"إيلاف" من القاهرة:&بمناسبة مرور الذكرى الـ44 لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم، تسلط "ايلاف" الضوء على مواقف سياسية في حياة هذه الفنانة التي أثرت الحياة الفنية بصوتها العذب، وأصبحت إحدى ايقونات الغناء في العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
وفي الحلقة الأولى من المواقف السياسية التي تسردها "إيلاف" عن كوكب الشرق، نتناول قصة تنازلها عن مبادئها استجابة لرغبة الملكة نازلي.

&

&

حين تم الإعلان الرسمي عن زواج شاه إيران محمد رضا بهلوي الذي كان آنذاك ولي عرش والده الامبراطوري الإيراني، من الاميرة فوزية اخت الملك فاروق، وبعد تحديد مراسم الزواج والاتفاق على تفاصيله أرادات الملكة نازلي إقامة فرح غير مسبوق لابنتها سواء في الوسط السياسي داخلياً أو خارجياً أو حتى في الوسط الفني.
وطلبت الملكة من أم كلثوم أن تزف العروس الأميرة فوزية، والأمير رضا بهلوي، وكان من مبادئ&أم كلثوم أنها لا تزف أي&عروس تُحيي فرحها، فقد كانت تقوم بالغناء فقط، وكانت كبريات العائلات تلجأ لفرقة بديعة مصابني، أو فرقة إحسان وثريا سالم أو غيرهما من الفرق الفنية للقيام بزفاف العروسين. لكن&الملكة&الأم&أرادت أن تخرج عن هذه التقاليد فبحثت عن الأقوى والأكثر قيمةً، فلم تجد غير صوت أم كلثوم، وكانت الملكة نازلي في ذلك الوقت امرأة قوية، وخرجت لتوها من ذلك السجن الكبير الذي وضعها فيه زوجها الملك فؤاد، الذي رحل قبل شهور قليلة، وبالتالي استردت حريتها وقوتها والتي ظهرت بجلاء في اصرارها على اختيار ابنها كملك لمصر والسودان خلفاً لأبيه.

ووقعت أم كلثوم في حرج شديد من الموقف الذي كان ينذر بكارثة لها ولمن حولها، إذ كيف تسلم من سطوة الملك وحاشيته إذا&رفضت هذا الطلب. فوقعت في حربٍ شديدة بين مبادئها في الحياة والخضوع للسلطة والأسرة الحاكمة. وأمام هذه الضغوط&النفسية، قبلت هذا الطلب على أن تكون أول وآخر عروس تزفها، وهكذا فعلت.&إذ كلفت بيرم التونسي كي يضع لها كلمات أغنية جديدة تتناسب مع هذه المناسبة، وبالفعل كتب بيرم التونسي أغنية كان مطلعها "مبروك على سموك وسموه".

&



الفستان
لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، بل فكرت أم كلثوم في التعبير عما&كان يختلجها من مشاعر&ضيق أمام هذا الطلب الملكي التي كادت أن ترفضه لولا تدخل أحمد حسنين باشا بنفسه الذي كان يدير في ذلك الوقت دفة الحكم في مصر بعد رحيل الملك فؤاد. فأعدت لهذه المناسبة السعيدة فستاناً من الدانتيل الأسود، وعلمت بذلك الملكة نازلي من الخياطة ريتا وطلبت منها&للمرةِ الثانية تغيير لون الفستان، فكانت تعليمات الملكة أوامر لا يمكن أن تناقشها.
فلم تجد أم كلثوم أمامها إلا تغيير بطانة ذلك الفستان من اللون الأسود إلى اللون البمبي(الوردي)&وكانت تلك أول مرة يبطن فستان أسو بلون فاتح أو لون آخر، ومن ثم تحول هذا الفستان إلى موضة نسائية اطلقت عليها مدام ريتا موضة ثومة. وهكذا كان لابد من مكافأة يقدمها البيت الملكي إلى أم كلثوم&تقديراً لانصياعها للأوامر الملكية وعدم وقوفها في وجه ما يصدر عن القصر الملكي وقصر الحكم من أوامر أو تعليمات، هذه المكافأة وإن تأخرت لبضعة سنوات. إلا أنها جاءت بالفعل معبِّرة تعبيراً قوياً على خضوع أم كلثوم لسلطة ولسلطان الملك وأمه، حيث صدر الأمر الملكي بمنح أم كلثوم نيشان الكمال الذي لم يكن يقدَّم إلا للأميرات من بيت الملك فقط.

ولقد كانت أم كلثوم تُغني بحفل النادي الأهلي بالجزيرة، وفوجِئ الحاضرون أثناء الحفل بدخول الملك فاروق إلى النادي وجلوسه على المائدة التي كان يجلس عليها أحمد حسنين باشا رئيس النادي آنذاك، وكانت أم كلثوم تغني "هلت ليالي القمر"، ولما انتهت تلك الأغنية نادى الملك على مصطفى أمين الذي كان بين الحاضرين وطلب منه أن يصعد للمسرح ويعلن نبأ حصول أم كلثوم على وسام الكمال.
|
وفرحت أم كلثوم بهذا التكريم الملكي العظيم في حينه، بالرغم من الانتقادات التي واجهتها لاحقاً. حيث فوجِئَت بهجوم&الأميرات وزوجات رؤساء وزارات مصر، لأن النيشان لم يكن يمنح إلا لهن فقط، وأعلنت إحدى الاميرات في الصحف تنازلها عن الوسام اعتراضاً على منحه لأم كلثوم.&