يستخدم الأطباء اليوم أجهزة قادرة على تقصي أدمغتنا لمعرفة سبب ما نشعر ونفكر به.
____________________________________________________________________________________
لماذا نتصرف بهذا الشكل أو ذاك؟ وما الذي يجعلنا نفقد توازننا؟ أسئلة أخذ العلماء اليوم على عاتقهم البحث عن أجوبة لها من خلال استخدام أجهزة قادرة على تقصي أدمغتنا باتباع طرائق لم تكن سوى مجرد أحلام قبل عقود قليلة من الزمن.
ومن دون شك أن ذلك تحقق بفضل تطوير أجهزة مسح دقيقة للدماغ تستطيع أن تتجاوز الجلد والعظام فتكشف ما يجري داخل رؤوسنا حين نفكر أو نشعر.
في مدينة غرونينغين الهولندية يشتغل فريق من العلماء على موضوع quot;التعاطفquot; مع الآخرين والقدرة على مشاركة شخص آخر أفكارك ومشاعرك.
فعند مشاهدة فيلم من أفلام جيمس بوند تشعر أن قلبك يمضي بالخفقان بشكل أسرع حين يقفز بطلنا من الطائرة أو أو تصاب ذراعه بأذى ما، تجفل قليلا، وقد تلمس ذراعك من باب التعاطف مع البطل.
ونحن إذا لم نشعر بالتعاطف فإننا لن نتصرف بشكل غيري (ايثاري) مع الآخر وإدراك ما يمر الآخرون به من ظروف صعبة. كذلك فإن التعاطف وراء ما يربط أبناء المجتمع بعضهم ببعض وغيابه يؤدي إلى مشاكل كثيرة نراها اليوم في العالم الحديث. وأولئك الذين لا يمتلكون مشاعر التعاطف مع الآخرين يطلق عليهم سايكوباثيين أو سوسيوباثيين أو أشخاصاً خالين من مشاعر التعاطف مع الآخرين.
ومع هذا الصنف من الناس هناك الكثير من الأمثلة الحية عما يترتب على أيديهم من أعمال شريرة حين يصلون إلى السلطة على سبيل المثال. لكن هل أن التعاطف هو شيء يمكن دراسته وقياسه؟ يجيب البروفسور كريستيان كيسرز من مركز تصوير الأعصاب في غرونينغن بالإيجاب. ونقلا عن صحيفة ميل أون صنداي اللندنية قال إنه حين يُصاب شخص ما بحادث فإنك لا تدرك تألمه بشكل عقلاني فحسب بل إنك تتقمص ألمه. وأضاف كيسرز: quot;نحن نحاول إيجاد السبب الذي يجعلنا نشعر بهذه الطريقةquot;.
اكتشف البروفسور كيسرز وزملاؤه من خلال تجارب المسح الدماغي التي تجري خلال مشاهدة صور معينة لآخرين أن نفس المساحات تظل تتوهج حين نمر بتجربة مؤلمة ناجمة عن مشاهدتنا لشخص ما يتألم. وأجرى هذا الفريق من العلماء تجارب على عدد كبير من الأشخاص من بينهم بعض القتلة المحكوم عليهم. وأظهرت الدراسات أن الأشخاص يظهرون ردود فعل مختلفة عند مشاهدة الآخرين يتألمون.
فهناك من يكون صادقا حين يقول لك: quot;أنا اشعر بألمكquot;. لأن دماغه يظهر أن ما يقوله يعنيه. لكن هناك من يسمون بغير المتعاطفين مع الآخرين والذين يطلق عليهم اسم quot;سوسيوباثيينquot; والقتلة الذين تشير المسوحات التي جرت لأدمغتهم أنهم لا يشعرون إلا باللامبالاة فقط. وإذا كانت التكنولوجيا التي يستخدمها كريستيان غير متطورة الآن كثيرا لكنها تتحسن باستمرار.
وكم ستساعد اختبارات من هذا النوع في حالة انتشارها على فهم الأفراد لأنفسهم بطريقة أفضل وتجعلهم يتحكمون في سلوكياتهم على ضوئها بدلا من القناعات المغلوطة على أنفسهم. أصبح الكثير من الحالات الذهنية والعاطفية موضع دراسة ومن بين ذلك مقاربة السؤال القائل: كيف نتخذ قراراتنا الكبيرة في حياتنا؟ والفكرة السائدة هو أن قراراتنا ناجمة عن قدرتنا على التفكير بطريقة عقلانية.
لكن البحوث الأخيرة أوضحت أن الجزء الواعي والعقلاني من الدماغ والذي يجعلنا فخورين به هو ليس إلا الرأس البارز من جبل الجليد المغطى تطت طبقات الماء. فنحن في حقيقة الأمر كتلا من العادات المكتسبة بالتعلم وبشكل غير شعوري، إضافة إلى كتل أخرى من المشاعر والأحكام المسبقة التي صاغت الطريقة التي نفكر ونتصرف وفقها. كم ستساعد اختبارات من هذا النوع في حالة انتشارها على فهم الأفراد لأنفسهم بطريقة أفضل وتجعلهم يتحكمون في سلوكياتهم على ضوئها بدلا من القناعات المغلوطة على أنفسهم.
ملاحظة:
تظهر الصورة الاخيرة:
اللون الأخضر عند مشاهدة البعض لآخرين يتألمون
اللون الأحمر: عند تألم الشخص نفسه
اللون الأصفر: حين يكون رد فعل الشخص متساويا سواء كان نابعا عن الم شخصي أو ألم الآخر
التعليقات