تحدث مندوب المملكة العربية السعودية الدائم في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي يوم الثلاثاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني عن جرائم إيران ضد عرب الأحواز والمسلمين السنة وسائر الأقليات في إيران، وذلك خلال جلسة تصويت اللجنة الثالثة بالأمم المتحدة حول قرار دان بالإجماع انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي يرتكبها النظام الإيراني.
وقال السفير المعلمي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رداً على مندوب إيران، إن التحدث عن جرائم إيران ضد الأحوازيين "لامس عصباً حساساً" لدى مندوب إيران، الذي "اختار أن يغفل كل التعليقات التي ذكرت، وتحدث فقط عما تحدثنا عنه عندما ذكرنا ما يواجهه المسلمون السنة وعرب الأحواز من اضطهاد". وأضاف المعلمي: "لأن ما يواجهه عرب الأحواز من اضطهاد، هو الجريمة الخفية التي لا تعلنها إيران وتتستر عليها في كل مكان".
سبق وقد طُرحت انتهاكات حقوق الشعب العربي اقليم عربستان وسائر الشعوب الإيرانية في مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة في جنيف من قبل ابناء هذه الشعوب او نُشرت تقارير سنوية حول ذلك من قبل دول اوروبية والولايات المتحدة الأميركية، لكن لم نشهد دولة عربية شقيقة تذكر اسم الأهواز وشعبه والجرائم التي ترتكب بحقه يوميا من على منبر الامم المتحدة. فالنظام الإيراني يقوم بشتى انواع الجرائم ضد عرب الأهواز منها تجفيف الأهوار والأنهر، وتلوث البيئة، ومصادرة مئات الهكتارات من الاراضي الزراعية ليشرد القرويين العرب ويستبدلهم بمستوطنين غير عرب،ويبني المستوطنات لتنفيذ مخططاته الشيطانية الرامية الى تغيير التركيبة السكانية في إقليم عربستان (خوزستان رسميا) لصالح غير العرب؛ وهو الذي يعتقل المئات من النشطاء الأهوازيين ويشكل الملفات للالوف الاخرين ليطلق سراحهم بكفالات باهضة، ويشرد الالوف منهم الى خارج الوطن. فالنظام الإيراني الذي يدعي بانه اسلامي يحرم شعب بأكمله من التعليم بلغته العربية ويفرض عليه التعليم باللغة الفارسية منذ الابتدائية ويسعى جاهدا لقمع الثقافة العربية وإحلال الثقافة الفارسية مكانها. والأهم من ذلك هو الذي اعدم المئات من النشطاء والمناضلين الأهوازيين، و قتلهم في المنافي و تحت التعذيب، وخلال المظاهرات السلمية خلال 37 عاما، ليس لسبب الا المطالبة بحقوقهم القومية والتاريخية، لابل لنشاطات ثقافية ومدنية بحتة. فبيت القصيد في كلام المعلمي هو "الجريمة الخفية ضد الأهوازيين والتستر عليها". نعم، في فلسطين تغطي وسائل الاعلام والكاميرات كل خطوة قمعية يقوم بها الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وكذلك ما يفعله النظام السوري ضد شعبه من جرائم ومايجري في تركيا والعراق واليمن وليبيا من مظاهرات وحروب . اذ تحضر الكاميرات لتنقل الحدث الى شاشات التلفاز فور حدوثه ليشاهده كل العالم، لكن السلطة الشمولية الشوفينية في طهران وأياديها في الأهواز لم تسمح لوسائل الاعلام المستقلة ان تقترب الى هذه المدينة او سائر مدن اقليم عربستان، خوفا من كشف جرائمها ضد العرب. انا لااتحدث هنا عما يجري من اضطهاد ضد اهل السنة في إيران وهذا يحتاج الى مجال اوسع.
وبعد انتفاضة شعبنا في نيسان عام 2005 واعتقالي في احد السجون السرية بالأهواز، كانت احدى اتهاماتي، دعوة قناة الجزيرة الى مدينة الأهواز في العام 2004 وبثها تقرير عن بعض مناحي حياة شعبنا العربي،رغم انها لم تبث اي شيء عن قضايا سياسية ساخنة كقضايا السجناء والمقتولين والمعدومين وماشابه ذلك. ولم يشفع لي وجود ترخيص من قبلوزارتي الثقافة والارشاد، والداخلية لزيارة طاقم الجزيرة الى الأهواز لبضعة ايام، حيث منعوه من السفر الى سائر مدن الاقليم. وقد اُغلق مكتب الجزيرة في طهران بعد هذا التقرير لاكثر من عام؛ وماعدى هذه التجربة اليتيمة لم تجيز السلطات الإيرانية لوسائل الاعلام العربية ان تطئ ارض الأهواز حتى لتغطية الابعاد الثقافية والاجتماعية لحياة العرب في عربستان.
ليس هناك جريمة اكبر من جريمة القضاء على الحكم العربي في إمارة عربستان التي وصفها المؤرخون الفرس والدستور الإيراني السابق ب"مملكة عربستان". فقد تم ذلك امام اعين اشقاءنا العرب في العام 1925 دون ان يحركوا ساكنا بل تؤدد البعض منهم للشاه رضا البهلوي المجرم الذي قام بتلك الجريمة الكبرى.
فقد باءت بالفشل كل الجرائم والمؤامرات التي حاكتها طهران لمحونا من الوجود، رغم بعض الأضرار التي اصابت جسم هويتنا وثقافتنا العربية. لكن هناك خطر يلوح في الافق يجب ان ننتبه اليه وهو الخطر المتصاعد الناجم عن النموالمطرد للاتجاهات العنصرية المعادية للعرب بين الشعب الفارسي والتي اخذت تكشر عن انيابها من خلال الاجتماعات الجماهيرية في الملاعب والاماكن التاريخية في إيران، واحدثها المظاهرات التي شهدتها منطقة باسارغاد في محافظة فارس يوم 28 اكتوبر / تشرين الثاني حيث طاف الالوف من الإيرانيين حول مايسمى بضريح قورش، مؤسس السلالة الإخمينية، ورددوا هتافات تمجد العرق الآري وتعادي العرب والعنصر العربي بشكل عام. فاذا اخذنا بعين الاعتبار الادبيات السياسية المعادية للعرب والمتجذرة في نفوس اغلبية الفرس والتي تجلت في خطاب العديد من الكتاب والروائيين والمؤرخين والسياسيين خلال العقود الماضية، وحضور الالوف منهم تحت يافطات عنصرية ونازية على قنوات وصفحات شبكات التواصل الاجتماعي، سنرى ان هناك خطر داهم يهدد الوجود العربي في إيران. وهذا التهديد سوف يتجلى في المستقبل، إما بشكل مذابح جماعية ضد العرب في عربستان وإما بشكل ترحيل قسري الى مناطق اخرى، وإما في احسن الاحوال ستستمر إيران بخططها المتمثلة بالجريمة الخفية لكن بشكل اوسع. فلذا يمكن ان نعتبر ما صرح به السفير عبدالله المعلمي، خطوة اولى يجب ان تتبعها خطوات اخرى من قبل الحكومات العربية الشقيقة وخاصة دول الخليج الجارة للدفاع عن شعبنا المضطهد في المنابر الدوليةامام هذا المد العنصري الخطير؛ يضاف الى ذلك دور البرلمانات ومؤسسات حقوق الانسان والمؤسسات المدنية والاعلامية العربية. ومثل هذه التصريحات ومن اعلى منبر دولي قد تعطي شعبنا المغلوب على امره، جرعة اضافية لتعزيز معنوياته امام المستهترين بلغته وثقافته وحياة ابنائه.
فنحن لانعول على اي دولة او شخصية لنيل حقوقنا القومية والتاريخية ونعلم ان لحظة حق تقرير المصير لن تتجلى الا من خلال نضال شعبنا بنسائه ورجاله وشيبه وشبابه وبالتكاتف مع الشعوب الاخرى المضطهدة في إيران.فأمام جبروت الحكم الديني الاستبدادي المتطلع للسيطرة على الدول العربية، لايمكن لنضال شعبنا العربي وسائر الشعوب والأقليات المضطهدةفي إيران ان يحقق اهدافه دون دعم دولي وإقليمي. وبعد ذلك ستستقيم الامور بانتهاجنا النهج الديمقراطي وحكمية صناديق الاقتراع لإنتخاب اعلى وادنى مسؤول ومؤسسة حكومية في كل مدن وقرى اقليم عربستان.
التعليقات