كان لاحتفال الألمان بداية هذا الأسبوع باليوم العالمي للأشجار وقعا خاصا مع تراجع ثقافة التشجير أمام زحف البناء.


صلاح سليمان من ميونيخ: ليس غريباً ان يهتم الألمان بصفة خاصة بالأحتفال بهذا اليوم ، فالغابة في الثقافة الألمانية هي نظام بيئي شديد الصلة بحياة الإنسان لأنها تغطي أكثر من 28% من مساحة الكرة الأرضية، وتتميز بخصائص هامة تجعلها ترتبط بحياة الإنسان بشكل خاص وبنمط الحياة الأرضية بشكل عام ، لذلك فإن تدهورها أو زوالها له ا إنعكاسات كبيرة وخطيرة على صحة الإنسان ، خاصة اذا ما عرفنا ان مساحة الغابات المزروعة بالأشجار التي بدأ الإنسان في تبديدها او التي ابيدت بفعل الحرائق قد يصل الي مساحة دولتي سويسرا والنمسا مجتمعتين أي 16 مليون كيلو متر مربع.

هذه الخسارة الكبيرة تحدث خللاً كبيرا في البيئة ،حيث تمتص الغابات غاز ثاني اكسيد الكربون الضار بالبيئة وتطلق الأوكسجين الذي هو عنصر الحياة بالنسبة للإنسان والحيوان وهذا الإهمال في التشجير يوضح الي اي مدي تتوقف حياة الإنسان علي وجود الغابات.

وكان حجم المساحات المزروعة بالاشجار في مقاطعة بافاريا يصل الى حوالي 25 ألف كيلو متر مربع أي ما يصل الى 30% من مساحة الولاية.


للأشجار ايضا ًفوائد عديدة أخري فهي تخفف من حدة الرياح وتساهم في رفع قيمة الرطوبة الجوية بشكل محسوس، كذلك تعمل علي التصدى للسيول والفيضانات وتؤمن انتظام تدفق مياه الينابيع والأنهار وتسهل تسرب المياه داخل التربة ومنها لتغذية المياه الجوفية،أي إنها تقوم بدور المنظم للمياه.

من أهم الوظائف التي تقوم بها الأشجار أيضا من أجل البيئة هو عملها كمصفاة طبيعية للغبار والدخان وغيرها من ملوثات الجو، تساهم جزئياً في تنقية الجو بشكل عام، مثلاً إن غابة من الأشجار ذات الأوراق العريضة في منطقة معتدلة يمكن أن توقف سنوياً بحدود80 طن من الغبار في الهكتار، وغابة من الصنوبر توقف 30 طن لذا تعتبر نظاماً بيئياً صحياً جداً للإنسان.

يري علماء الغابات أن موت الأشجار هو مصطلح جديد دخل عالم البيئة منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي حيث بدأ حماة البيئة في تسليط الضوء علي ظاهرة إحتضار الغابات وتقلص مساحتها علي نطاق واسع مما يعني حدوث إخلال كبير في موازين البيئة ، فالغابة كما تعّرف هي مجتمع نباتي مؤلف بصورة أساسية من أشجار ونباتات مختلفة القياسات وتنمو بينها نباتات عشبية كثيفة وطحالب وفطور وكل هذه الأنواع تعيش في حالة تكامل فيما بينها ويحدث تبادل في المواد بينها خاصة بين الأجزاء الحية وغير الحية.

في ألمانيا هناك أهتمام كبير بالغابات منذا ان بدا واضحا للعيان ما تعاني منه الأشجار في تلك البلاد ،وهناك قوانين صارمة للمحافظة عليها خاصة وأن برامج التوعية الألمانية إزدادت في الفترة الأخيرة بالنظر الي أهمية الغابات علي البيئة الألمانية وأيضا العالمية، ففي جنوب المانيا وحدها هناك الغابة السوداء التي تشترك مع غابة بوهيما التي تقع علي الحدود بين ولاية بافاريا وجمهورية التشيك في مساحة تصل الي 1350 كيلو متر مربع وينتهز الآلمان يوم الأشجار العالمي الذي يتم الأحتفال به منذ عام 1971 للتأكيد علي اهمية الغابات ةالشجار لحياة البشر.

ولاية بافاريا التي تتمتع بمساحات هائلة من الغابات تجري سنوياً فحوصاً للغابات وتعطي تقاريراً ترصد فيها حالة الغابات والتغيرات التي تحدث فيها من عام الي آخر ، وفي 20 ابريل من عام 2011 بدأت حكومة الولاية مشروعا قوميا للحفاظ علي الغابات يستمر حتي نهاية 2012 يتم فيه توثيق الغابات بشكل جيد مع التعرف علي نوعية الأشجار الضعيفة والتي تموت سريعا في ظل التغيرات المناخية الحالية وذلك للعمل علي الحد من تلك الظاهرة وعلي الرغم من أن التوقعات من هذا البرنامج الإصلاحي قد ينجم عنه تعافي ربع مساحة الأشجار المتضررة إلا أن الخطر لايزال قائماً.

يرجع البعض الآخر تزايد الطلب علي منتجات الأخشاب في أنه سبب مباشر في تقلص مساحات الأشجار ، حيث تذكر الإحصاءات العالمية ان كل خامس شجرة مزروعة في العالم يتم استخدامها لتصنيع الأوراق ، في الصين مثلاً يتم استخدام 45 مليار عصا خشبية من النوع الذي يستخدمه الصينيون في الأكل وهو ما يعني عمليا قطع 25 مليون شجرة سنويا لهذا الغرض. لذا يري العلماء أن إزالة الغابات هو أحد الأسباب الحقيقية في إحداث التغير المناخي ، خاصة إذا ما عرفنا أن الغابات المدارية وحدها هي المسؤولة عن حوالي 20% من انبعاثات الغازات المسببة للإحتباس الحراري العالمي.