يعرض المتحف البريطاني خريطة قديمة يُعتقد أنها أقدم خريطة للنجوم في العالم.

وثمة اعتقاد كبير بأن الخريطة التي يطلق عليها "قرص نيبرا السماوي" يصل عمرها إلى 3600 عام، ويعود تاريخها إلى العصر البرونزي.

واكتُشف "القرص البرونزي" في ألمانيا عام 1999 ويعتبر واحدا من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين.

بيد أن الاكتشاف أثار جدلا، بعد أن شكك بعض العلماء في أصالته.

ويبلغ قياس "قرص نيبرا" نحو 30 سم، وله مظهر صدأ النحاس المائل إلى اللونين الأزرق والأخضر، ومزين برموز ذهبية تمثل الشمس والقمر والنجوم والتغييرات الشمسية والظواهر الكونية الأخرى.

وتقول منظمة "يونيسكو"، التي تدرج العمل الفني على قائمتها العالمية للوثائق التاريخية المهمة، إن القرص يجسد لمحة فريدة عن المعرفة البشرية المبكرة للسماء.

ويمتلك متحف ما قبل التاريخ في مدينة هاله الألمانية القطعة الأثرية، التي أعيرت إلى المتحف البريطاني للعرض، وهي المرة الأولى التي تُعار فيها القطعة للعرض في الخارج منذ 15 عاما.

وقال المتحف البريطاني إن القرص سيُعرض ضمن فعاليات معرض عن منطقة ستونهنج الأثرية، وسيفتتح في فبراير/شباط.

وقال نيل ويلكين، أمين معرض "عالم ستونهنج"، إن العرض "سيكون مدهشا".

وأضاف: "قرص نيبرا السماوي وقلادة الشمس هما من أبرز الأشياء الباقية من العصر البرونزي في أوروبا".

وقال: "لم يكتشفا إلا مؤخرا، بالمعنى الحرفي، بعد أن ظلا مدفونين في الأرض لأكثر من ثلاثة آلاف عام".

وأضاف: "يسعدنا أن يمثلا قطعا أساسية ضمن معرض ستونهنج الذي سيقام لمرة واحدة في المتحف البريطاني".

وقال: "نظرا لأنه عُثر على كليهما على بعد مئات الأميال من ستونهنج، سنستخدمهما لتسليط الضوء على العالم المترابط الواسع الذي كان موجودا ومحيطا بالنصب التذكاري القديم، والذي يمتد عبر بريطانيا وأيرلندا وأوروبا".

ولا يزال الغرض الأصلي من الصخور الحجرية الأثرية في ستونهنج لغزا، بيد أن الدائرة الحجرية التي بنيت في المنطقة وتعود إلى نحو 2500 قبل الميلاد تتفق مع حركات الشمس.

وتُمثل الشمس والانقلابات الشمسية أيضا بعلامات على قرص نيبرا، ويعتقد الخبراء أن الشمس كانت مركز عقيدة دينية سادت في العصر البرونزي في شمالي أوروبا.

قرص نيبرا سكاي
Getty Images
عُثر على قرص السماء على قمة تل بالقرب من نيبرا في ألمانيا

وقالت ميراندا ألدهاوس جرين، عالمة آثار وخبيرة العصر البرونزي، لبي بي سي في وقت سابق إن الرموز الموجودة على قرص نيبرا "كلها جزء من نظام معتقد ديني أوروبي واسع النطاق ومعقد، إذ كان الناس ينظرون إلى السماوات ويعبدونها ويعبدون الشمس ويعبدون القمر، بجانب آثارهم عند شروق الشمس أو طلوع القمر".

وأضافت: "ونظرا لأن قرص نيبرا جمع كل هذه الرموز معا، فإنه يخبرنا للمرة الأولى عما كان يراه الناس حقا ويدركونه ويؤمنون به".

وشبهت العالمة قرص نيبرا بنسخة مرئية من نص مقدس.

التاريخ النابض بالحيوية

اكتُشف القرص بالقرب من مدينة نيبرا في ألمانيا مع سيوف وفؤوس وأشياء أخرى تعود إلى العصر البرونزي.

وعثر على القرص اثنان من جامعي الآثار غير الشرعيين بواسطة جهاز للكشف عن المعادن، واستعادته الشرطة لاحقا في كمين.

وعلى الرغم من الاعتقاد على نطاق واسع بأنه يعود إلى العصر البرونزي، ادعى آخرون في الماضي بأنه مزيف.

ففي سبتمبر/أيلول الماضي، احتدم الجدل مرة أخرى عندما نشر اثنان من علماء الآثار ورقة بحثية جديدة تشير إلى أن القطعة الأثرية قد تكون أصغر عمرا بنحو ألف عام، وتعود إلى العصر الحديدي.

وذكرت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية أن المتحف الألماني رفض هذه الادعاءات، وقال إن بعضها غير مترابط و"غير مفهوم"، وأن الباحثين تجاهلوا الأبحاث المنشورة الأخرى.

وسيقام معرض "عالم ستونهنج" في الفترة من 17 فبراير/شباط إلى 17 يوليو/تموز العام المقبل.