المنامة : هي قصة فتاتة بحرينية عندما بلغت التاسعة من عمرها أخبرتها أمها أنه حان الوقت لـ "تطهيرها" حتى يتسنى لها مستقبلا زيارة بيت الله الحرام والعتبات المقدسة الأخرى وإنها اذا لم تصرخ أو تبكي ستحصل على حفل وهدايا كثيرة.
وفي وقائع سحرية نقلت وقائعها المفصلة صحيفة"الوسط"، حيث ذهبت الفتاة البحرينية الصغيرة الى ما ينتظرها ممسكة يدي والدتها إلى منزل جدتها الكائن في احدى القرى البحرينية، اذ كانت جدتها معروفة في القرى بتطهير الفتيات "تختين الإناث".
دخلت الفتاة غرفة جدتها لتخبرها والدتها ان عليها ان تستلقي على الأرض وتفتح ساقيها بأكبر قدر ممكن حتى يتسنى لجدتها إزالة ما اسمته بالعامية "نجاسة" أي قذارة في الجزء السفلي من جسدها الصغير.
استلقت الفتاة طوعا ثم أمسكت والدتها بمساعدة خالة الفتاة يديها بقوة حتى يسيطرا على جسدها الصغير ويتسنى للجدة انتزاع الجزء البارز من البظر والشفرين الصغيرين المعروفين باسم "الورقيتن" عن طريق "موس" شفرة الحلاقة تقطع الأجزاء من دون تخدير موضعي لتنهال وتقاوم الفتاة المها ونزيفها لكن من دون فائدة!
تخرج الوالدة لتهديها الهدايا لكنها تستمر في صراخها وبكائها حتى المساء ساخطة على الجميع وناقمة تحديدا على والدتها!
كبرت الفتاة وتم تزويجها في الثامنة عشرة من عمرها لكنها عانت كثيرا أثناء المعاشرة الزوجية.
ومع الوقت رزقت بطفلين لكنها كانت تشعر مرارا بأن شيئا ما ينقصها كانثى وكامرأة لديها احاسيس لكنها لم تتعرف على الاسباب وان كانت تتذكر ذلك اليوم وما حل بها لكنها على رغم ذلك كانت تجهل الاسباب.
حتى انها كانت كل مرة تشعر بعدم الارتياح وبالألم كلما كانت مع زوجها لحين جاء يوم قررت فيه مصارحة إحدى الطبيبات بما تشعر به أي عندما كانت تقوم بزيارة إحدى الدول العربية مع عائلتها لتمضية اجازة الصيف.
وهناك عرفت حقيقة ما تعانيه لكن بعد فوات الأوان، وبعد أن عرفت أن أمها اقترفت بحقها جريمة لا تغتفر حرمتها بيولوجيا من حقها الجنسي.

عرفت هذه الفتاة البحرينية استئصال النتوء التناسلي المتمثل في منطقة البظر الذي يتكون من نسيج اسفنجي قابل للانتصاب والغني بالاوعية الدموية الى الشفرين اللذين يكونا غلفة البظر التي في حال اتحدا يفرزان مادة مرطبة تسهل المعاشرة الزوجية وايضا يقومان بحماية باقي مكونات منطقة المهبل ويساعدان على توجيه تيار البول.
وتروي صحيفة الوسط بأن هذه القصة التي نخطها في هذا التحقيق ما هي الا واحدة من القصص التي نقلتها احدى ضحايا "ختان الإناث" في البحرين التي ظلت سنوات طويلة تخلو تقاريرها الاهلية والدولية من هذه العادة الاجتماعية المغلفة بإطار باطل.
غير ان هذه العادة المنتشرة بشكل واسع وتحديدا في غالبية قرى البحرين يتحدث عنها نساء هذه المناطق بصورة تخلو من الوعي تماما عن صحة وطبيعة جسم المرأة عامة في هذا المضمون. حيث جالت "الوسط" في قرى البحرين لتتعرف على "أوكار" يتم فيها "ختان" أو "تطهير" الفتيات الصغار اللواتي تحضرهن أمهاتهن من مختلف مناطق البلاد، وذلك بعد ان تلقت "الوسط" بعض المعلومات التي اشارت الى ان غالبية الختان يطول من يقطن في القرى.
وكانت هناك شكاوى بعثت بها إحدى الاختصاصيات الاجتماعيات في العام 1989 إلى وزارة التربية والتعليم تشتكي من كثرة غياب طالبات عن المدرسة الواقعة في احدى قرى المحافظة الوسطى وعندما علمت بان الغياب بسبب "تطهيرهن" اي "تختينهن" نقلت تلك الملاحظة الى الوزارة لكنها لم تتلق اي رد اواهتمام بشأن صحة هؤلاء الطالبات آنذاك.

تجربة مصر

في دراسة نشرها مركز قضايا المراة المصري للأخصائية اسهام عبدالسلام عن "ختان الاناث" قالت فيه ان الختان عادة اجتماعية تمارسها قلة من شعوب العالم ولاعلاقة لها بالصحة اذ ان اكثر من 90 في المئة من الاناث "..." في جميع قارات العالم يعيشون بلا ختان ولا مشاكل صحية.
وقالت عبدالسلام ان "ختان الاناث يرتبط بالمفهوم التقليدي للعفة والشرف الذي يتضمن ان المرأة العفيفة هي السلبية جنسيا"، ولذا فإن الختان يعتبر صفقة اجتماعية "تضحي" فيها المرأة بجزء من جسدها "مقابل منافع اجتماعية تتصور انها ستحصل عليها كحسن السمعة وتوافر فرص الزواج وضمان حسن معاملة الزوج واهله خوفا من معايرتهم لها لو ظلت سليمة الجسم بما يعني رمزيا تمتعها بكامل قواها الجنسية وتساويها مع زوجها والوضعان يعتبران من الأوضاع المشينة بحسب القيم المحافظة للمجتمع الذكوري".
وقالت "ان من اسباب حرص بعض كبيرات الأسرة على ختان بناتهن اعتقادهن ان من واجبات النساء تلبية الاحتياجات الجنسية للرجال. والنساء التقليديات يعتقدن ان الرجال ضعفاء جنسيا بحيث لا يمكنهم اشباع زوجة سليمة الجسد لذلك يدمرون جزءا من عضو التأنيث ارضاء للرجال".
وقالت: "ليس صحيحا ان الرجال لا دخل لهم بختان الاناث وانه امر نسائي تفعله النساء بالبنات فالآباء التقليديون اما ان يصروا على ختان البنات لو لمسوا تراجعا من الأم عن إجرائه او في احسن الاحوال يقفون مكتوفي الايدي او يعترضون شفهيا من دون تدخل حاسم لانقاذ البنت".
ويذكر ان المحاكم المصرية اصدرت حكما في العام 1977 بضرورة محاربة الختان عن طريق ابلاغ الجمعيات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدني ووزارة الصحة ونقابة الاطباء وغيرهم بمعاقبة من يقوم بتلك الجريمة ضد فطرة جسم المرأة... فهل يحدث الشيء نفسه في البحرين، وهل تنهض الجمعيات الأهلية ووزارة الصحة ومن يعنيهم الأمر لحماية الفتيات، ولإرشاد الضحايا من اللاتي اكتشفن بعد ان كبرن ان جزءا من جسدهن قد اقتطع منهم من دون حق وحرمهن من حياتهن الطبيعية؟