أشرف أبوجلالة من القاهرة: في الوقت الذي بدأت تتزايد فيه حدة وغموض الأنباء الخاصة بتداعيات مرض إنفلونزا الخنازير الذي ظهر مؤخرا ً في المكسيك وراح ضحيته ما يزيد عن مائة شخص وعدد آخر من الإصابات حول العالم، تنوعت اهتمامات الصحف ووسائل الإعلام داخل القارة الأوروبية بالحديث عن المرض الخطير، كل من منظور مختلف، وإن اتفقت جميع الإصدارات على ضرورة الإسراع في إيجاد طرق لمكافحة تلك السلالة المميتة الجديدة ومنع انتشارها وتحولها لوباء. في البداية، قالت صحيفة الغارديان البريطانية أن المستشفيات البريطانية رفعت من حالة التأهب تحسبا ً لمواجهة أي حالات يشتبه في إصابتها بالمرض الجديد. ورغم عدم تسجيل أي حالات هناك حتى الآن، إلا أن السلطات المحلية قامت بوضع إستراتيجية قومية لمواجهة تهديدات هذا المرض قبل أن يتحول لوباء قاتل.

وفي تقرير مثير وشامل عن كثير من الجوانب التي لم يتطرق إليها من قبل بخصوص المرض الغامض الجديد الذي تسبب في بث الذعر في نفوس ملايين الأشخاص في مختلف قارات العالم، أزاحت صحيفة الإندبندنت البريطانية النقاب في عددها الصادر اليوم عن أمور ذات أهمية تفيد في الاضطلاع على المرض من منظور أوسع، بالإضافة لمعرفة تاريخه وطرق مواجهته وما إلى ذلك. وفي البداية، قالت الصحيفة أن إنفلونزا الخنازير هو عبارة عن عرض شأنه شأن الأنفلونزا البشرية، لكنها تتواجد لدى الخنازير. وما يثير قلق الباحثين الآن بتلك الصورة هو أن الخنازير عبارة عن مضيف ممتاز للفيروس. ونظراً لتشابهها الجيني مع الإنسان، يمكنها نقل الفيروس للإنسان بصورة أسهل مما تفعله الطيور ( فيما يتعلق بنوبات الإصابة بإنفلونزا الطيور ).
وتابعت الصحيفة حديثها بالقول أن العلماء يعكفون الآن لتحديد الطبيعة الدقيقة للفيروس، والأعراض التي يسببها وقدرته على وقوع المرض ومن ثم إلي الوفاة.
كما كشفت الصحيفة عن أن هذا الفيروس سبق له وأن أصاب الإنسان بصورة نادرة خلال عقد الخمسينات من القرن الماضي، وتركزت تلك الإصابات بصفة خاصة لدى المزارعين الذين يحتكون بصورة مباشرة مع الخنازير. وفي أوروبا وحدها، تم تسجيل 17 حالة إصابة بهذا المرض منذ عام 1958. كما انتشر هذا المرض في الولايات المتحدة بأحد المعسكرات الحربية في نيو جيرسي عام 1976، أصيب على أثره مائتي شخص، خضع منهم 12 للعلاج في المستشفي، وتوفى شخص واحد. وبالنسبة لأعراض هذا المرض، قالت الصحيفة أنها مشابهة للإنفلونزا البشرية العادية، والتي من بينها الكحة والحمى الحادة والصداع وآلام العضلات.
وفي الحالات الحادة، قد يؤدي هذا المرض إلى الإصابة بمرض ذات الرئة، وتدهور في الوظائف الخاصة بعدد من الأعضاء، ومن ثم إلى الوفاة. كما أشارت الصحيفة إلى أن هناك طرق لمعالجة هذا المرض، حيث تبين أن العقاقير المضادة للفيروسات مثل التاميفلو وريلينزا هي أدوية ذات فاعلية في معالجة المرضي الذين أصيبوا بالفيروس في المكسيك وأميركا على مدار اليومين الماضيين. واتضح أيضاً أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 40 عام هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس.

في حين خصصت عدد كبير من المطبوعات الصحافية الصادرة في ألمانيا اليوم الاثنين تقارير واسعة للحديث عن حالة الذعر الشعبي العارم التي بدأت تنتشر حول العالم بصورة أسرع من انتشار الوباء نفسه، كما ركزت على التدابير التي تم اتخاذها إلى الآن لاحتواء المرض، في حين حذر بعضها من الأخطار المحتملة لانتشار المرض خلال الفترة المقبلة على نطاق أوسع مع إمكانية تحوله إلى وباء. وفي هذا الإطار، قالت مجلة دير شبيغيل أنه مع تسجيل أول حالة إصابة بالمرض داخل القارة الأوروبية، بدأت تنتاب العالم حالة من الخوف تجاه الوباء العالمي. ونقلت المجلة في الوقت ذاته عن يورغ هاكر، رئيس معهد روبيرت كوخ ذائع الصيت في برلين، قوله أنه quot; لا يمكن لأحد أن يقرر إذا ما كانت تلك السلالة المرضية قد بدأت تنتشر في ألمانيا أم لاquot;. وفي حديث له مع صحيفة نيو بريسي الألمانية، أضاف هاكر بقوله :quot; يمتلك فيروس H1N1 كافة الخصائص التي تنذر بتحوله لوباء عالمي. ولا أريد أن يشعر الناس بالخوف، خاصة ً وأن ألمانيا محصنة معدة بشكل جيد لمواجهة مثل هذه الاحتماليةquot;.
أما صحيفة quot;دي ويلتquot; المحافظة فكتبت quot; لا يعرف الخبراء إلى الآن الأخطار الخاصة بتلك السلالة الجديدة التي نشبت مؤخرا ً في المكسيك.
لكنهم وجدوا في نهاية المطاف أنه على نفس القدر من الخطورة التي تتمتع بها الإنفلونزا الإسبانية، وإذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها، فإن المعالجة لن تكون ذات جدوى بعد ذلك. وإذا تم الآن إلغاء جميع الحفلات إلى المكسيك وتم فرض جميع تدابير الحجر الصحي الجذرية،سوف تكون هناك اتهامات بعدم التناسب إذا لم يتم التأكد من أن الفيروس قد أصبح متفشيا ً للغايةquot;. في الوقت ذاته شددت صحيفة فرانكفورتر الجيمين زيتونغ على أن التنوع الجيني الذي انتشر في المكسيك والولايات المتحدة أثار قلق الخبراء المتخصصين في الأمراض الوبائية. في حين مالت صحيفة دي تاغيسزيتانغ اليسارية إلى طمأنة المواطنين مع ضرورة توخي الحذر في الوقت الذي تردهم فيه سيل من المعلومات والأخبار والصور المتعلقة بالمرض لحظة بلحظة.

وفي اسكتلندا، أفادت التقارير الصحافية الواردة من هناك أن اثنين من المواطنين العائدين الأسبوع الماضي من المكسيك، ولديهم أعراض مماثلة لأعراض الإنفلونزا، لا زالا يخضعان حتى الآن للتقييم الطبي الشامل في إحدى المستشفيات ومن المنتظر أن يتم الكشف عن نتائج الاختبارات الخاصة بهم في وقت متأخر من مساء اليوم. في حين تم تسجيل إصابة نحو ستة عشر شخصا ً بالسلالة الفيروسية الجديدة في إسبانيا، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية عن وزير الصحة الإسباني، ترينيداد خيمينيز.