عنصر أساسي من عناصر الخلط والاختلاط في عالمنا الشرقي يرجع إلى استخدام مفاهيم متفق أو متعارف عليها، بمحتوى مغاير لمحتواها الأصيل، وقد يأتي هذا الخلط -أو فلنقل التضليل- تلقائياً عبر التشوهات الفكرية والثقافية في مجتمعاتنا، وقد يكون متعمداً، يهدف لتجميل توجهات تستقبحها الإنسانية جمعاء، وتستحسنها فقط قطاعات من شعوبنا، تنتمي إلى المراحل المتوحشة من تاريخ البشرية، لكنها رغم هيامها أو اعتناقها لتلك التوجهات، لا تجرؤ في الأغلب على مواجهة نفسها قبل غيرها بالتسمية الحقيقية والمناسبة لتلك التوجهات، فتلجأ إلى استعارة تسمية تختص بمفهوم غير مختلف عليه، لتطلقه على توجهاتها ونزعاتها البدائية.
فما درجنا على تسميه quot;ثقافة المقاومةquot; أو quot;خيار المقاومةquot;، صار يحتوي على مفهوم مغاير تماماً لكل ما يعرفه ويقر به العالم لهذا المفهوم، فالمقاومة كمفهوم هي فعالية تستهدف استعادة حق أو دفع ضرر، ومن المفترض أنها لا تستهدف بالأساس شخوص الطرف المقابل محاولة إبادتها مثلاً، وإنما تستهدف إجبار الخصم على تغيير موقفه أو طبيعة علاقاته مع الطرف المتضرر أو المقاوم، وعلى هذا الفهم بالتحديد استطاعت البشرية أن تضع قواعد واتفاقيات يلتزم بها الجميع أثناء الحروب، كما تتوصل إلى تحريم إنتاج واستخدام نوعيات من الأسلحة، وهي بالتحديد التي توقع الضرر بالأفراد المتحاربين بالأساس، دون أن تسعى إلى شل قدراتهم القتالية بالدرجة الأولى، ليأتي استهداف الأشخاص بعد ذلك كنتيجة ثانوية غير مقصودة لذاتها.
هنا يمكن للسادة الذين يتمحكون في عدم وجود تعريف متفق عليه وعادل للإرهاب أن يجدوا ضالتهم، بالطبع إن كانوا في مطالباتهم مخلصين لقضية التفرقة بين المقاومة والإرهاب، ولم يكن جل ما يسعون إليه هو تعميم الخلط والتضليل، وسن تعريف ينقذ إرهابييهم من وصمهم بالتسمية الوحيدة التي يستحقونها.
فالفرق التي تتبنى أيديولوجيات الكراهية لأي قطاع من البشر، وتسعى في فعالياتها لقتلهم، سواء لأنها تصنفهم كأعداء الله، أو كمغتصبين لحق من الحقوق، لا ينطبق عليها بأي حال تعريف المقاومة الذي أوردناه وتعارف العالم عليه، والثقافة التي تستعير مفهوم المقاومة لتطلقه على مثل تلك الجماعات، ما هي إلا ثقافة القتل والإجرام، وهي ما يتم ترويجه في هذه المنطقة المنكوبة بمثقفيها وثقافتها، وقطعان المثقفين والإعلاميين العرب ذوو الخطاب التحريضي الرائج ، يرتكبون أبشع جرائم التاريخ في حق شعوبهم بالدرجة الأولى، وفي حق الحضارة والإنسانية بالدرجة الثانية، بما يمارسون من خلط وتضليل عبر إساءة توظيف المفاهيم.
فمفهوم مقاومة الآن لم يعد يستهدف دفع الضرر عن شعوبنا، وإنما يعني بالأساس إلحاق التدمير والإبادة للآخر الذي نناصبه العداء، وصار محتوى المفهوم مجرد نزعات بدائية متوحشة، تجرد الإنسان في هذه المنطقة من كل ميراث المدنية والتحضر، الذي هو حصيلة سعي الإنسان عبر آلاف السنين من التفاعل مع مكونات الطبيعة، والتفاعل بين الأفراد وبعضهم البعض، والذي أثمر تراكماً من الأخلاقيات والمبادئ، اختلفت نوعياً حسب درجة تحضر الشعوب، لكن اشترك الجميع في حد أدنى غير قابل للتجاوز، ويمكن أن نبسط ذلك الحد الأدنى بتلخيصه في وصية quot;لا تقتلquot;، فرغم أن quot;القتلquot; قد ظل معلماً أساسياً من معالم الصراع الإنساني عبر مسيرة الإنسان وحتى يومنا هذا، إلا أنه لم يحظ يوماً بالاستحسان أو الافتتان بممارسته، وإنما بقي فعلاً بغيضاً، قد ينجرف إليه الإنسان في حالات استثنائية خاصة، ثم لا يلبث حين يسترد وعيه، أو تخف عليه وطأة الظروف الاستثنائية، أن يعود إلى سيرته الطبيعية، محافظاً على الحد الأدنى من التحضر البشري.
فيما بقي السلام أمنية لجميع الشعوب وهدفاً سامياً تسعى إليه، وهو ما قد تضطر لعبور أنفاق من الصراع دون أن يغيب عنها هدفها الذي تسعى للوصول إليه بأسرع ما تستطيع، فتخوض الصراع وهي وتهفو للسلام، بل ويمكننا القول أن الاشتياق للسلام يكون على أشده في فترات الصراع بين الشعوب، ولولا هذا لامتدت الحروب والصراعات بين البشر بلا نهاية، ولكان التدمير هو منحى مسيرة الإنسان، لتتجه مباشرة نحو الفناء، لتلك المخلوقات التي عجزت عن التآلف الذي توصلت إليه بالغريزة مملكة الحيوان!!
من الواضح لكل من يمتلك عقلاً وقلباً يتصف بالحد الأدنى من التحضر الإنساني، أن خطاب القتل الذي يتم الترويج له حالياً في شرقنا الكبير، ينتمي إلى النزعات البدائية المتوحشة التي وجد عليها الإنسان قبل أن يعرف الحياة المشتركة في الأسرة ثم القرية والمدينة ثم الدولة، دليل ذلك أن كلمة السلام تغيب تماماً عن خطاب أبطال التحريض والكراهية، والذين يسيطرون على جميع المنابر بفاعلية تثير الدهشة، فبفضل هذه المنابر صار قاتل شعبه وجيرانه صدام المقبور بطل العروبة، وأسامة بن لادن والظواهري ومحمد عطا من المجاهدين الأبرار الذين أذلوا الطاغوت، وصار مقتدى الصدر والزرقاوي أبطال تحرير العراق، والسيد حسن نصر الله بطل تحرير لبنان وفلسطين، بل وبطل أبطال ما يسمى بالأمة العربية والإسلامية من أدنى الكرة الأرضية إلى أقصاها، وهو يتباهى بنصر إلهي أثمر أكثر من ألف قتيل لبناني، وصارت عصابات حماس الخارجة على الشرعية الدولية والفلسطينية هم أبطال الجهاد والتحرير والصمود، فيما شعب غزة يتضور جوعاً ويترنح مرضاً، وصارت أجهزة القتل الجهنمية البعثية السورية هي ذراع العروبة، القادر على إحباط المخططات الأمريكية الصهيونية لتركيع عالمنا العربي، عبر تدمير الكيان اللبناني، واحة الحضارة الأولى وتكاد تكون الوحيدة في صحرائنا العربية الصامدة لغزو الحضارة!!
المسلسل الذي يبدو بلا نهاية من القتل المتبادل بين السنة والشيعة في العراق، ليس بأي حال فتنة طائفية، كما أن ما يحدث من تفجيرات إجرامية بين الحين والآخر بهذه الدولة العربية أو تلك ليس خلافاً سياسياً بين جماعات ثائرة أو متمردة وبين النظام الحاكم في تلك الدولة، وعلى ذات النهج ليست أعمال القتل وتفجير الحافلات والأسواق التي تمارسها المنظمات الفلسطينية في أنحاء إسرائيل أعمال مقاومة لإزالة الاحتلال، فكل ما يساق في هذا الصدد من مبررات هي في الحقيقة تبريرات، تحاول عبثاً ذر الرماد في العيون، لطمس الحقيقة التي يراها العالم كله، ولا يفيد تعامينا عنها، سواء كان التعامي من قبيل التواطؤ أو الغفلة، الحقيقة أننا نجني الثمار الطبيعية لثقافة القتل التي أرضعناها لشبابنا، عبر تشويه وتزييف المفاهيم، خداعاً لأنفسنا قبل أن تكون خداعاً للعالم من حولنا، متصورين أن نيران تلك الثقافة ستحرق فقط الأعداء الذين اخترعناهم، غير مدركين عاقبة تربية الذئاب، أو بالأصح عاقبة ضخ دماء ذئاب في شرايين أبنائنا.
عبثاً محاولة محاصرة القتل والتدمير في العراق بعقد اجتماعات واتفاقات بين قادة السنة والشيعة، مادام السبب الحقيقي لأعمال القتل هو تعرض الشعب العراقي البطل ndash;صاحب أول حضارات العالم- لعمليات غسيل مخ إجرامية، تقوم بها جميع الدول المحيطة، والقنوات التليفزيونية المناضلة، ببث خطاب الكراهية والقتل، بدعوى مقاومة قوات تحرير العراق من نير التخلف والاستبداد.
وعبثاً تحاول كثير من الدول العربية تتبع تشكيلات تقومون بأعمال التفجير هنا أو هناك، فيما جميع منابرها ومناهجها التعليمية تنفخ في كير الكراهية والقتل، ترضعه للأطفال مع حليب الأمهات، وتصدره للعالم دماراً وحقداً يعبر الصحارى والمحيطات، يدمر ليرتد علينا بالدمار، لنعود نصرخ ونولول من تحالف العالم علينا، متعللين به لترويج المزيد من خطاب الكراهية والقتل!!
يمكن لمن يشاء ألا يعتبر تلك السطور دعوة لكف الأذى عن شعوب العالم المتحضر، والتي تقدم لنا معظم مقومات حياتنا، ولا تجد منا غير العداء والكراهية.
كما يمكنه أيضاً ألا يعتبرها تحسراً على القيم الإنسانية المهدرة بين ظهرانينا، وعلى تجريف قشرة الحضارة التي سمحت لنا إمكانياتنا الضئيلة على التحضر بامتلاكها.
يمكن اعتبارها مجرد دعوة لأن نرحم أنفسنا من أنفسنا، حتى لو كان سيترتب على ذلك حرمان العالم من أحزمتنا الناسفة وسياراتنا المفخخة، فمع شديد الأسف لا يمكننا أن نحظى بالسلام ونحن ندبر الموت والدمار للعالم، فإما أن نعد أولادنا ليكونوا حمائم وبناة حضارة، فيكونون كذلك في تعاملهم فيما بينهم، وتعاملهم مع العالم من حولهم، أو نعدهم ليكونوا أدوات تدمير وآنية كراهية، وعندها سيمارسون الخسة والقتل في جميع تعاملاتهم دون استثناء، فعلى حد علمي لا يوجد إكسير يمكن حقن الذئاب به، يعلمها التفرقة في ممارساتها، لتكون ذئاباً مع الآخر الغربي الكافر، وحمائم مع من ربوها على أن تصير ذئاباً، وعموماً وإلى أن نكتشف هذا الإكسير المعجزة، علينا إما أن نتحمل عضات ذئابنا ولدغات ثعابيننا، أو أن نكف عن تربية الذئاب!!
[email protected]
فما درجنا على تسميه quot;ثقافة المقاومةquot; أو quot;خيار المقاومةquot;، صار يحتوي على مفهوم مغاير تماماً لكل ما يعرفه ويقر به العالم لهذا المفهوم، فالمقاومة كمفهوم هي فعالية تستهدف استعادة حق أو دفع ضرر، ومن المفترض أنها لا تستهدف بالأساس شخوص الطرف المقابل محاولة إبادتها مثلاً، وإنما تستهدف إجبار الخصم على تغيير موقفه أو طبيعة علاقاته مع الطرف المتضرر أو المقاوم، وعلى هذا الفهم بالتحديد استطاعت البشرية أن تضع قواعد واتفاقيات يلتزم بها الجميع أثناء الحروب، كما تتوصل إلى تحريم إنتاج واستخدام نوعيات من الأسلحة، وهي بالتحديد التي توقع الضرر بالأفراد المتحاربين بالأساس، دون أن تسعى إلى شل قدراتهم القتالية بالدرجة الأولى، ليأتي استهداف الأشخاص بعد ذلك كنتيجة ثانوية غير مقصودة لذاتها.
هنا يمكن للسادة الذين يتمحكون في عدم وجود تعريف متفق عليه وعادل للإرهاب أن يجدوا ضالتهم، بالطبع إن كانوا في مطالباتهم مخلصين لقضية التفرقة بين المقاومة والإرهاب، ولم يكن جل ما يسعون إليه هو تعميم الخلط والتضليل، وسن تعريف ينقذ إرهابييهم من وصمهم بالتسمية الوحيدة التي يستحقونها.
فالفرق التي تتبنى أيديولوجيات الكراهية لأي قطاع من البشر، وتسعى في فعالياتها لقتلهم، سواء لأنها تصنفهم كأعداء الله، أو كمغتصبين لحق من الحقوق، لا ينطبق عليها بأي حال تعريف المقاومة الذي أوردناه وتعارف العالم عليه، والثقافة التي تستعير مفهوم المقاومة لتطلقه على مثل تلك الجماعات، ما هي إلا ثقافة القتل والإجرام، وهي ما يتم ترويجه في هذه المنطقة المنكوبة بمثقفيها وثقافتها، وقطعان المثقفين والإعلاميين العرب ذوو الخطاب التحريضي الرائج ، يرتكبون أبشع جرائم التاريخ في حق شعوبهم بالدرجة الأولى، وفي حق الحضارة والإنسانية بالدرجة الثانية، بما يمارسون من خلط وتضليل عبر إساءة توظيف المفاهيم.
فمفهوم مقاومة الآن لم يعد يستهدف دفع الضرر عن شعوبنا، وإنما يعني بالأساس إلحاق التدمير والإبادة للآخر الذي نناصبه العداء، وصار محتوى المفهوم مجرد نزعات بدائية متوحشة، تجرد الإنسان في هذه المنطقة من كل ميراث المدنية والتحضر، الذي هو حصيلة سعي الإنسان عبر آلاف السنين من التفاعل مع مكونات الطبيعة، والتفاعل بين الأفراد وبعضهم البعض، والذي أثمر تراكماً من الأخلاقيات والمبادئ، اختلفت نوعياً حسب درجة تحضر الشعوب، لكن اشترك الجميع في حد أدنى غير قابل للتجاوز، ويمكن أن نبسط ذلك الحد الأدنى بتلخيصه في وصية quot;لا تقتلquot;، فرغم أن quot;القتلquot; قد ظل معلماً أساسياً من معالم الصراع الإنساني عبر مسيرة الإنسان وحتى يومنا هذا، إلا أنه لم يحظ يوماً بالاستحسان أو الافتتان بممارسته، وإنما بقي فعلاً بغيضاً، قد ينجرف إليه الإنسان في حالات استثنائية خاصة، ثم لا يلبث حين يسترد وعيه، أو تخف عليه وطأة الظروف الاستثنائية، أن يعود إلى سيرته الطبيعية، محافظاً على الحد الأدنى من التحضر البشري.
فيما بقي السلام أمنية لجميع الشعوب وهدفاً سامياً تسعى إليه، وهو ما قد تضطر لعبور أنفاق من الصراع دون أن يغيب عنها هدفها الذي تسعى للوصول إليه بأسرع ما تستطيع، فتخوض الصراع وهي وتهفو للسلام، بل ويمكننا القول أن الاشتياق للسلام يكون على أشده في فترات الصراع بين الشعوب، ولولا هذا لامتدت الحروب والصراعات بين البشر بلا نهاية، ولكان التدمير هو منحى مسيرة الإنسان، لتتجه مباشرة نحو الفناء، لتلك المخلوقات التي عجزت عن التآلف الذي توصلت إليه بالغريزة مملكة الحيوان!!
من الواضح لكل من يمتلك عقلاً وقلباً يتصف بالحد الأدنى من التحضر الإنساني، أن خطاب القتل الذي يتم الترويج له حالياً في شرقنا الكبير، ينتمي إلى النزعات البدائية المتوحشة التي وجد عليها الإنسان قبل أن يعرف الحياة المشتركة في الأسرة ثم القرية والمدينة ثم الدولة، دليل ذلك أن كلمة السلام تغيب تماماً عن خطاب أبطال التحريض والكراهية، والذين يسيطرون على جميع المنابر بفاعلية تثير الدهشة، فبفضل هذه المنابر صار قاتل شعبه وجيرانه صدام المقبور بطل العروبة، وأسامة بن لادن والظواهري ومحمد عطا من المجاهدين الأبرار الذين أذلوا الطاغوت، وصار مقتدى الصدر والزرقاوي أبطال تحرير العراق، والسيد حسن نصر الله بطل تحرير لبنان وفلسطين، بل وبطل أبطال ما يسمى بالأمة العربية والإسلامية من أدنى الكرة الأرضية إلى أقصاها، وهو يتباهى بنصر إلهي أثمر أكثر من ألف قتيل لبناني، وصارت عصابات حماس الخارجة على الشرعية الدولية والفلسطينية هم أبطال الجهاد والتحرير والصمود، فيما شعب غزة يتضور جوعاً ويترنح مرضاً، وصارت أجهزة القتل الجهنمية البعثية السورية هي ذراع العروبة، القادر على إحباط المخططات الأمريكية الصهيونية لتركيع عالمنا العربي، عبر تدمير الكيان اللبناني، واحة الحضارة الأولى وتكاد تكون الوحيدة في صحرائنا العربية الصامدة لغزو الحضارة!!
المسلسل الذي يبدو بلا نهاية من القتل المتبادل بين السنة والشيعة في العراق، ليس بأي حال فتنة طائفية، كما أن ما يحدث من تفجيرات إجرامية بين الحين والآخر بهذه الدولة العربية أو تلك ليس خلافاً سياسياً بين جماعات ثائرة أو متمردة وبين النظام الحاكم في تلك الدولة، وعلى ذات النهج ليست أعمال القتل وتفجير الحافلات والأسواق التي تمارسها المنظمات الفلسطينية في أنحاء إسرائيل أعمال مقاومة لإزالة الاحتلال، فكل ما يساق في هذا الصدد من مبررات هي في الحقيقة تبريرات، تحاول عبثاً ذر الرماد في العيون، لطمس الحقيقة التي يراها العالم كله، ولا يفيد تعامينا عنها، سواء كان التعامي من قبيل التواطؤ أو الغفلة، الحقيقة أننا نجني الثمار الطبيعية لثقافة القتل التي أرضعناها لشبابنا، عبر تشويه وتزييف المفاهيم، خداعاً لأنفسنا قبل أن تكون خداعاً للعالم من حولنا، متصورين أن نيران تلك الثقافة ستحرق فقط الأعداء الذين اخترعناهم، غير مدركين عاقبة تربية الذئاب، أو بالأصح عاقبة ضخ دماء ذئاب في شرايين أبنائنا.
عبثاً محاولة محاصرة القتل والتدمير في العراق بعقد اجتماعات واتفاقات بين قادة السنة والشيعة، مادام السبب الحقيقي لأعمال القتل هو تعرض الشعب العراقي البطل ndash;صاحب أول حضارات العالم- لعمليات غسيل مخ إجرامية، تقوم بها جميع الدول المحيطة، والقنوات التليفزيونية المناضلة، ببث خطاب الكراهية والقتل، بدعوى مقاومة قوات تحرير العراق من نير التخلف والاستبداد.
وعبثاً تحاول كثير من الدول العربية تتبع تشكيلات تقومون بأعمال التفجير هنا أو هناك، فيما جميع منابرها ومناهجها التعليمية تنفخ في كير الكراهية والقتل، ترضعه للأطفال مع حليب الأمهات، وتصدره للعالم دماراً وحقداً يعبر الصحارى والمحيطات، يدمر ليرتد علينا بالدمار، لنعود نصرخ ونولول من تحالف العالم علينا، متعللين به لترويج المزيد من خطاب الكراهية والقتل!!
يمكن لمن يشاء ألا يعتبر تلك السطور دعوة لكف الأذى عن شعوب العالم المتحضر، والتي تقدم لنا معظم مقومات حياتنا، ولا تجد منا غير العداء والكراهية.
كما يمكنه أيضاً ألا يعتبرها تحسراً على القيم الإنسانية المهدرة بين ظهرانينا، وعلى تجريف قشرة الحضارة التي سمحت لنا إمكانياتنا الضئيلة على التحضر بامتلاكها.
يمكن اعتبارها مجرد دعوة لأن نرحم أنفسنا من أنفسنا، حتى لو كان سيترتب على ذلك حرمان العالم من أحزمتنا الناسفة وسياراتنا المفخخة، فمع شديد الأسف لا يمكننا أن نحظى بالسلام ونحن ندبر الموت والدمار للعالم، فإما أن نعد أولادنا ليكونوا حمائم وبناة حضارة، فيكونون كذلك في تعاملهم فيما بينهم، وتعاملهم مع العالم من حولهم، أو نعدهم ليكونوا أدوات تدمير وآنية كراهية، وعندها سيمارسون الخسة والقتل في جميع تعاملاتهم دون استثناء، فعلى حد علمي لا يوجد إكسير يمكن حقن الذئاب به، يعلمها التفرقة في ممارساتها، لتكون ذئاباً مع الآخر الغربي الكافر، وحمائم مع من ربوها على أن تصير ذئاباً، وعموماً وإلى أن نكتشف هذا الإكسير المعجزة، علينا إما أن نتحمل عضات ذئابنا ولدغات ثعابيننا، أو أن نكف عن تربية الذئاب!!
[email protected]
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات