واشنطن: يبدو أن مهمة تلسكوب الفضاء هابل أضحت أصعب من أن يتم المضي قدما فيها أو السير على خطاها. فمنذ إطلاقه عام 1990، أصبح تلسكوب هابل أحد أهم الأدوات في تاريخ علوم الفضاء، إذ أدّى إلى اكتشافات أغنت إلى حد كبير فهمنا لطبيعة الكون من حولنا. والدكتور جون ماثر هو أكثر من يدرك هذاالألق الذي رافق التلسكوب الشهير، كيف لا وهو كبير العلماء في مشروع التلسكوب الذي سيخلف هابل، أي تلسكوب جيمس ويب الفضائي (جي دبليو إس تي).

الدكتور ماثر البالغ من العمر 60 عاما منخرط في مشروع جي دبليو إس تي منذ بدايته، فهو منشغل بإدارة عملية إنشاء التلسكوب الجديد في مركز جودارد لطيران الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأمريكية-ناسا-في ولاية ميريلاند في الولايات المتحدة الأمريكية. وهو أيضا حائز على جائزة نوبل للفيزياء، وهي الأولى في تاريخ ناسا، إذ فاز بها عام 2006 مناصفة مع جورج سموت لعملهما على القمر الصناعي quot;مكتشف الخلفية الكونيةquot;، المعروف باسم كوب.

وقمر كوب هذا هو الذي تمكن من التقاط التبدلات الطفيفة لدرجات الحرارة في إشعاع خلفية الموجة الكهرطيسية القصيرة جدا للكون، وهي ما تعرف باسم quot;شفق أو انعكاس الانفجار الكوني الكبيرquot;.

وتلك التغيرات هي التي أشارت إلى فروقات الكثافة التي أدت بشكل حتمي إلى تشكل المجرات والكواكب، وهو الشيء الذي أسماه العالم البريطاني الشهير ستيفان هوكينغ بـ quot;أهم اكتشافات القرن، إن لم يكن الأهم على مر العصورquot;.

وفي مقابلة مع بي بي سي خلال اللقاء الشتوي الذي عقد في مقر جمعية الفضاء الأمريكية في مدينة سياتل، قال الدكتور ماثر إن هناك توقعات كبيرة يتوخاها مجتمع علماء الفضاء والعامة من تلسكوب جي دبليو إس تي.

يقول الدكتور ماثر: quot;الكل يحتاج إلى خليفة لهابل. وإن لم يكن البديل موجودا، لتلهف الناس وتحرقوا كل يوم من أجل إيجاده. من هنا، كان علينا إيجاد شيء ماquot;.

وأضاف أن هذا الشيء quot;تم تحديده كأهمية قصوى بالنسبة للأمة (الأمريكية)، ولذلك فنحن الآن بصدد إنجاز هذه المهمةquot;. إلا أن تلسكوب جي دبليو إس تي، الذي أطلق عليه هذا تيمنا باسم المدير السابق لناسا، لن يقوم بتكرار واجترار المنجزات العلمية التي أنجزها خليفته هابل. فبينما كان هابل يرصد الكون من خلال العدسات وأطوال الموجات للأشعة فوق البنفسجية، سيركز جي دبليو إس تي بشكل أساسي على الأشعة تحت الحمراء. يقول الدكتور ماثر: quot;هذا التلسكوب سيقوم بتوسيع دائرة العلوم التي كان هابل رائدا لها، ولكنه سيغطي أيضا مناطق مختلفة من أطوال الموجاتquot;.

ويضيف: quot;يبدو أن الأشعة تحت الحمراء ستكون ميدان العلم الجديد حيث سيكون لهذه المهمة ميزة فريدة وخاصةquot;. ولعلم دراسة الأشعة تحت الحمراء أهمية خاصة في فهم العمليات التي جرت خلال البدايات الأولى للكون. يقول الدكتور ماثر إن مهمة جي دبليو إس تي ترمي إلى فحص كل مرحلة من مراحل التاريخ الكوني وإن الأولويات العلمية للمهمة تندرج تحت أربعة مواضيع رئيسية هي كالتالي:

نهاية quot;العصور الكونية المظلمةquot;

تشكل المجرات

ولادة النجوم وأنظمة الكواكب الأولى

أنظمة الكواكب وأصل الحياة.

يقول الدكتور ماثر: quot;نعتقد أننا نعلم الآن الظروف المبدئية لنشوء الكون، على الأقل بطريقة إحصائيةquot;. ويضيف: quot;لدينا اتفاق عالمي بأن نظرياتنا تظل فاعلة وتحرز تقدما تدريجيا حتى نصل إلى مرحلة بداية تشكل الكواكب الأولى. وفي اللحظة التي تبدأ تلك الأشياء الممتعة بالحدوث، تتلألأ النجوم وتتشكل المجرات، وعندئذ لا تعود كل هذه النظريات كافيةquot;.