قضية الأعشاب الطبية والمتممات الغذائية تأخذ حيزًا مهمًا اليوم في لبنان، وتتناولها وسائل الاعلام بكثير من الحذر، ولا أحد يعرف على من يضع اللوم في وقف المتاجرة بصحة المواطن، هذه المتاجرة التي يرى البعض ان وراءها مافيات وجهات سياسية داعمة.

__________________________________________________________________________________


لا تزال قضية الأعشاب الطبية والمتممات الغذائية تتفاعل في وسائل الاعلام وعلى صفحات الجرائد، لكن المستغرب ان تجاوز القوانين وخرقها مستمران وعلى الهواء مباشرة، اذ يروج من بات يعرفون بخبراء الاعشاب لمنتجاتهم وما يسمونه الادوية الطبية ومستحضرات الاعشاب، رغم حظر هذه الاصناف في غير دولة عربية بسبب احتوائها مواد سامة مثل الرصاص والزئبق، في الوقت الذي نفضت وزارة الصحة العامة على لسان الوزير محمد جواد خليفة يدها من كل ما يتعلق بهذه المستحضرات الطبية والمتممات الغذائية عدا الاصناف المرخصة من الوزارة.
وكان وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال محمد خليفة قد أطلق صرخة في هذا الموضوع، الا انه اعترف ان quot;احدًا في لبنان لا يستطيع وقف المتاجرين بصحة اللبنانيينquot;، مشيرًا الى ان مجموع ما ينفق على الاعلانات يصل الى 8 ملايين دولار أميركي، ما يطرح السؤال عن مدى استجابة بعض الوسائل الاعلامية لتطبيق القوانين. ورغم تعديل القانون الرقم 367 في العام 2010، فإن بعض وسائل الاعلام لا تزال تروج الاعلانات لما يسمى أدوية الاعشاب، في الوقت الذي يواظب رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجدلاني على التحذير من اخطار مستحضرات الاعشاب والمتممات الغذائية. وهو شرع منذ العام 2008 في العمل على إقرار قانون يمنع الاعلان وترويج هذه المستحضرات، الى ان اصدر مجلس النواب القانون الاخير حيث سبق وقدم مجدلاني هذا الاقتراح.
إلا ان الآلية لتنفيذ القانون لم تجد طريقها، يوضح مجدلاني لإيلاف الامر فيقول:quot; يجب رفع الاعلانات عن الطرق، وكذلك البارحة كان وزير الصحة قد عمم سحب كل اعلانات تجارة الاعشاب في الاسواق، بعدما اتت تحاليل من السعودية تشير الى اخطار هذه الاعشاب وفيها مواد سامة، وسحب كل المنتجات من الاسواق، ما زال موضوع الاعلانات لهذه المستحضرات يراوح مكانه لانه لا يوجد وضع للتلفزيونات بمعنى ان القرار بأخذ عقوبات بحقها تحدث وزير الاعلام بهذا الخصوص وكان واضحًا انه لا يستطيع اخذ عقوبات بحقها، ونحن مستمرون بالمطالبة بتنفيذ القانون، وهناك المعمل الذي اخذ وزير الصحة قرارًا بسحب ترخيصه، هذا المعمل يجب ان يتم اغلاقه.
وردًا على سؤال هل هناك مافيات وجهات سياسية وراء من يدعم بالقيام بهذه الاعلانات في وسائل الاعلام رغم إدراكها لمخاطرها على صحة اللبنانيين؟ يؤكد مجدلاني ذلك ويقول ان هناك جهات سياسية وهناك علامات استفهام كبيرة حول الموضوع رغم انه لا يملك اثباتات، حتى يقول من وراء ذلك، لكن هناك جهات سياسية كبيرة وراء هذا الدعم.
عن التجاوز الفاضح للقوانين وخرقها يقول مجدلاني ان الامر بسبب تلك الجهات السياسية التي تحمي وترعى وتميع الامور.
اما الحل فيكون برفع اليد السياسية عن حماية تجار الاعشاب. ويؤكد مجدلاني وجود الكثير من الحالات التي ادت الى مقتل او حتى مرض الكثير ممن تناولوها ويقول:quot; الوزير السابق ماريو عون لديه كل الملفاتquot;.
أما كجهات طبية فانه من جهته قام منذ آذار مارس ال2010 حتى الآن بأكثر من 12 اجتماعا للجنة الصحة النيابية التي يرأسها في هذا الخصوص، وكرئيس لجنة ماذا يستطيع ان يفعل اكثر من ذلك؟ يضيف:quot; اذهب واقول للوزراء ما الذي يجب ان يفعلوه، اذا كان هناك نية لتمييع الامور، لن يستطيع احد القيام بشيء.
تقارير عالمية
بحسب التقارير التي ترفع سنويًا في المؤتمرات الدولية لمناقشة قضايا التنوع البيولوجي في العالم (بعد اقرار اتفاقية التنوع البيولوجي في قمة الارض عام 1992)، تبلغ القيمة التجارية للأدوية والعقاقير المستمدة من الأعشاب والكائنات الحية على الصعيد الدولي 400 مليار دولار أميركي سنويًا، ومصدر هذه النباتات الطبية الرئيس هي البلدان النامية الغنية بتنوعها البيولوجي، ولذلك ربما يتحمس البعض في تلك البلدان لحماية تراثهم، بينما يتحمس البعض الآخر إلى منافسة كبار التجار والشركات العالمية لجني بعض هذه الاعشاب الطبية والاتجار بها، ما هدد الكثير من الأنواع بالزوال.
يلعب الطب التقليدي الشعبي، المعتمد على الطبيعة، دورًا رئيسًا في ثلاثة أرباع دول العالم (40% في الصين و75% في اندونيسيا وافريقيا). في كثير من البلدان هناك عودة الى الطب الطبيعي، فهو في نظر الناس عودة الى الجذور من جهة، وتجنبًا للانعكاسات السلبية للأدوية الكيميائية التي تترك آثارًا ولو بعد حين من جهة ثانية.
هناك اكثر من 35000 نوع نباتي تستعمل لأهداف طبية، بحسب تقرير التنوع البيولوجي الصادر عن الامم المتحدة عام 2007. وتتنافس المختبرات العالمية التابعة لشركات كبرى لإجراء التجارب والاختبارات لإنتاج الأدوية والاتجار بها وتحقيق الأرباح الخيالية.
والسؤال الذي يطرح ما هي مرجعية السلطات الصحية في لبنان لاتخاذ القرارات، لا سيما عندما يسمعون في كل أسبوع تقريبًا عن سحب أدوية تاريخية من الأسواق العالمية والمحلية، بعدما تبين ان لها انعكاسات جانبية خطرة؟