مبدأ الاقتصاد الفرضي
يغتصب علم المنهج بانتهاجه مبدأ الإقتصاد الفرضي، هذا المنهج حقق فرحة مذهلة للعقل والطبيعة والحياة، ولكن الجسد شيء آخر، الجس يتمرّد على الافتراض المسبق، هذا المنهج يتعامل مع مادته باخلاص العلاقة، ويتعاطى مع الكون بعفوية مشبعة بدرجة ملموسة بصدق الكون، عفوية سادرة في أعماق التصور المذكور، الجسد لعبة ساحرة، تتضمن كل التوقعّأت، حتى القبلة لن تقدر على تعرية الجسد كاملا، الجسد أكثرإنسيابية من الماء السائر على منحدر زجاجي أملس، أكثر إلتواء من الرياح الهائجة، أ كثر هدوءا من سمت الصوفي الصادق، أكثر صخبا من هياج المخمور الذي يطلب المزيد من خمرته المسروقة، أكثر دبلوماسية من الطفل...
هنا استرجع الكم الهائل من احتمالات الحب، فإنها أكبر رد على منهج الاقتصاد الفرضي مع الجسد،هذ االمنهج الذي ساد كل فروع المعرفة البشرية.
هل يمكن أن نحصر الحب في كومة من الاحتمالات؟
هراء!
هل يمكن أن نسجن الحب في قائمة التوقعات؟
خيال مريض لا يتعامل مع الحب من منظور الحب ذاته، يتعامل مع الحب بميزان أهل السلع، والحب أسمى، الجسد قصّة تحتمل استشراف مستقبل محسوب بكومة من النهايات المُحتمَلة، الجسد قصّة لن تنتهي، نص كوني يتلوّن مع كل القراءات، يخون كل من يخونه ن فوضى معتزّrsquo; بنزقها الصارخ، بنزقها الذي يعصي على التاريخ، بنزقها الخارج على تقاليد الهوية والنموذج والسياق والإحالة، نزق هوائي متقلّب، يتعرّى ويحتجب، يخمر ويصحو، يشهق ويكتم، لا إفتراض مسبق مع الجسد.
ولكن هل يعني هذا إن الجسد رهين اليقين؟
رهين رقم واحد يُرهب فضائية الفكر، نسق محكم من النتائج التي من شأنها الدفع إلى التوقّع الموحّد؟
لست أدري هل كان الاله وهو يخطط للجسد يلعب النرد؟
قسوة اليقين على الجسد
اليقين أقسى على الجسد من الافتراض، اليقين أ عمى، يقود على حافة الطريق، على حافة السيف، لا لكي نستمتع بخطر المغامرة الحرّة، لا لكي نتنفس شهوة التأرجح المرن، بل لكي نحذر، لكي نخاف، لكي لا نسال، لكي نتكرر دائما.
اليقين يحيل الجسد إلى نشارة خشب مبكوسة إلى الأبد، يضمّد الخيوط الجريحة في الجسد، وتلك جريمة كبرى، فتلك الجروح التي تستنبت في روحنا فوضى اللذة، تلك جروح إلهية، تُغمِّس في أعماقنا عطش الله، فنصرخ من أجل شهوة الإرتواء، اليقين يخدش صورة الله على أجسادنا وفي أجسادنا، يحيل الجسد إلى أقيونة تاريخية صامدة، ساكنة، مشغولة بنظرات الساذجين، والجسد نزق تاريخي، هوس جغرافي، صُدفة فيزياوية، اختلال كيمياوي، خبط أ رقام، أوهام ميثولوجية، غموض فسيوجلي، حيل إقتصادية، خيال سسيولجي، غياهب جيولجية...
قتلوا الجسد بالافتراض المسبق، واليقين اللاحق، بالافتراض المشتق من ظهرورات خادعة ويقين مختار من كومة الافتراضات الملقات على قارعة الطريق، قارعة الانتظار...
الجسد احتمال!
احتمال دائم!
أو... الجسد فرض لعوب!
علم المنهج القائم على فكرة الاقتصاد الفرضي يختصر الجسد، يفترضه صلدا، يفترضه مُصمَتا، يفترضه أبعادا مرقّمة، لا يخرج عن دائرة الحساب المحصورة بين الوتر والشفع، فيسهل الإختيار، ويسهل الترجيح، ويسهل القطع.
كي أتحرر من محنة الاختصار اهرب إلى الحب، الحب بملحمته الاحتمالية، الافتراض المسبق نظرية تنتظر الاثبات،الاحتمال رؤية مستمرة، لا تلغي الغير، تتفاعل مع الغير، المُخالف والمُناظر والموازي والمُعاضد والمداهن والمحيي والمميت، الجسد ثورة احتمالية مستمرة.
لا حدود لاحتمالات الحب، ولذا هو ملجا للهروب من محنة الاختصار، من جريمة الاختصار، موت، إنتحار، جنون، ذوبان، وله، وهم، نسيان، هيام، حزن، فرح، غضب، هوس، رضا، تناقض، إنسجام... وتستمر مسيرة الحب تسجل كل ما يرد على الخيال البشري من ممكن...
الاحتمال في لغتي هذه يعادل الافتراض اللعوب.
الظن يتيه في فضاء الجسد
والظن هو الآخر لا قدرة له على التحكم بالجسد، الظن بحد ذاته مذموم لدى الكثير من المناهج المنطقية القديمة، تنفر الحكمة المتعالية من الظنون، تعتبرها علوما نا قصة، والعلوم الحقيقية هي تلك العلوم القطعية في قاموس الفلسفات المدرسية، العلم لا يتناول الجزئي، يتناول الكليات، الكليات هي مناط الشرف العقلي، والظن على هامش العلم.
الجسد قد يستدعي الظنون أكثر من اليقين، لانه كائن مرن، لبق، متحرك، زئبقي، متموج، مقدماته لا تؤدي إلى نتائجها المتوقعة، يغري بموقف صلب، فيما تتغير المعادلة تماما في لحظة التعامل معه على أساس ذلك الموقف الذي بدا أكيدا.
يخيب الجسد الظن، رغم أن الظن ثورة فكرية، ثورة علمية، ثورة فلسفية، ثورة أنقذتنا من غرور اليقين، ولكن رغم ذلك يخسر الظن كل مميزاته وخصائصة الجميلة دون التحكم أو الحكم على الجسد.
تلمّس بهدوء وشفافية وفن دقيق (رأس) حلمة نهد اسيوي، قد تظن مسبقا نوعية الاستجابة، ولكن سوف تصطدم بحقيقة مرّة، سوف يخيب ظنك تماما، سوف تصرخ، تهرول وراء الموقف، تشدك غرابته أكثر وأكثر، تموج فيك الظنون حتى تغرقك في ضبابها اللاهوتي الاعمى.
تلمّس سفح نهد سويدي في بداية تطلعه للحياة، سوف يخيب ظنك، فما كنت تتوقعه قد يكون على العكس تماما، هناك سوف تهرول وراء جهلك المطبق بالجسد.
هذا هو الجسد، عصي على الظن كما هو عصي على اليقين، عصي على المعرفة، ولو كان طوع اليقين أ و الظن لضاع سحره، وانتفى لعبه، وغابت شهوته، واندثر ليله، ذلك الليل الذي يتحدى كل قوانين الكون، ويتمرد على كل قوانين الفكر والحياة.
يتسرّى الجسد إلى سفح الظلام فيثير فينا فتنة الفجر، يتسرّى إلى سفح الفجر لينعش فينا ظلمة الليل، تتناوب الاصابع على ملمسه، فتستمدُّ أصابعنا من رغوته صلاحية البقاء على ذمة الحياة، تمضي على الجسد حسراتنا الحارقة فتنعم هي بشهوة مرغوبة من كل قريب وبعيد، يغذينا الجسد بكل ما يحيي العظام الرميم وينعش اللحم بفورانه الصارخ، ويرقّص كل ذرة من ذرات دمائنا في شرايينها التي هي الا خرى تعلن ثورتها من أ جل الحياة من جديد.
لكل شي إحالة، وليس للجسد إحالة، النظريات تحال على البيديهات، والأصول تحال على الفروع، والكليات تحال على الجزئيات، وا لمركبات تحال على العناصر الاولى، ولكن علموني أي شي نحيل عليه الجسد؟
لا شيء...
الجسد يُحال على الجسد وحده!
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات