عبد الجبار العتابي من بغداد: حين يذكر اسم مقداد عبد الرضا .. تركض الى الذاكرة العديد من الادوار التي مثلها وتميزت عن سواها في السينما والمسرح والتلفزيون ، ولايمكن للجمهور اذا مانسى ادواره الاخرى ، فأنه لاينسى مطلقا دوره في مسلسل (النسر وعيون المدينة) في شخصية (رؤوف) تلك التي رسمت انطباعا اجتماعيا وصارت مثلا لا يوازيه الا(احدب نوتردام ) الشهيرة ، لكن مقداد ، وبلا مبالغة، صار اشهر منه عراقيا ، فهذا الفنان مميز جدا ولا يكاد يشتغل عملا الا وكان واضح الملامح فيه ، لكنه قليل التمثيل في السنوات الاخيرة ، لا يعمل الا حينما تكون الشخصية قادرة على ان تخلق في داخله تنافسا ابداعيا ، وها هو بعد غياب عن الشاشة الصغيرة لاكثر من سنتين يعود مع (مصطفى الدلال) احد شخوص رواية الكاتب العراقي الكبير (غائب طعمة فرمان) التي تحمل عنوان (النخلة والجيران) التي سبق ان قدمت على المسرح وشارك في اداء احد ادوارها مع تلك النخبة من نجوم المسرح العراقي ، لتقدم الان مسلسلا تلفزيونيا اعده علي حسين ويخرجه جمال عبد جاسم لصالح قناة البغدادية الفضائية ، حيث المسلسل يسبر اغوار عوالم اربعينيات القرن العشرين البغدادية ، مع مقداد الذي لايتحدث للصحافة الا لماما .. كان لنا حوار حول العمل الجديد واشياء اخرى .
ما الشخصية التي ستمثلها في النخلة والجيران ؟
اؤدي فيه شخصية (مصطفى الدلال) ، الرجل الذي حكمته الظروف ان تكون له طموحات غير مشروعة بسبب الخسارات التي التي تعرض لها في حياته ، لذلك هو يبني علاقاته على روح التآمر واصطياد الشخصيات التي يتعامل معها ، لكن لو افترضنا ان مصطفى غني انا اعتقد انه ماكان لتكون لديه هذه الصفة ، فهو رجل من جذر طيب ولكن الظروف الحياة جعلته يبحث عن المقامرة للحصول على حياته ، لذلك يلجأ الى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول الى غاياته .
هل هو فعلا يعمل دلالا؟
هو كان دلالا ، يبيع اغراضا من هذا وذاك ، وفي التالي يكتشف المشاهدون انه يتعامل مع الانكليز من اجل مصالحه ونحن نعرف معنى الاحتلال والذي يتعامل معه ، وكان يلاقي ردود فعل سلبية ضد هذا .
وبعد .. ؟
ثم يلتقي (سليمة الخبازة) التي تؤدي دورها الفنانة (فاطمة الربيعي) ويقيم شبه علاقة معها ، ولانه ثعلب فهو مقنع جدا ، شخصية لها نفوذ بالتحرك بالدخول ، فيستولي على سليمة ، ولا اريد ان اذكر تفاصيل اكثر ، كي لاتضيع متعة المشاهدة على الجمهور ولكن الاحداث تتصاعد .
ما الذي اعجبك في الشخصية لتؤديها ؟
مصطفى الدلال .. بالنتيجة لا احد يعرف جذوره ولا احد يعرف من هو ، هناك شخصيات قي الحياة تلتقي بها ولا تعرفها ، لذلك احسست انني اعرف مصطفى هذا ، الشخصية صعبة التركيب تحتاج الى قدرة من الشغل وبالتالي انا (حيال) مثل (مصظفى الدلال) ونتلاءم معا .. ربما .
ما الذي جهزته لكي تظهر الشخصية مميزة ؟
اخترعت له (كاركتر) خاص ، يضع على رأسه سدارة بغدادية ، ويرتدي نظارات ، وبيده مسبحة وذقنة على شكل (سكسوكة) ، المخرج جمال عبد جاسم متفهم للعمل على الاقل وقال لي اذا ممكن تغيير وانا عملت الشخصية بهذا الشكل الذي اعتقد انه سيكون لافتا .
هل خشيت من شيء اثناء اداء الشخصية ؟
اخشى المقارنة بيني وبين الفنان خليل شوقي الذي ادى الشخصية ذاتها في المسرحية انذاك ، كان عملاقا في المسرحية في الاداء وانا من المعجبين بأدائه ، اقول ربما تصير هنالك مقارنة وهذا ما اخشاه .
اليس هنالك فرق في اداء الممثل على المسرح وفي التلفزيون ؟
نعم .. هناك فرق ولكن الاداء تقريبا يبقى بالروح نفسها ، لكن هذه الجمهور لا يعرفها ، وانا اعرف ان المسرحية ما زالت باقية في ذاكرة الجمهور والكثير من الناس ما زالوا يتذكرونها جيدا بشخوصها ، علما اني في المسرحية مثلت دور (صاحب البايسكلجي) الذي يمثله الان الفنان رياض شهيد ، وسبق ان عرضت علي كمسرحية عام 2000 لتمثيل شخصية مصطفى الدلال ولكن لم تنجز .
ما دمت مثلت دور (البايسكلجي) في المسرحية لماذا لم تمثله في المسلسل ؟
بسبب العمر ، الشخصية هي لشاب وقوي ، وبالتالي التنويع بالاداء مطلوب الي .
بصراحة .. حينما اتيت الى تصوير المشهد الاول هل راودك خليل شوقي في ادائه للشخصية ؟
ابدا ، لم اضع في بالي ابدا اداء الفنان خليل شوقي وما كان يخطر على بالي اثناء التصوير ، كنت انا ز\ومصطفى الدلال فقط .
لنتحول الى سؤال لابد ان اسأله .. لماذا اصبحت بعيدا عن التمثيل خلال المدة الاخيرة ؟
انا بشكل عام لم أعد احب التمثيل !!.
لماذا ؟
بارت السلعة واصبحت مهلهلة بسيطة ، لا توجد مواهب كبيرة نتبارى معها ، وحتى ان وجدت فأنها سحقت امام الاستهلاك ، وامام ألم البلد ، وبصراحة .. ما التمثيل امام ألم البلد ، التمثيل (شنو) امام ما يحدث .
أليس الناس بحاجة الى التمثيل كنوع من الترفيه وغير ذلك ؟
الناس والشارع العراقي منشغلون بحياتهم ، بالخوف بالفزع بالتوتر ، وبالتأكيد ماراح ينتبه الى اي شيء يقدمه التلفزيون ، ليس للتلفزيونات العراقية ، بل العربية ايضا ما عاد هناك تركيز ، هناك احزان ، الناس تبحث عن فسحة هذا صحيح ولكن التلفزيون صار واحدا من اثاث البيت ، حاجة لدرء الوحشة ، صار جزء من حياة العراقيين حتى وان لم ينتبهوا له فهو مفتوح بكل الاحوال ، التلفزيون مفتوح ولكنهم لا ينظرون اليه دائما ، التلفزيون لم يعد هاجسا كما كان في السابق مثلما كانت السينما هاجسا ايضا ، حلال مرحلة الثلاثينيات والاربعينيات والخمسينيات ، كانت هاجسا للعلاقات والمودة والاواصر والمصالح ، الان (ماكو) سينما ، والتلفزيون حينما بدأ كان الناس يتزاورون فيما بينهم الى ان جاءت الفضائيات وصار التلفزيون يجلس في كل غرفة من البيت ، فكك العلاقات بين الناس ولكن الالم بالعالم جعل التلفزيون تحصيل حاصل ، بالاضافة الى ان وسائل الاعلام حجمت التلفزيون كالانترنت مثلا .
ما الرغبة المستقبلية لديك اذن ؟
- انا عندي رغبة ان تكون لدي فلوس واتمكن من ادواتي الاقتصادية وافتتح اسواقا كبيرة واعيش بعيدا عن الفن ، لضحالة اللعبة التي ما عادت مجدية بالنسبة لي .
الا تعتقد ان هذا غرورا ؟
لا ، الغرور يخلق المنافسة ، انا اشعر باللاجدوى .
والهاجس الذي فيك للتمثيل اين صار ؟
- الهاجس جذوة تنطفيء ، انا تقريبا ثلاثة ارباع الجذوة لدي مطفيء ، والربع الاخر يتحول الى الاخراج .
تقول الاخراج .. هل هناك مشروع معين ؟
(اكو .. بس ما اكول لك .. بعد وقت ) ، ليس بعد .. حينما يكون سأقوله لك !!.









التعليقات