة... وكيف خرجنا من الحلم الوحدوي الكبير؟
لندخل ثقبا صغيرا يسمونه الطائفة... مظفر النواب قصيدة الثقبquot;من الضروري أن نتجنب الكلام عن الهزيمة والنكسة بعد مرور أربعين عاما والمحنة بعد انقضاء ما يقارب عن الستين عاما ويكفينا جلدا للذات وتحقيرا للشأن وتنظيرا للارتكاس والانفعال لأن ذلك أدى بنا إلى الخروج من التاريخ والضياع في العالم وفقدان البوصلة وحادوا عن القبلة ولعل زلة ابن خلدون الكبيرة والتي ما زلنا نعاني منها إلى الآن أنه تساءل عن سبب خراب العمران وذهاب ريح الحضارة واضمحلال الدول بعد سؤددها وتصوره السكوني المغلق للتاريخ عندما جعل دورة الأمم تبدأ بجيل التعب وتمر بجيل الذهب لتنتهي بجيل الحطب وعندما قال قولته الشهيرة:quot;إذا عربت خربتquot; والتي سرت مثلما تسري النار في الهشيم فصار العرب والتعريب والعروبة رمز للخراب والانحطاط وأنه لم يفكر في سبل النهوض وكيفية quot;أخذ زمام المبادرةquot;.
كما يقول المفكر حسن حنفي ولم يبين طرق العلاج والإصلاح من هذا التخريب والفساد بل اكتفي في إطار نظرة توصيفية واقعية متشائمة بقول ما حل وحدث للعرب والمسلمين في ذلك الزمن الصعب. من هذا المنطلق يرفض الفكر الحاذق مواصلة مسلسل التذمر والتباكي على الأطلال والتحسر على ما فات فليست الخلافة الراشدة ولا الزمن الليبرالي النهضوي الأول في نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين ولا الزمن السوفياتي ولا فترة عبد الناصر ولا حكم صدام حسين كلها فترات جميلة وعصور ذهبية يجوز لنا أن نحن إليها ونأسف على زوالها وخسوفها، فمثل هذا الشعور هو شعور سلفي متخفي في جميع العباءات والمرجعيات بما فيها المرجعيات اللائكية المادية ويتعارض مع منطق التجديد والانبعاث الحضاري نفسه لأن خير الأمور ليس في ما مضى بل في ماهو آت لأن ماهو قادم هو حتما الأفضل بينما النظرة التي ترى عكس ذلك تسقط في الأحكام المسبقة الأخلاقية التي تقيم الواقع التاريخي من زاوية تدهور الأخلاق وفساد القيم ومن جهة ما يجب أن يكون في حين أن ماهو كائن ليس قدرا مسلطا ولا حاضرا متأبدا بل هو مرحلة تاريخية وليدة عدة ظروف ساهمت في تشكلها وبسبب خيارات سياسية واقتصادية وفكرية خاطئة ويمكن اجتيازها والإقلاع من أرضها المفخخة والكف عن الإبحار في مياهها العاتية وسمائها الملبدة بالغيوم والبحث عن مسطح محايثة جديد يحقق التغيير المنشود فما الذي قاد العرب العمل للخروج إلى مثل هذه الحال؟ ولماذا هم على هذه الحال مستسلمين لوضعهم قانعين بما هم فيه؟وما هو المخرج من هذا المأزق؟ماهي البوصلة التي ينبغي أن يسترشد بها العرب في توجههم نحو المستقبل ورحلتهم نحو التحضر المطلوب؟ مأساة العرب أنه أغمي عليهم من جديد وعادوا إلى الغيبوبة والنوم الشتائي في اللحظة التي أمكن لهم فيها أن يستيقظوا يقظة نهائية ويدحروا جحافل الاستعمار وبعد أن ترافق عندهم التحرير بالتغيير وشرعوا في بناء الدولة الأمة وانطلقوا في مشروع التنمية الشاملة والإصلاح الزراعي وبعد أن عملوا على تركيز البني الاقتصادية التحتية من مصانع ومتاجر ومواني ومطارات وأسواق ومدن وجهزوا الجيوش وبنوا المدارس والجامعات ومراكز الصحة والمستشفيات وأولوا عنايتهم بالتعليم والقانون والثقافة وبعد أن شاركوا في تكوين كتلة عدم الانحياز وأقاموا علاقات شراكة مع الشرق السوفياتي والغرب الرأسمالي.كل هذا حصل عقب معايشة عصر النهوض الكبير في القرن التاسع عشر والذي عرف حركة إحياء وعودة إلى النبع الصافي الذي تدفقت منه الحضارة العربية الإسلامية من خلال دعوات السنوسية والمهدية والوهابية والتي مثلت آنذاك حركات رفض كبرى لواقع التخلف والجهل والوثنية ولشيوع الصوفية الافنائية والدروشة والشعوذة،زيادة على ظهور محاولات فكرية ليبرالية جادة على يد خير الدين التونسي والطهطاوي وفرح أنطون وشبلي شميل وسلامة موسى وأديب إسحاق وبطرس البستاني رافق جهد من أجل الإصلاح الديني قام به جمال الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمان الكواكبي وشمل علم الكلام وعلم الفقه واستفاد من العلوم والفلسفات التي تطورت في تلك اللحظة وقد توجت بمناظرات فكرية ورسائل ذات مستوى عال مع أرنست رنان ووزير الخارجية البريطاني وغيرهما عبر فيها كل طرف عن موقفه تجاه القضايا الحضارية التي تخصه.
وقد استفاد رواد النهضة من المناخ الليبرالي في أوروبا فأصدروا مجلة العروة الوثقى من باريس وكانت لسان صريح عن الحق لم تجامل ولم تعادي وشيدت لبنة أولى في قصر المعارضة العلنية السلمية التي تتناقض مع الاستبداد في الداخل والاستعمار في الخارج.
هذاالمشروع تم التراجع عنه ووضعه طي الكتمان عندما صعدت حركات التحرر الوطني على الركح وظهرت مقولات الليبرالية السياسية والماركسية الجدلية والقومية العربية والإسلام السياسي إن الآفات الأربع التي حلت بحضارة اقرأ والتي أدت إلى ضياع البوصلة وتفويت الفرصة في امكانية استئناف التجدد المدني مرة ثانية هي جنوح التيار الليبرالي إلى تبني إستراتيجية تقليد الغرب على مستوى المظهر والشكل وخاصة في اللسان(تفضيل الفرنسية أو الانجليزية والسخرية من العربية الفصحى) واللباس( البدلة وربطة العنق عوضت البرنص والجبة والعمامة) والمأكل والمشرب(ساندويتشات الهامبرغر والبيتزا عوضت الأكلات التقليدية) وفي كل النشاطات المتعلقة بالحياة اليومية مثل شكل البيت والسيارة والتمتع بأوقات الفراغ في اللهو والتسلية وكأن قدر المغلوب أنه مولع بتقليد الغالب كما يرى ابن خلدون فحارب هذا التيار الدين واللغة العربية وكل ما يرمز إلى الماضي وأسقط المسألة الوطنية من حساباته السياسية وجعل من quot;موسم الهجرة إلى الشمالquot; مقصده الأساسي فسقط في التغريب والانمحاء والذوبان في الآخر وتنكر للذات وحاول تفتيت الهوية ومثل النواة التي يجد الغرب سهولة في التعامل معها من أجل التدخل في الشؤون الداخلية للدول لتقارب الرؤى والمصالح.
أما التيار القومي الذي ظهر مع ساطع الحصري وقسطنتين زريق فقد خاض صراعا مع العثمانيين وناهض مفهوم الخلافة وفهم القومية على غرار القوميات الأوروبية أي قومية اللغة والتاريخ والمصير المشترك وتبني خيارات ماركسية مثل وحدة الطبقة العاملة ووحدة السوق من أجل وحدة العرب ونهج طريق العلمانية والاشتراكية وعاد الدين ونظر للتوحيد القسري عن طريق القوة العسكرية على غرار بسمارك في ألمانيا وشرع للاستيلاء على السلطة عن طريق الانقلاب والقوة ولما وصل إلى الحكم أهمل الديمقراطية وبني أنظمة شمولية أين يقع احتكار الحياة السياسية من قبل مجموعة من الضباط ويتبعهم حزب واحد يسير دواليب الدولة بطريقة بيروقراطية،وقد انتهى إلى تكريس القطرية والتشتت وتأبيد الحدود التي كانت وهمية فأصبحت سياج مقدس
للإقليم القاعدة التي ستنطلق منه الثورة العربية المنشودة والتي ستفجره الطليعة الواعية والصفوة المختارة،كما شخصن هذا التيار الأفكار وقدس مفهوم الزعيم الرمز وتشكلت بنية هرمية في العقل القومي تنهار دعائم الفضاء العام بمجرد القضاء أو اختفاء الرأس المدبر،ولعل أكبر مصيبة عانى منها هذا التيار هي قربه من الاتجاه
العلماني الماركسي وتناقضه مع الإسلام السياسي والذي وصل إلى حد استخدامه للحل الأمني الاستئصالي في العراق وسوريا ومصر وليبيا وكذلك الخلافات بين الزعامات على قيادة المشروع القومي والتي وصلت إلى حد التنازع حول المرجعية والتخوين وتدبير حاولات الانقلاب والاتهام بالتحريفية والكل يدعي أنه أمين القومية العربية.
في حين نشأ التيار الماركسي بين أحضان اليهودية العالمية واهتم بمسألة الأممية والنضال من أجل الطبقة العاملة وأسقط من حسابه البعد الوطني ولم يطرح البعد القومي كقضية حارقة إلا في فترة متأخرة،علاوة على اصطدامه بالمقدس الديني وتبنيه خيار الإلحاد والمادية الفجة ومجاهرته بذلك بحثا عن التميز والخصوصية مما قلص من فرصة تحوله إلى تيار جماهيري شعبي وبقائه تيارا نخبويا لم يعتنقه سوى القلة من أبناء البرجوازية المتعاطفين مع قضايا العمال تعاطفا نفسيا لا غير، وقد اتجه في ولائه شرقا نحو المظلة السوفياتية وكان يعرف عن تاريخ الحركة العمالية وتراث الماركسية أكثر مما يعرف عن تاريخ بلاده ومن تراثه العربي الإسلامي وكان يتعاطف مع قضايا العمال والبلدان الاشتراكية أكثر من تعاطفه مع قضايا أبناء وطنه وملته وخاصة القضية الفلسطينية، إذ يوجد إلى حد اليوم من هذا التيار من يرى أن فلسطين مجرد أسطورة خلقها الهوس الديني للعرب وأن الفلسطينيين ليس لهم حق الوجود،ومأساة هذا التيار أنه كثيرا ما يسقط في المواقف الماكيافيلية الانتهازية ويؤثر التعاون مع الأنظمة الرجعية الفاسدة من أجل تصفية خصومه من القوميين والليبراليين والاسلاميين ويميل إلى الأرذودوكسية في علاقته بالتجربة اللنينية الستالينية أو التروتسكية أو الماوية ويجعل من المتن الماركسي نصا مقدسا لا يجوز تأويله بل ينبغي الاكتفاء بتفسيره وبالتالي يسقط من الحساب الديمقراطية السياسية والحرية ولا يهتم إلا بالديمقراطية الاجتماعية والعدالة وقد تعرض إلى أزمة كبيرة عند انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين ولكن صعود اليسار في أمريكا اللاتينية على يد تشافاز وتنامي القوى
المناهضة للعولمة أنعش آمال مريديه بالاستثبات ومواصلة التبشير بنفس الشعارات.
بيد أن مشكلة التيار الإسلامي معقدة ومستعصية الحل لأنه حسب بعض المؤرخين المرشح الكبير لقيادة المشروع الحضاري المستقبلي والقادر على بناء كتلة تاريخية عريضة أكثر من التيارات الأخرى ولكن مصيبة هذا التيار بدأت بتشكل فكر الإخوان المسلمين مع حسن البنا الذي تراجع عن مبادىء فكر عصر النهضة ونادي بالتربية
والعمل الخيري أولا ثم مال إلى التيار الليبرالي والعمل السياسي البراغماتي ففشل فشلا ذريعا وأدى إلى صعود الضباط الأحرار وتشكل دولة ذات توجه قومي فأصبحت القومية من منظور هذا الاتجاه فكرة منتنة ومن هنا اندلع التنازع حول المشروعية بين العروبة والإسلام وظهرت مقولات الجاهلية الجديدة والطاغوت والفئة الضالة
واستخدم الطرفين سلاح التخوين والتكفير فساهمت كتابات سيد قطب في بروز إسلام متشدد يميل إلى العمل المسلح ويقسم المجتمع إلى مؤمنين وكفار والعالم إلى دار إيمان ودار حرب فظهرت جماعات التكفير والهجرة والجهاد والناجون من النار والجماعة الإسلامية وانحصر النشاط الاخواني في الجانب الدعوي الوعظي والارشادي والذي لا يختلف فيه عن جماعة الدعوة والتبليغ وجماعة الصوفية ومؤسسة الأزهر إلا
في عدد الأتباع الذي يظل مرتفعا مهما كانت الوضعيات معقدة وذلك لقرب أفكاره إلى أفهام الناس
ولامتلاكهم تقاليد عريقة في العمل التعبوي التجييشي. المطب الثاني الذي وقع فيه الإسلام السياسي كان هذه المرة شيعيا إيرانيا فرغم التفاؤل الذي حدا البعض من المنتمين للفضاء العربي السني بعد نجاح الثورة الإيرانية ومساهمة القراءة التقدمية للدين في هذه الثورة إلا أن سيطرة الملالي الاثني عشري على الدولة وإلغاء النشاط الحزبي وتصفية الخصوم من ليبراليين وعلمانيين وماركسيين بل وحتى إسلاميين تقدميين من الشيعة والسنة على السواء والتنظير إلى تصدير الثورة عن طريق القوة كل ذلك ساهم في تلاشي هذا التفاؤل وتخوف الجميع من هذا المد المذهبي وقد ترجم هذا التخوف بالحرب الإيرانية العراقية والتي هي تعبير عن تنازع ثان بين الإسلام ممثلا في ايران الخميني والعروبة ممثلة في عراق البعث وصدام حسين وقد انقسم الشارع العربي آنذاك إلى شطرين: القوى الإسلامية تساند ايران والقوى القومية والماركسية والليبرالية تساند العراق وحصلت تطاحنات وخصومات كثيرة تشكلت على إثرها عداوات وعقد دفينة تفجرت في تمرد والاسلاميين الشيعة وتحالفهم مع القوى الغازية
وخيانة المشروع الوطني الذي يدعى امتلاكه لمشروع قومي. المصيبة الثالثة التي حلت بالتيار الإسلامي هي نتيجة ما سمي بالجهاد ضد الملحدين السوفيات في أفغانستان والتي على إثرها تكون تيار سلفي تمظهر في طالبان والقاعدة التي فجرت اللعبة السياسية العالمية وأربكت المشهد يوم 11سبتمبر 2001 عندما هاجمت برجي التجارة العالمية في العمق الاستراتيجي للمشروع الرأسمالي الغربي والذي نتج عنه تدمير كل من أفغانستان والعراق بالكامل من قبل جيوش التحالف الغربي وقد وصل المد السلفي إلى مختلف أجنحة الإسلام السياسي في العالم وازداد اتجاهها نحو المحافظة والتعصب وتنامي الفهم الحرفي للنصوص وانحسر مد تيار التجديد الإسلامي ووقع توظيفه من طرف الأنظمة الشمولية الموالية للغرب تحت عنوان تشجيع التنوير ومحاربة الظلامية،والمأساوي أن هذا المد السلفي اقتحم مجال الحركات المقاومة للصهيونية والامبريالية وتغلغل داخل صفوف الإسلام المقاوم في العراق وأعلن قيام إمارة إسلامية هلامية تزيد الوضع سوءا وتخرب ما حققه البواسل من انجازات على الميدان وانعكس سلبا في الصراع الفلسطيني بين حماس وفتح وفي لبنان من أجل
التشويش على حزب الله ومشروعه من أجل بناء جبهة وطنية من أجل الإصلاح والتحرير تحت مسميات مختلفة من نوع فتح الإسلام وعصبة الأنصار وجند الشام وهي كلها تنظيمات ناشئة تتحرك داخل البارديغم الأصولي لها ارتباطات خارجية مع أجندات متشابكة وتخدم مصالح متضاربة تضر المشروع الوطني الفلسطيني أكثر مما تخدمه،وعيوب التيار الإسلامي كثيرة أهمها أنه يؤمن بالشعارات أكثر من إيمانه النظريات العلمية مثل شعار الإسلام هو الحل أو تطبيق الشريعة أو الحاكمية لله وتركيزه على فقه الحدود ومنظومة العقوبات أكثر من فقه المعاملات ومنظومة الحقوق،زيادة على تحفظه إزاء مسألة الديمقراطية وعدم وجود تأصيل شرعي لهذه القيمة الكونية وتعامله البراغماتي معها فهو يستعملها عندما يريد الوصول إلى السلطة ولكنه لا يتردد في مصادرتها وتعطيلها عندما يتمكن من الاستيلاء عليها. وقد وقع تطبيق المنهج الإسلامي في العديد من التجارب السياسية مثل السودان وأفغانستان والأردن والسعودية وإيران والمغرب وقد فشل في نسخته الاخوانية السلفية وحقق بعض المكاسب الجزئية في نسخته المعتدلة المعلمنة.
نستخلص إذن أن آفة الليبرالية هي التغريب والميوعة وآفة القومية هي التقوقع والاستبداد وآفة الماركسية هي الشمولية والإلحاد وآفة الإسلامية هي السلفية والتكفير والجميع يلتقون في نقطة مشتركة وهي فشلهم في زرع نبتة الديمقراطية داخل مسطح المحايثة الذي اقتطعه العرب والمسلمين من السديم للإقامة في العالم،
والجميع يميلون إلى الإقصاء واللجوء العنف لحل الخلافات ولإسكات كل الأصوات المعارضة، فما العمل للتطهر من هذه الآفات والعمل على صنع المستقبل؟ لا يمكن أن يأتي الحل من البنية الفوقية فهي متهاوية ومتهالكة وبعيدة عن الشعوب ومرتبطة بالدوائر الغربية ولا يأتي من النخب المثقفة فهي متعفنة ومنافقة، تتمعش
من موائد الأنظمة ومتواطئة مع المشاريع المعولمة تبرر ماهو سائد وتشرعن الاستعمار باسم التنوير والاستبداد باسم ضمان الأمن والسلم شعارها quot;سلطان غشوم خير من فتنة تدومquot;،إن الحل يأتي من البنية التحتية يحمله إلينا التاريخ عبر منعطفاته الكبرى وهزاته وانتفاضاته ومن خلال الطبقة الناشئة الطالعة من عمق الشعب ومن ظهر العدم علي حين غرة من الزمن المعتاد وفي قلب الظهيرة العظمى من زمنية الوجود. انه من الضروري القيام بمراجعات جذرية في صميم الأسس الفلسفية التي تستند عليها التيارات الفكرية الرئيسية لحضارة اقرأ عبر الاعتماد على
الرؤى النقدية التفكيكية التي تكشف عن اللاعقلانية في الممارسات السياسية اليومية، فمتى يسترد العرب بوصلتهم المفقودة ويقومون بتغيير القبلة من تقليد الماضي إلى صنع المستقبل؟ ومتى نتباهى ونرفع رؤوسنا ونعتز ولا نخجل عندما نقول أننا عرب؟ أليس الأعرابي هو صانع الحضارة ومعلم العالم؟ ألا ينبغي أن نهتدي
بنيتشه الذي أنشد متفائلافي الشذرة 373 من كتابه العلم المرح:quot;الحقيقة هي أننا نحن أنفسنا في نمو، نخلع
عنا قشورا بالية،في تغير دائم، نكتسب جلدا جديدا كل ربيع،لا نفتأ نصير شبابا أكثر فأكثر،نصير مستقبليين شامخين،أقوياء، نغرس جذورنا دائما بقوة أكبر في الأعماق -في الشر- بينما في الوقت نفسه نعانق السماء دائما بحب وسعة أكثر،وبكل أغصاننا،بكل أوراقنا نمتص ضوءها بتعطشquot;...؟
* كاتب فلسفي
التعليقات