رغم انشغال المواطنين اللبنانيين في وضعهم السياسي المضطرب الناجم عن الخلاف المحتدم بين المعارضة والموالاة حول المحكمة الدولية إلا أن اهتمامهم تركز في الآونة الأخيرة ايضاً على تتبع اخبار الطقس والنشرات الجوية لاحتباس المطر الذي تسبب بخسائر كبيرة.

بيروت:لم يسبق أن شهد لبنان في تاريخه القريب والبعيد حالة طقس مشابهة للتي يشهدها اليوم. حيث ذهب فصل الخريف وجاء الشتاء ولم يسقط المطر بعد ولا تدنت درجات الحرارة الى نسبتها المعتادة في مثل هذه الأوقات فحافظت على درجة لا تنقص عن 27 مئوية في النهار وسبع عشرة مئوية في الليل على الساحل وغلب الجو المشمس نهارا الذي مال الى الحار اكثر منه الى البرودة مما ابقى عددًا كبيرا من اجهزة التكييف على جهوزيتها في المنازل والمكاتب.

وازاء هذه الحالة غير الاعتيادية، والتي لم يعرف مثلها المسنون ولا خبراء الطقس، لفت توجيه عدد كبير من ائمة المساجد وخطبائها امس الجمعة دعوات إلى المصلين لصوم ايام الثلاثاء والاربعاء والخميس والاستعداد لصلاة الاستسقاء التي تقام -وربما للمرة الأولى - يوم الجمعة المقبل، والتي يتوجه فيها المصلون الى الله عز وجل بأن يمن عليهم بنعمة المطر الذي ينعش الانسان والارض والحيوان.

واذا كان اللبنانيون منشغلين في وضعهم السياسي المضطرب الناجم عن الخلاف المحتدم بين فريقي المعارضة والموالاة حول المحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والقرار الظني المرتقب صدوره عنها، والمتضمن كما يتردد اتهاما لعناصر من حزب الله بالضلوع في هذه الجريمة، فان اهتمامهم تركز في الآونة الاخيرة ايضاً على تتبع اخبار الطقس ورصد النشرات الجوية عبر وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة خصوصا بعد ان علت صرخات المزارعين المتضررين من انعدام المطر الذي تسبب بخسائر كبيرة في مزروعاتهم تقدر بملايين الدولارات.

من هنا عملت محطات تلفزيونية عدة على الاستغناء موقتاً عن البرامج السياسية المعروفة بالـ quot;Talk Showquot; واستعاضت منها بحلقات استضافت فيها خبراء ومتخصصين بعلم المناخات حيث راح كل واحد منهم يشرح الاسباب التي احدثت هذا التبدل الكبير في مناخ لبنان بصورة خاصة وفي مناخات العالم عموماً، والذي اجمع المتحدثون على تحميل quot;الثورة الصناعيةquot; والتلوث الناجم عنها المسؤولية الاولى في ما جرى والذي لم يكن مفاجئا اذا ما علمنا بأن تحذيرات وتنبيهات صدرت قبل اكثر من عشرين سنة تحدثت عما سيؤول اليه الوضع اليوم.

هذا وذكر الخبراء ان المناخ في لبنان يميل لكي يصبح صحراويا بعد ان توقفوا عند الحرارة المرتفعة التي ضربت بلد الارز الصيف الماضي، حيث بلغت رقما قياسيا تعدى الاربعين احيانا وهو شبيه بما تشهده بلدان خليجية مع الفارق ان النسبة العالية للرطوبة في لبنان تجعل المرء يتصبب عرقا مع شعوره بالضيق والانزعاج، هذا اذا ما اضفنا الانقطاع المتواصل في الكهرباء الذي يزيد الصيف قساوة على اللبناني، خصوصا عند ذوي الدخل المحدود الذين لا تمكنهم اوضاعهم المادية من الاستعانة بمولدات كهربائية.

هذا وتوقع الخبراء بقاء حالة الطقس في لبنان على ما هي عليه في الايام القليلة المقبلة، على ان تتبدل الاحوال مع بداية الشهر المقبل بحيث يؤمل هطول الامطار وسقوط الثلوج على الجبال، علما انه في مثل هذه الايام من العام الماضي ضربت لبنان موجة برد قاسية مصحوبة بالعواصف والامطار الغزيرة التي احدثت سيولا في مناطق عدة.

كما كان عشاق التزلج يستمتعون بممارستهم هوايتهم في مناطق التزلج المعروفة ابرزها الأرز وفاريا التي خلت اليوم من أي بقعة بيضاء خلافا لما كانت عليه الصورة طوال السنوات الماضية الامر الذي أدى الى ضرب موسم التزلج السياحي مع ما يعني ذلك من خسارة مالية للبنان.