خلال عملية قحص المورثاتفي ما يعتبر اختراقا علميا جديدا مهما، أعلن العلماء توصلهم الى وسائل فحص المورّثات لدى الآباء المحتملين بحيث يُحمى مواليدهم من الأمراض الوراثية. والخبر السار الآخر هو أن هذه التقنية يمكن ان تصبح في متناول العامة بدءا من صيف العام الحالي. ومع بدء تطبيقها فستكلف حوالي 650 دولار، تنخفض في غضون عامين الى أقل من 200 دولار.

قال العلماء، في ورقة نشرت بالمجلة الطبية laquo;ساينس ترانسليشن مديديسينraquo;، إن تقنية فحص المورّثات الجديدة تتيح معرفة ما إن كان الآباء يحملون مورّثات متغيّرة بيولوجيا من شأنها التسبب في الإصابة بأحد أو عدد من نحو 600 مرض يمكن ان تهدد حياة مواليدهم.

وبذلك يتاح للآباء ألا يورثوا أبناءهم أمراضا مثل فقر الدم المنجلي والتليف الكيسي الذي يؤثر على الغدد ويعيق عمل الرئتين والبنكرياس بشكل خاص. فما أن يعلم الأزواج أنهم يواجهون خطر ولادة أبناء مرضى، حتى يصبح بوسعهم اللجوء للتلقيح الاصطناعي الذي يتيح الفحص على الأجنة ويعيد الصحيحة فقط منها الى الأرحام لتنمو بشكل طبيعي.

وقال البروفيسير الذي قاد البحوث، ستيفن كينغزمور، من مستشفى laquo;ميرسيraquo; للأطفال في كنساس سيتي، ميسوري: laquo;تنبع أهمية هذا التطور الجديد من حقيقة أنه سيبيد الأمراض الوراثية مع تقدم الزمن ويلقي بها الى سلة مهملات التاريخraquo;.

ويذكر ان التقنية الجديدة تغطي مورّثات الأمراض بواقع أربعة أضعاف تقنية أخرى أماطت عنها اللثام العام الماضي مؤسسة طبية تسمى laquo;كاونسيلraquo;. وفوق هذا فهي قادرة على التعرف على أي تغيّرات بيولوجية ضارة يمكن أن تحدث داخل المورّثات السليمة.

لكن كلا التقنيتين مثار جدلن فبعض الأطباء يعتقدون أن الأمراض التي يغطيها كل منهما نادرة بحيث لا يمكن تبرير فحص آباء لا تواريخ مرَضية في عوائلهم. ومن ناحية أخرى يقول آخرون إن بعض الجماعات الدينية تعترض على إخضاع الأجنة للفحوصات الطبية، بينما يذهب البعض الآخر للقول إن هذا سيلقي بأعباء جديدة هائلة على الأطباء العموميين والمستشفيات ومعامل الفحص بشكل قد يهدر الموارد الطبية خاصة في الدول غير الميسورة.

ولا ينكر البروفيسير كينغزمور إن عليهم التعامل مع نوع الجدل الاجتماعي والديني المرتبط بمشروعهم. ويقول: laquo;القضايا الاجتماعية والدينية مثيرة للاهتمام، ولا شك في أن مختلف الجماعات ستأتي بمختلف الآراء. لكن ما نريد التشديد عليه هو ان الفحوصات يجب أن تجرى قبل الحمل وليس خلاله، أي قبل بدء الأجنة في التكوّنraquo;.

وتوضح الورقة المنشورة أن الشخص الذي يحمل نسخة واحدة من المورّثات المتغيّرة بيولوجيا لا يعاني هو نفسه من نوع المرض الذي ينشأ عنه. ولكن في حال كان شريكه حاملا للمورّثات نفسها، صارت فرص ولادة طفل يحمل النسختين اللازمتين لتطور المرض 1 إلى 4. وهذا بالإضافة الى ان بوسع الجنين وراثة متغيّرات بيولوجية تحملها الأم في واحد من كروموسوم X الاثنين في جسدها. ويؤدي هذا الى إصابته بأمراض الوراثة من الأم مثل الهيموفيليا والضمور العضلي.

ويقول فريق كينغزمور إن التقنية الجديدة تعمل بالترتيب المتعاقب لأكثر من 7 آلاف منطقة في خارطة الجينوم البشري بما فيها المورّثات التي تتعرض للخلل وتقود بهذا الى المرض. وحتى الآن فإن بوسع هذه التقنية التعرف بشكل متناهي الدقة على 580 مرضا وراثيا، وإن من المحتم لهذا العديد أن يتزايد بمر الأيام والمزيد من الأبحاث.