&
من فاتته أحداث "هيجان" النظام الإيراني والمتعاطفين معه على السعودية بسبب مشاركة الأمير تركي الفيصل في تجمع المعارضة الإيرانية "تجمع المعارضة الإيرانية في باريس، وهتفه بسقوط النظام الإيراني منتقداً تدخلاته في الشؤون العربية، فلم تفته بالتأكيد أصداء من نوع آخر جداً برائحة الفتنة الملالية، ومشبعة باتهامات للرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب لقائه مريم رجوي، التي على ما يبدو أصبحت رسمياً "زعيمة المعارضيين الإيرانيين" لدى معارضي النظام الإيراني في العالم!&
ما الذي جمعهما وما الذي يجمعهما أصلاً؟ ولماذا الآن والمنطقة على صفيح ساخن، تشعله بين الحينة والأخرى عشوائية محاولات "الرمق الاخير" للنظام الإيراني الذي استعمر منذ سنوات الشعب الإيراني العظيم؟&
ربما أنت لست سياسي (مثلي تماماً) لكنّك مهتم بعالمك.. تريد أن تفهم ببساطة.. بمنطقية! هكذا سأختصر لك الموضوع وأحلله، بالمنطق.. بالتاريخ، كلها أفكار شابة فلسطينية، أصف نفسي بناجية من الحزبية، لستُ سياسية؛ أو بالأحرى اعتزلتها عندما وجدت نفسي أتحول لحجر شطرنج، في رحلتي نحو التحلي بالأسلوب الدبلوماسي المتروي في الحياة، أنا فقط مهتمة بعالمي مثلك تماما.. بمجتمعي، وبكل بما يؤثر فيه، بشعبي الذي أحمل فكرا لتنميته، فكر لم يسلم يومآ من اتهامات تحمل عناوين "الليبرالية السياسية" و "اللاقومية". أؤمن بأهمية تجديد دماء شريان سلطات القرار في فلسطين، واحترامي للجميع فيه لا يلزمني القبول، نعم.. أنا ناجية من الحزبيّة، وأحمد الله على البصيرة التي وجدتها عند تحرر عقلي من ثقافة "المختلف عنك، هو ضدك" السائدة في بلادي.&
مريم رجوي:&
قد تكون المعادلة التي جمعت الـ 100 ألف شخص الذين حضروا أكبر تجمع لمعارضي النظام الإيراني في باريس، وتصريحات الأمير الفيصل الصارمة، هي من نصبّت مريم رجوي رسمياً كزعيمة للمعارضة الإيرانية وبصدى أعلى من قبل، رغم أنها ليست وحدها من تقود منظمة معارضة في الخارج للنظام الإيراني الذي عيّن نفسه منذ أيام الخامنئي مؤتمناً على الشعوب الإسلامية والعربية، ومتوشحاً برداء الثورة الإسلامية، التي مازلت أحاول أن أبحث عن ما قدّمته لنا كفلسطينيين أولاً؛ بما أنها حملتنا على أكتافها، ووضعتنا هدفاً سامياً لها منذ وصول النظام الإيراني في 1979م، الذي على سبيل المثال، ساهم بعد 37 سنة بشكل أساسي في إيصال غزة إلى ما هي فيه اليوم! ولايزال يعمل كل يوم على توسيع الفجوة بين صفوف شعوب البلدان العربية.&
وها هي تمر السنوات، ويؤكد تاريخ النظام الإيراني أكثر فأكثر بأن تجارتهم بالوجع الفلسطيني هذه المرة تخطت حدود اللاإنسانية، للوصول إلى ما يؤمن به النظام الإيراني "ولاية الفقيه"، أي الولاية المطلقة على كل من في المنطقة من خلال استغلال عواطف شعوبها، واللعب على أوتار "فلسطين" بإسم الدين، حتى لو كان السبيل لذلك استخدام "سلاح الفتنة" المحرم في مذاهب ذلك "الدين" الذي ينسبون نفسهم إليه.&
محمود عباس:&
رغم عمر العلاقة ببن سلطة فتح بالمعارضة الإيرانية، والتي تمتد لثمانينيات القرن الماضي، وكانت من أبرز مراحله دفاع الأخيرتان المسلح عن العراق في حربها الإيرانية - العراقية، إلا أن لقاء محمود عباس ومريم رجوي هو الأول منذ وصوله لقيادة السلطة الفلسطينية، وبالطبع لم يمر هذا اللقاء مرور الكرام على كل الأطراف الذي تتاجر بالقضية الفلسطينية بشكل أو بآخر.. وقد يكون لقائهما مجرد جلسة تبادل وجهات نظر! فلا أحد يستطيع الجزم بأسباب اللقاء، خصوصاً أنه تم في مقر إقامة الرئيس الذي لم يكن بدوره في تجمع المعارضة الذي حضره الأمير الفيصل قبل أسابيع في نفس المدينة.&
أعجب تحليلات مؤيدي النظام الإيراني والتي أعقبت لقاء عباس ورجوي، هي تلك التي وصفت بتدخل "فلسطيني" في شؤون إيران! رغم أن هذا النظام الإيراني نفسه لم ينفك من تدخلاته في الشأن الفلسطيني بحجة "الثورة الإسلامية"، أو لم ينفك بالأحرى عن زرع الفتن، مثل دعمه لحركات مسلحة في فلسطين وغيرها وعلى رأسها حماس، ووصول دودة الفتنة الإيرانية إلى اليمن ولبنان وسوريا والعراق! في سعي لإضعاف دول المنطقة، وتوسيع مستميت للفجوات بين الشعوب وقياداتها.&
عذرآ!!! فالنظام الإيراني هو الخبير المخضرم في "سياسة" تجاهل الحكومات والسلطات الرسمية، و"اللهث" وراء المليشيات والمجموعات الخارجة عن أنظمتها! ووضع نفسه في دائرة الشبهات منذ بداياته. ومن أكبر الدلائل على ذلك، دعم النظام الإيراني لحكومة العراق "شكلياً"؛ حيث أنه فعلياً في اتصالات دائمة مع التنظيمات غير الشرعية المحسوبة على العراقيين، والتي تقود التطرف الديني وحمامات الدم في العراق. وطبعاً.. لا يخفى على الجميع الدعم القديم الجديد لتنظيم حزب الله في لبنان، والمآسي والخسائر التي تخطت الحدود اللبنانية ووصلت إلى جارتها السورية!&
ربما النظام الإيراني هو "الشيطان الأعظم" بعينه!! يا أخي أينما بحثت عن بصمة له في صفحات تاريخ المنطقة، فستجد تحت كل بصمة، بؤرة تتفجر فيها فتن وتطرفات وحروب ومؤامرات. النظام الإيراني لم يستعمر فحسب الشعب الإيراني العريق بتاريخه وتراثه، بل منح نفسه "الولاية المطلقة" على وطن هذا الشعب وجواره! ولم يكتفي بجعل اسم "إيران" موضع تشكيك أينما ذُكر، بل شوّه المذهب الشيعي، وكل من ينتمي إليه، بسبب تطرفه الجنوني اللاهث وراء حلم "الولاية المطلقة" لتحقيق خزعبلات نظرية "ولاية الفقيه".&
كما ذكرت سابقا.. إننا فعلآ نعيش التاريخ.. إننا نعيش محاولات "الرمق الأخير" للنظام الشيطاني (وسأتوقف من الآن عن تسميته الإيراني).&
التعليقات