ملكي سليمان من القدس: قال عدنان داغر المدير التنفيذي لجمعية اهالي واصدقاء المرضى النفسيين في فلسطين إن مرض الفصام النفسي هو أسوأ الأمراض النفسية والتي هي اكثر الامراض النفسية انتشارًا في فلسطين ويعاني منه عدد لا بأس به من المرضى مشيرًا في لقاء خاص مع إيلاف إلى أن محافظة رام الله والبيرة على سبيل المثال يوجد فيها من 12- 14 ألف مريض نفسي ولكن غير مسجلين جميعهم في ملفات مراكز الصحة النفسية الحكومية في فلسطين معتبرًا ان ذلك يعود إلى إحجام عدد لا بأس به من هؤلاء المرضى عن مراجعة المراكز النفسية الحكومية او اللجوء الى العيادات الخاصة او عدم تلقيها للعلاجات ومراجعة الاطباء بشكل متواصل مشيرًا الى ان الوصمة الاجتماعية تقف عائقًا امام الكثير من العائلات لإرسال مرضاهم الى العلاج او بل تدفع ببعض هؤلاء الى عزل مرضاهم وسجنهم في غرف مغلقة وممارسة العنف النفسي والجسدي عليهم ما يزيد من حالاتهم المرضية .

quot; خدمات الصحة النفسية متطورة quot;
واضاف داغر: رغم ذلك فإن فلسطين تعتبر من اهم دول المنطقة التي تتوفر فيها مراكز الصحة النفسية المتطورة والتي يعمل بها كوادر فنية مؤهلة وتقدم وزارة الصحة العلاج لهؤلاء مجانا دون مقابل، في حين اشار الى وجود مراكز صحية وعيادات نفسية ومستشفيات للامراض العقلية في مدينتي بيت لحم في الضفة الغربية وآخر في قطاع غزة ولكنها اي هذه المراكز والمستشفيات بحاجة الى إعادة تأهيل وتطوير.

quot; الفصام مرض وراثيquot;
وقال داغر: quot; ان مرض الفصام يعتبره العلماء يعود الى اسباب وراثية في 90% من الحالات المرضية مشيرًا الى انه، اي المرض، يحدث خللا في الشعيرات العصبية الموصلة الى الدماغ ومن اعراضه انه يصيب المريض به بالهلوسة السمعية والبصرية والحسية والشمية ايضا ويسمع اصواتًا ويتكلم مع نفسه ويرى اشخاصًا ولكن المحيطين به لا يرون شيئًا او يسمعون اصواتًا معتبرًا ان اسرته الجهة الوحيدة القادرة على معرفة انه يعاني مرض الفصام منوها بأن الكثير من هؤلاء المرضى لا يعرفون انهم مرضى مع وجود بعض الاشخاص الذين يعترفون انهم مرضى وبحاجة الى علاج مبينا ان المجتمع يطلق على هؤلاء المرضى النفسيين quot; المجانينquot; وبالتالي يتم إهمالهم لا يتلقون العلاج او المعاملة الحسنة من اهاليهم ما يتسبب في تفاقم المرض عندهم واذا حصلوا على العلاج والمتابعة فانهم،اي المرضى، يتحسنون ويعودون الى حالتهم الطبيعية مشيرًا الى ان الامراض النفسية بحاجة الى علاج سريع وافضل من الامراض العادية لما يشكله هذا المريض من خطورة على من يعيشون معه لان المرض لا يصيب الشخص لنفسه بل يعاني من حوله المشاكل ايضًا.
quot; لا احصاءات رسمية quot;
وحول وجود احصاءات دقيقة بعدد المرضى النفسيين في فلسطين اشار داغر: الى انه للاسف الشديد لا تتوفر لدى جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني الجهة المخولة بعمل الاحصاءات ولا عند وزارة الصحة الفلسطينية ولكن وفقا للتقارير فإن لدى مركز الصحة النفسية المجمعية التابع لوزارة الصحة في رام الله 4000 ملف لمريض نفسي يراجعون المركز بشكل مستمر ويتلقون العلاجات اللازمة مشيرًا: الى ان هذا ليس الرقم الرسمي، معتبرًا وجود إضعاف هذا الرقم من المرضى الذين لم يتوجهوا الى المراكز الصحية الحكومية وانما يراجعون العيادات الخاصة بالاضافة الى عدم توجه مرضى اخرين لتلقي العلاج في اي مكان.

quot; دور الجمعية توجيه المرضى للعلاجquot;
وحول الجمعية قال داغر: ان الجمعية التي تِأسست قبل ثلاثة اعوام على الاقل فان ما يميزها عن غيرها من الجمعيات ان العاملين فيها هم من المتطوعين من اهالي المرضى النفسيين، مشيرًا الى ان الهدف من تأسيسها تفعيل الخدمات الصحية للمرضى، موضحًا ان المقصود بالصحة النفسية هو ان يعيش الانسان في وضع نفسي مريح عندما تصبح حياته غير عادية ويصاب بحالات من القلق والاكتئاب، معتبرًا ان الامراض النفسية هي أنواع وأخطرها مرض الفصام الذين تحدثنا عنه في البداية وهناك فرق بين المرض النفسي والحالة النفسية.
وقال داغر: إن الامراض النفسية منتشرة في العالم وفلسطين جزء من هذا العالم ونسبة المصابين بهذا المرض من مجموع السكان في كل دولة هي من 2- 4% معتبرا ان وجود الاحتلال والاعتداءات التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني يعتبر سببا اضافيا لمسببات الأمراض النفسية وبخاصة الفصام لان العنف النفسي والجسدي يسبب عاهات نفسية للذين يتعرضون لهذا العنف وايضا الاصابات التي تؤدي الى الاصابة بالشلل النصفي تساهم في اصابة المريض بالمرض النفسي.

quot; امراض تقود إلى الانتحارquot;
وقال داغر ان بعض الامراض النفسية التي لا يتم معالجة مرضاها قد تقود المرضى الى الانتحار وبخاصة مرض الفصام بينما اذا تلقى المريض العلاج فانه يشفى من مرضه، اما العلاج فيقسم الى ثلاثة اقسام وهو العلاج الدوائي والدعم الاسري والدعم المجتمعي مشيرًا الى ان منظمة الصحة العالمية توفر الدعم المادي والمعنوي للجمعية ولمراكز صحة نفسية اخرى في فلسطين، وان وظيفة الجمعية هي توجيه المرضى الى العيادات ومراكز الصحة النفسية، محذرًا في الوقت ذاته من اللجوء الى المشعوذين وغيرهم لان هذا يزيد ويفاقم المرض .
وقال داغر: لا يوجد احد محصن ضد الاصابة بالامراض النفسية معتبرًا انه يمكن ان يصيب الجميع ولكن مرض الفصام لانه مرض وراثي يصيب الاشخاص في سن المراهقة.
واضاف داغر : إن أعراض مرض الفصام فهي تدهور في الحالة التعليمية اذا كان المريض طالب علم ويلجأ المريض الى عزل نفسه وتصبح صلته بالمجتمع ضعيفة، اما اسبابه فهي متعددة ومنها ان المريض قد يتعرض الى صدمة نفسية او محنة.

quot;نظرة مجتمعية سيئةquot;
واخيرا حول نظرة المجتمع للمريض النفسي قال داغر: للاسف ما يسمى بquot; الوصمةquot; تختلف من مجتمع لاخر وفي مجتمعنا العربي فان هذه الوصمة عالية اذ ان الخجل يمنع المريض او اهله من التوجه الى الاطباء بهدف العلاج بل يعزل عن المجتمع ويتعرض للاضطهاد النفسي والجسدي ويصبح عالة على اسرته لان الناس ينظرون الى المريض النفسي على انه مجنون وليس بحاجة الى علاج، ونحن في الجمعية نسعى الى دمج هؤلاء المرضى داخل المجتمع المحلي وظيفة الجمعية ليست جهة علاجية بل توجه المرضى الى المراكز العلاجية وتقوم بتدريب وتوعية الاهل والقيادات المجتمعية وبخاصة ائمة المساجد على كيفية تغير نظرة المجتمع الى هؤلاء المرضى مشيرًا الى ان الجمعية نجحت في تدريب عدد من ائمة المساجد في فلسطين والذي ساهموا بشكل كبير في تغيير نظرة المجتمع الى هؤلاء المرضى بشكل ايجابي ولافت للنظر, منوها بالمراكز الصحية النفسية التابعة لوزارة الصحة تواجه ضعوطا كبيرا من قبل المرضى المراجعين ورغم ذلك فان الخدمات النفسية المقدمة في فلسطين افضل من كثير من دول المنطقة ولكن بحاجة الى دور للرعاية النهارية للمرضى النفسيين من اجل قضاء وقت النهار بحرية و كما ان هؤلاء المرضى بحاجة الى توفير عمل لان العمل الذي يناسبهم يساهم في تخفيف حدة المرض معتبرا ان وزارة الصحة هي الجهة القادرة على توفير العمل لهؤلاء تتلاءم مع ظروفهم وعلى سبيل المثال تشغيلهم في مشاغل خياطة، وتم وضع خطة وطنية للصحة النفسية من توفير الخدمات اللازمة للمرضى واهمها الادوية بشكل مستمر وتحسين اوضاع مستشفى بيت لحم للامراض العقلية وكذلك تحسين اوضاع المراكز الصحة النفسية في كافة المدن الفلسطينية وتوفير تأمين صحي ومجاني للمرضى واسرهم.