المستشفيات الحكومية تجارية خاصة quot; من تحت لتحتquot;
داء الضعف يضرب قطاع الصحة المغربي


منى وفيق من الرباط: لا يختلف اثنان حول كون قطاع الصحة في المغرب على حساسيته و أهميته الأسوأ و الأكثر ضعفا بل بمعنى أدق هو ذاته مصاب بمرض الهشاشة، وها هي السيدة الوزيرة نفسها تعترف بما تراه تقدما ملموسا لهذا القطاع وتتحدث عن هذا التطور المشهود في البرامج الوقائية ومحاربة الأمراض خصوصًا برنامج التخطيط العائلي وكذلك البرنامج الوطني للتلقيح، بالإضافة إلى التقليل من وفيات الأطفال، وكذلك النجاح في محاربة داء السل. ما يجعلك تحسّ أنّك لربّما في دولة بدائية وصلت لما لم يصل إليه غيرها ويعتبر هذا إنجازا ما بعده إنجاز. وإمّا أن تشعر حقيقة بأن المرض في المغرب هو مرض لطيف وناعم يتمظهر فقط في ما ذكر من أمراض، أمّا كلام أحدث وزيرة مكلّفة بقطاع الصحة في المغرب عن بناء المستشفيات والمصحات وتجهيزها بتجهيزات حديثة فهو بحدّ ذاته حدث و حديث جديد...!؟

العلاج حقّ مدفوع الأجر

قبل الدخول لغرفة الكشف لإجراء الفحص الطبي لا بد للمريض دفع 60 درهما ndash; حوالى 9 دولارت- أيا كانت وضعية المريض المالية والصحيّة ولا يهمّ مطلقا مدى سرعة و ضرورة ولوجه غرفة المستعجلات ، هذا ناهيك عن وجوب الدفع للتمكن من القيام بفحص السكانير أو إجراء أشعة للصدر و غيرها من الفحوص .. مع العلم أن المدخول اليومي لهذه المستشفيات الحكومية - المخوصصة - كمستشفى مولاي يوسف ومستشفى ابن سينا في الرباط كفيلة بالسماح للمرضى أيا كان عددهم بالعلاج مجانا.
العلاج هو حقّ المريض المغربي وواجب الدولة وقطاع الصحّة لكنّه حقّ مدفوع الأجر ، و لا داعي للاستغراب إذا ما قامت المستشفيات في المغرب في المستقبل القريب بعرض تلك العبارة الاستفهامية التي يكرّرها المرضى في المغرب على أبوابها لكن هذه المرّة بصيغة الأمر :quot; الّي ما عندوش يمشي يموت quot;!


المريض مريضُ الممرض

في حالة الأمراض طويلة الأجل أو المزمنة فتعامل المريض هنا و تواصله المباشر يكون مع الممرض ، أما لقاؤه الطبيب فيكون لتشخيص المرض و إعطاء الدواء ومتابعته في أوقات معلومة وحسب . ولهذا فروح المريض تكون في يد الممرض ليتفنّن هذا الأخير في ممارسة ما استطاع من دلال وتكاسل وعجرفة على المريض ويبحث المريض بالتالي عند الممرض عن يدِ أكثر حنوا ، عن كلمة الطيبة و ابتسامة بسيطة على قصرها ويتناسى العلاج!
في كثير من الحالات بل في أغلبها يصبح الممرض أهمّ عند المريض من الطبيب وقد يتبادلان الأدوار في ذهن المريض.
مسموح لأقارب المريض وللطبيب القيام بمهام الممرض في أحايين كثيرة كالبحث عن قنينات الأوكسجين و حمل تحاليل الدم لمختبر المستشفى ودفع المريض في عربة المستعجلات والجري به بحثا عن قاعة الكشف المطلوبة وغير هذا .. . باختصار وكما على غرار المثل الشعبي في المشرق اللائق على الحال المغربي quot; يا بخت من كان الممرض خالهquot;!!..
والويل كل الويل لك لو أنّ الممرض في خلاف مع الطبيب فحينها تصبح الساعي وراء الصلح وحلقة الوصل في زمان الوصل ويا زمان التواصل والوصل في المستشفى وليس في الأندلس كما تقول الأغنية .
ببساطة لا تخلو من بساطة ، الممرض هو مرتش قانوني قد تبحث له عن مبرّر متمثّل في كونه موظفا مريضا هو الآخر بالحياة و مصاريفها بمرتبه الضعيف وكنتَ لتتفهم موقفه وتغضّ الطرف ما استطعت وتغفر له لو أنّ مصير مواطن متعاف وغير مريض هو الذي بيده !!

مستشفيات ثلاثة كبرى في المغرب لها رابع..خامس..

في هذا المغرب الطويل الشاسع لا توجد إلا 3 مستشفيات حكومية كبرى ومجهّزة بأحدث ما قدر عليه القطاع الصحي المغربي ndash; مستشفى ابن سينا ، مستشفى مولاي عبد الله ومستشفى مولاي يوسف - وكلّها متمركزة في العاصمة الرباط لذا فمرتادوها من كلّ أنحاء المغرب ومن مناطق بعيدة جدا يأتون ليأخذوا كورسات و دورات غير مباشرة في الصبر على الإجراءات الإدارية اللامنتهية للمستشفيات و تقبّل المواعيد المتأخّرة للزيارة والتي قد تمتدّ لشهرين أو ثلاثة دون أن يتواجد الطبيب ويكون المريض خلالها قد باع صحّته مجانا للمرض..؟!أمّا المريض القادم من مدن أخرى إن لم يكن نزيلا في المشفى فعليه أن يضيف هو مرافقوه إلى مصاريف العلاج مصاريف السكن والأكل و الرشوة والتنقل في الرباط لمتابعة علاجه !!!
و إذا نجا هذا القادم البعيد أو القريب من كل ما سلف ذكره فلن ينجو من السعر المرتفع للأدوية خصوصا علاج مرض السرطان المكلف جدا و مرض القصور الكلوي و أمراض القلب ..
قد يكون مستشفى ابن سينا الأكبر والأهم في المغرب رغم الكثير من نقاط ضعفه وقد يكون مستشفى مولاي يوسف مميزا في تخصصه في علاج مرض السل و أمراض الجهاز التنفسي و البطن وغيرها و قد يكون مستشفى مولاي عبد الله المستشفى الفعلي الوحيد المختص في علاج الأمراض السرطانية في المغرب، لكنّه من المخجل حقّا القول بوجود مستشفى واحد حقيقي أو اثنين أو ثلاثة بتجهيزات ضعيفة أو متوسطة في دولة الحقّ والقانون مادام العلاج حقّأ مشروعا و أولويّا شأنه شأن حقّ الحياة..!
للمستشفيات الثلاثة رابع مختص بالأمراض العقلية هو مستشفى الرازي في سلا ولنضف له مستشفى الأمراض العقلية في الدار البيضاء quot; ترانت سيسquot; لكنهما قليلا الأهمية قليلا فالوقوف على الرجلين أهم قليلا من الوقوف على العقل..

الطرافة في المستشفيات المغربية

لا تخلو المستشفيات في المغرب من طرافة ، طرافة سوداء أو رمادية فلا فرق هنالك . فها هي ذي آيات الموت معلقة في جدران المستشفى كتحفيز قوي للحياة بطبيعة الحال أو هكذا يجب أن يفهم المرء كي لا يتشاءم من حالته .. و هي ذو الأجهزة القليلة و إنّما موجودة تنتظر أول عمل لها في أول فرصة لتأخذ عطلة مفتوحة الآجال .. أمّا الأدوية فتوجد بكثرة في الصيدليات خارج المستشفى لكنّها قابلة لأن تظهر به إن كانت لك أيّ معرفة هناك مهما تفاوتت أهميّة هذه المعرفة ..وما أدراك ما المعرفة والواسطة في المستشفيات فهي تضمن لك تخديرا كافيا يبعد عنك الألم في حالة إجراء فحص أنبوب المعدة مثلا .. المعرفة يا سيدي تجعلك أرستقراطي المستشفى تنعم بكل رعاية مهما كان مرضك بسيطا ..
لون أكل النزلاء في المستشفى يكون مختلفا عن لون الأكل العادي فتلك فرصة لهم لتجربة أكل الموتى كما يلقبونه وهو نوعية واحدة تتكرر كل يوم تطبخ غالبا بالماء و توابل مجهولة المصدر ..
والطريف المبكي فعلا هو ما يتعرض له أقارب المريض أو المريض نفسه من نصب واحتيال وسرقة من لصّ ارتاد المستشفى بكل سهولة و ادّعى كونه طبيبا أو ممرضا يرضيه إلا أن يزيدك مرضا فإمّا أن يسرقك برضاك أو بعدمه وطبعا المستشفيات لا تحمي المرضى ..
أمّا إن أعجب بك رجال الأمن بالمشفى ،عفوا أعجبوا بجيبك فكان الله في عونك لأن صدقاتك الجارية والمجريّ وراءها ستتكاثر فعلا ..!

تفاؤل الوزيرة ب 8 ملايين درهم

قد لا يتفاءل المواطن المغربي بالنسبة إلى قطاع الصحة شأن الوزيرة المغربية quot;ياسمينة بادوquot; ، ف 8 ملايين درهم والتي هي ميزانية وزارة الصحة لهذه السنة تبقى مجرد رقم - زايد ناقص ndash; بالنسبة إلى المريض المغربي ما دام يعرف مسبقا المسلسل الدرامي الذي سيعيشه في المستشفيات المغربية و يدعو الله ألا يصل إلى مستشفى الدولة ويقول دائما quot; لهلا يوصل ليها حبيبquot;

عوض quot;استوديو دوزيمquot; و quot;للا العروسةquot; وكل برامج الواقع الفنية التي تتحف بها القنوات المغربية متابعيها فلا بأس من برامج إنسانية من وقت لآخر من قبيل استوديو المرضى وللا الصحّة ، ولا بأس من التصويت لهم ولعلاجهم فالربح الإنساني أهم وأكثر فائدةأما قوافل المغنيين فأصابت الكل بالملل والنشاز المزاجي وثمة رغبة في تصديرها لحفرة ما ...!