عوارضه تشخيصه وعلاجاته المتعددة
التهاب القولون ...الم في البطن مع انتفاخ
د . مزاحم مبارك مال اللـــه: يقول الأطباء أن نسبة عالية جداً من مرضاهم أو من المرضى الذين يراجعون يشكون من آلام البطنأنما حقيقةً يعانون من مشاكل بالقولون ، والشائع بين هؤلاء الناس مصطلحعندي قولون سواء بأحاديثهم الخاصة أو حينما يراجعون العيادات والمستشفيات لأسباب أخرى عدا القولون ! ، ولكن الغالبية العظمى منهم لايعرف ما المقصود بهذا المصطلح .
ما هو القولون وما أمراضه وما الحالات التي يتعرض لها وكيف يتم تشخيصها وما علاجاتها من التساؤلات كل ذلك سنتناوله حيث نقول أن الجهاز الهضمي يتكون من الفم والمرئ والمعدة ومن الأمعاء الدقيقة ثم ينتهي بالأمعاء الغليظة .
الأمعاء الغليظة ( يبلغ طولها 1,5 متر ) تتألف من أربعة أقسام وحسب تسلسلها أبتداءاً من : 1) الأعور والذي تتصل به الزائدة الدودية ، 2) القولون ، 3) المستقيم ، و4) الشرج .
القولون يبدأ من الأعور وينتهي بالمستقيم ، و يتألف من ثلاثة أقسام وهي القولون الصاعد ويقع في الجهة اليمنى من البطن ، القولون المستعرض ويمتد في البطن من اليمين الى اليسار أما القسم الثالث فهو القولون النازل ويقع في الجوف البطني الأيسر حيث ينتهي بالمستقيم . ويمكن تلخيص وظائف الأمعاء الغليظة بمايلي :ـ 1) أزالة الماء من مكونات الأمعاء بشكل عام ، 2) خزن الفضلات ومن ثم 3) لفضها خارج الجسم بفواصل زمنية الى حدٍ ما منتظمة معتمدة على التَعوّد وعلى الوظيفية الصمامية الخاصة بقناة المخرج أضافة الى تحسس المستقيم للتخلص من هذه الفضلات ، لذا أصبحت التشكيلة التشريحية للأمعاء الغليظة سواء المرئية منها أو المجهرية ذات خواص محددة لأجل أنجاز وظائفها .
أن الشكوى الرئيسة للمواطنين هي الألم ، الألم في البطن مع أنتفاخ مصحوب بالأسهال أو الأمساك ...الخ من الأعراض ، وتبدأ رحلة العذاب والتي حدودها مربع زواياه ( المرض، الطبيب، المختبرات والأشعة والسونار، وأخيراً الصيدلية ) ، هذه الرحلة لاتنتهي إلاّ بهدوء القولون المتهيج أو بشفائه إذا كان ملتهب . ولكن كيف يميز المريض المسكين و كيف يعرف حالته ، إن ذلك متروك الى الطبيب المعالج والذي من واجبه أن يخبر مريضه ويشرح له الحالة التي يعاني منها . أن القولون يتعرض الى العديد من الحالات المرضية ويمكن أن نقسمها الى:
1.الألتهابات الحادة ، 2. الألتهابات المزمنة ، 3. التهيج ، 4 . الأورام .
ما يهمنا هو موضوع مقالتنا هذا اليوم والخاص بالحالات الثلاث الأولى .
الألتهابات الحادة :
وتشمل :ـ ألتهاب القولون الأميبي ، ألتهاب العصيات الديزنتري ، ألتهابات بكتيرية حادة ، ألتهاب القولون المخاطي ،
1.الألتهاب الأميبي :ـ وهو من الأمراض المنتشرة في المناطق الحارة ويمتاز بأمكانية تحوله الى حالة مزمنة ، تسببه نوع من الطفيليات نتيجة تناول طعام أو شراب ملوث بها ، يمتاز بألم بالبطن يصحبه الأسهال الذي ربما يتناوب معه الأمساك . أن الخروج يمتاز بالرائحة المتعفنة و بمرور مواد مخاطية مع قليل من الدم في بعض الأحيان . أن الحالة يمكن معالجتها بعلاج ( ميترونيدازول ) أو ( فيرومايد ) .
2.إلتهاب العصيات :ـ و تسببه نوع من الطفيليات المسماة ( شيكلاّ ) ، تدخل القناة الهضمية عن طريق تناول المواد الملوثة وينتشر بالأماكن المزدحمة . يمتاز المرض بألم بالبطن مع أسهال دموي ، تقيؤ وأرتفاع بدرجة الحرارة . يمكن معالجة الحالة بالأمبسلين مع أعادة توازن سوائل الجسم .و في الكثير من الحالات فأن الحالة المرضية تنتهي دون أستعمال لأي علاج .
3.ألتهابات بكتيرية :ـ وهي غالباً ما تكون على شكل تسممات غذائية حادة والتي تمتاز بالغثيان وآلام بطنية شديدة ومفاجئة مع التقيؤ ، ويمكن معالجتها بالسوائل الوريدية .
4.ألتهاب القولون المخاطي :ـ وهو واحد من أهم الألتهابات التي تنتج عن أستعمال بعض المضادات الحياتية مثل ( اللنكوسين أو كلنداميسين أو الأمبسيلين ) ، هذه المضادات تتسبب بالنمو غير الطبيعي لبعض البكتيريا في داخل القولون محولةً أياها الى بكتيريا مرضية تنتج الفعل التسممي وبالتالي فالمريض يعاني من الأسهال الشديد مع الألم ، أما علاج هذه الحالة فهو يقتصر على التوقف عن تناول مسببات الحالة اضافة الى تناول السوائل التعويضية مع أستخدام علاج ( ميترونيدازول ) .
5.ألتهاب الزائدة الدودية :ـ وهي حالة معروفة بأعراضها التي تشتمل آلام تبدأ بمنطقة السرّة وبمرور الساعات القليلة يتمركز الألم في المنطقة البطنية اليمنى السفلى ، هذا الألم يصاحبه أرتفاع بسيط بدرجة الحرارة وبالأمساك ( على الغالب ) وأحياناً يصاحبه التقيؤ . علاج الحالة وكما يعرفه القارئ يكون بالعملية الجراحية .
الألتهابات المزمنة :ـ
أهم حالتين والأكثر شيوعاً هما :ـ 1) مرض كرون ، 2) ألتهاب القولون التقرحي .
مرض كرون :ـ
يصيب الأمعائين الصغيرة والغليظة . وهو عبارة عن تورمات حبيبية غير متخصصة تشمل مناطق محددة من الأمعاء وغير معروفة السبب .
أن الصورة الرئيسة لهذا المرض تمتاز بالألم ، والألم بشكل عام يتمركز في الجهة اليمنى من البطن ( والذي غالباً ما يخلط الصورة مع ألتهاب الزائدة الدودية ) ، ولكنه يمتاز بكونه يحدث على شكل نوبات ، وكذلك فالحالة تمتاز بالدوار والتقيؤ . هذا المرض ربما يؤدي الى حصول الناسور أو الأنسدادات المعوية وكذلك فأنه يصيب كل الجهاز الهضمي وهذا ما ما يميزه عن حالة ألتهاب القولون التقرحي .
ألتهاب القولون التقرحي :ـ
وهو ما يهمنا هنا في هذا المقال ، حيث أنه يحصل نتيجة عدم الأستجابة المناعية لجسم المريض ، والأستجابة أما لوجود نوع أو أنواع من البكتيريا سواء مرَضية أو غير مَرضية ، أو لوجود نوع من المواد الغذائية التي تحوي بعض البروتينات والتي تتسبب بالحساسية الغذائية . أن السمة الأساسية لهذا المرض هو معاناة المصاب به من (( الأسهال )) ، وثبت في بعض الحالات توقف الأسهال فيها مجرد الأنقطاع عن تناول الحليب مما يدل وجود الحساسية الغذائية لنوع من البروتينات التي يحويها الحليب . لقد أثبتت الدراسات الى زيادة أحتمالية الأصابة بالمرض بين أفراد العوائل التي تحمل المرض ويتزاوجون فيما بينهم .
أن المرض يمتاز بتورم الغشاء المبطِن للأمعاء الغليظة والذي ربما يشمل المستقيم فقط أو يشمل كل القولون ، هذه التورمات تسبب مراكز نزفية في الغشاء والتي تؤدي الى التقرحات الواسعة فيه وبالتالي فأن قولون المريض يكون منتفخاً .
أن المرض يصيب الأعمار بين 20ـ 40 سنة ، وأن أول نوبة منه تكون قوية وقاسية . قلنا أن السمة الأساسية للمرض هو الأسهال الذي يمتاز بمرور مواد دموية مخاطية وتحتوي على الجَراحة ، أن عملية الأفراغ غالباً ما تصاحبها آلام بطنية ولكنها ليست قوية . أن المريض ( وخصوصاً غير الخاضع للعلاج ) سيعاني من أرتفاع بدرجة الحرارة وربما يتعرض الى الجفاف بسبب فقدان السوائل . أن الحالات المزمنة من المرض تؤدي الى تدمير نسيج القولون وبالنتيجة يتحول الى نسيج ليفي تتغير كل المعالم الوظيفية فيه بحيث يصبح القولون أنبوب صلب يمكن تحسسه بالفحص السريري للمريض . أن المرض ربما يؤدي الى ألم في المخرج . أن نوبات المرض التي يتعرض لها المريض ربما تحدث بسبب التأثير النفسي والحالة العصبية له . أن المريض أيضاً سيعاني من فقر الدم . ولأجل تشخيص المرض يمكن أن يخضع المريض الى سلسلة من الفحوصات تشمل الناظور المخرجي وكذلك ناظور الجزء الأخير من القولون النازل ، أضافة الى الفحوصات الشعاعية التلوينية .
أن للمرض مضاعفات وأهم هذه المضاعفات أنتفاخ وأنفجار القولون ، أما سرطان القولون فيمكن أن يحدث لدى المصابين بهذا المرض وهم يعانون منه لفترة طويلة من الزمن وكذلك من تداعيات واضحة في الصحة العامة . والمريض يمكن أن يعاني من آلام المفاصل ، تقرحات الفم ، ألتهاب العين وكذلك بعض الأعراض الجلدية . أن
علاج المرض يرتكز على ما يلي :ـ
1.أدخال المريض الى المستشفى وحسب حالته لتعويض السوائل والأملاح والدم .
2.مضادات الأسهال .
3.مضادات الفطريات والطفيليات .
4.الكورتيزون ومشتقات الكورتيزون .
5.بعض مشتقات السلفا والتي تساعد على تهدأة ألم القولون .
6.حقن شرجية لمعالجة حالات الشرج .
7.تداخلات جراحية في حالات محددة ومنها عدم الأستجابة للعلاجات الباطنية .
تهيّج القولون :
أنه الشق الثاني من موضوعتنا في هذا المقال ، فهو أحد أهم وأوسع الحالات أنتشاراً بين الحالات التي يتعرض لها القولون ، وبأختصار شديد فالعلماء يصفونه على أنه :ـ الحالة المرضية التي تعاني منها القناة الهضمية والتي تمتاز بالفقدان الوظيفي المزمن مصحوباً بآلام البطن وبدون أي سبب عضوي . أن المريض يعاني من الأسهال المزمن أو الأمساك المزمن أو بالتناوب بين الأسهال والأمساك . أن تهيج القولون يُطلق عليه أحياناً أسم القولون المتقلص أو القولون العصابي .
أن الأطباء حاولوا ويحاولون دراسة هذه الحالة فظهرت لديهم بعض التفاسير والتي لايعدُنّها نهائية فقد وجدوا في حالة حصول الأمساك والألام البطنية أن الضغط في داخل القولون يزداد وأن هذا الضغط يعبّر عن نفسه على شكل موجات متعاقبة ، بينما في حالة الأسهال فأن قولون المريض سيعاني من هبوط في القابلية الحركية وبالتالي سيمر الأسهال بلا ألم . هذه هي أحدى تفاسير آلية ما يحدث في القولون علماً أن السبب الرئيس للأصابة بمرض تهيج القولون غير محدد بالضبط لحد الأن ولكن العلماء وجدوا أن الغالبية من المصابين به يعانون من وضع أو أوضاع نفسية غير مستقرة ، فالمرضى الذين يعانون من الأضطرابات النفسية هم ضحايا هذا المرض . أن تهيج القولون منتشر بين الأشخاص الذين يمتازون بالقلق وبالتوتر وبالأنشداد العصبي وكذلك بين الأشخاص الحريصين في حياتهم وعملهم وسلوكهم ، هذا أضافة الى وجود بعض الدراسات التي تدرج بعض أنواع الأطعمة كسبب في حصول نوبة تهيج القولون .
أن تهيج القولون شائع بين النساء خلال سني 20 و40 عاماً من العمر ، وكما قلنا فأن العرض الأهم من أعراض المرض هو الألم ولكنه في الجهة البطنية السفلى اليسرى و ربما ينتقل الى الجهة اليمنى أو الى الجهة البطنية العليا ، الألم غالباً ما يكون قوي . أن الألم عادةً ما يزول بالذهاب الى المرافق الصحية لقضاء الحاجة ، أو يزداد بتناول الطعام . و من المعلوم فأن الأمعاء تسلك سلوكاً ثابتاً تقريباً أو تعتاد على التخلص من الفضلات بأوقات محددة ولكن في حالة تهيج القولون فأن هذا التعود يختفي . أن المريض غالباً ما يشكو من مرور خروج على شكل كرات صغيرة مصحوب أو غير مصحوب بمواد مخاطية . أما في حالة حصول الأسهال فالأسهال يكون بلا ألم وعموماً يحصل صباحاً ، ويلاحظ العديد من المرضى أن الأخراج يزداد بعد تناول الوجبات الغذائية وذلك بسبب زيادة إنعكاسات الجهاز العصبي على الأمعاء . أن المريض يعاني من أعراض وعلامات أخرى وأهمها أنتفاخ البطن والأحساس بعدم تفريغ المستقيم بالكامل ، ويعاني من مرور الهواء أيضاً ، أضافة الى الدوار والشد العصبي والصداع ويبدو التعب والوهن عليه أيضاً . ومن الأمور الهامة في فحص المريض سريرياً وهو التحسس بالقولون النازل ويشعر المريض بالألم أثناء الفحص .
أن تشخيص المرض عادةً ما يكون عن طريق التأريخ المرضي للمريض وكذلك بالفحص السريري ، ولكن هذا لايمنع من أجراء الفحوصات التالية ( وحسب رأي وقرار الطبيب المشرف على الحالة ) :ـ
1.السونار ، 2. تحليل الخروج ، 3. ناظور المستقيم ، 4. الأشعة بالحقنة الشرجية .
العلاج :ـ أن الأساس الذي يُبنى عليه علاج تهيج القولون هو شرح الحالة للمريض وأعادة الثقة الى نفسه حيث أن الكثير من المرضى ينتابهم شعور التخوف من الأصابة بالمرض الخبيث ، أن التعامل مع الوضع النفسي للمريض يُعدّ الأمر الأهم أو العقدة الأهم في علاج تهيج القولون ، ومع ذلك فأذا كان المريض يعاني من الأمساك فتوجيهه بتناول المواد الغذائية الغنية بالألياف هو أهم خطوة في علاجه ، ( والمواد الغنية بالألياف هي : نخالة الحنطة ، الخضروات ، الخس ، قشور الخيار ، الجزر ، الشلغم والشوندر ، الفاكهة....الخ ) ، مع تناول المزيد من السوائل وممارسة الرياضة ، كلها تساعد المريض على التخلص من حالة الأمساك المزعجة . أما أذا كان يعاني من الألام فمسكنات الألم يمكن أستخدامها ، علماً هناك الكثير من المستحضرات الكيمياوية ( أدوية ) يمكن وصفعا لأجل تهدأة القولون المتهيج مثل ( مبفرين هيدروكلورايد أو سلازوبايرين ) ، وفي حالات الأسهال فيوصي الأطباء بتعويض السوائل أضافة الى أستخدام مضادات الأسهال وحسب رأي الطبيب المعالج .
وهناك مجموعة من الأعشاب الطبية التي بالأمكان من أستخدامها ولكن يجب أن تكون تحت الأشراف الطبي المباشر لدى المتخصصين بهذه الأعشاب والمجازين من قبل وزارة الصحة ، أضافة الى ذلك فأننا ننصح بمراجعة ( مركز طب الأعشاب في بغداد ) والذي يعنى بهذا الجانب من طرائق العلاج ، وأهم هذه المواد العشبية وأكثرها شيوعاً : حشيشة المبارك ، زباد ، عصى الراعي ، غافث ، غرغر ، قنب مائي ، H2C , H3C , H2G .
على المريض أن يميز بين ألتهاب القولون وبين تهيجه ، وأن تهيج القولون والذي يمكن أن نطلق عليه مصطلح ( متلازمة القولون الأضطرابي أو المضطرب ) هو أحد أهم وأوسع الحالات العضوـ نفسية أو العضو ـ عصابية أنتشاراً ، وأن أمراض أو حالات القولون تُعدّ من سمات أمراض وحالات العصر المَرَضية ، فالدراسات تُشير ألى شكوى مئات الملايين من الناس على مستوى شعوب العالم من آلام البطن والتي مصدرها القولون ، إذ يبقى القولون هو مرآة الجهاز الهضمي لوضع المواطن النفسي .
التعليقات