يقصد من مصطلح القيمة الذاتية في علم النفس والاجتماع، ما يشعر ويعبر عنه المرء من تصرفات تعكس مدى إحساسة بقيمته وتقديره لنفسه من الداخل. ففي حالة القيمة الذاتية العالية يشعر المرء بان وجوده ذو قيمة عالية ويحس بأنه يستحق الحب والاحترام وأنه انسان جيد ومهم, والعكس صحيح.


كما يقصد من مصطلح الثقة بالنفس معرفة الانسان وثقته بنفسه من انه قادر على أداء مجموعة من المهارات والقابليات، مثل القدرة على سياقة الدراجة او النجاح في العمل او الكمبيوتر أو أي مهارة او قدرة أخرى في مجال واحد او مجموعة من المجالات.
وقد يتم الخلط أحيانا بين هذين المفهومين حتى بين العاملين في مجال علم النفس او علم الاجتماع، وذلك لوجود بعض الشبه والترابط بينهما. ولسهولة تصور الربط والفرق بينهما، فاننا يمكننا ان نشبههما بالشجرة الواحدة، تمثل القيمة الذاتية فيها الجذور التي تثبت الشجرة في الارض وتغذيها، كما تمثل الاوراق والثمار بقليلها او كثيرها الثقة بالنفس

كيف تتشكل القيمة الذاتية وتتعزز الثقة بالنفس

تربية الاهل والمقربين عند الصغر، والمقارنة والطموحات والآمال عند الكبر ان الشيء المؤكد هو ان الطفل لا يحمل معه عند الولادة هذين القيمتين او المفهومين، بل انها تتشكل وتتبلور منذ ابتداءه بالتعلم والاحساس بالامور. ولذا فان العامل الاساس في تكوين وتعزيز القيمة الذاتية هو الحنان والرعاية والاهتمام والحب الذي يحصل ويترعرع عليها الطفل منذ أيامه الاولى. ان الانسان بكل مراحل حياته يحتاج الى من يشعره بانه يراه ويسمعه ويقدره، لكي يعزز من قيمته الذاتيه، ويستمر تأثير الآخرين حتى وان كبر الانسان في العمر، رغم ان هذا التأثير يبدأ بالتناقص مع ازدياد البناء النفسي وزيادة تقدير الانسان لقيمته الذاتية.

ان السلسلة المتتالية من التعليم والتدريب التي يمر بها الانسان منذ صغره والتجارب التي يخوضها، تبلور وتشّكل تقييمه لنفسه، كما تدفع به لتخيل الكثير من الآمال والطموحات التي يمكن ان يصل اليها، ان العامل المشترك في هذين المفهومين هو انهما يعتمدان على المقارنه، اي ان الانسان في حالة مقارنة دائمة لمهاراته المختلفة في دواخله، كما يقارن نفسه مع الاخرين، وفي نفس الوقت يقارن الآخرين فيما بينهم. اي انه في محاولة قياس ووزن مستمرة للشكل الخارجي والمهارات ومقارنة كل شيء مع الآخر. وهذا جزء من البناء والتكوين الطبيعي للانسان يعمل كتيار غير منتهي من العمليات التي تتشكل وتشكل بصورة مستمرة

ومع المقارنة يبرز جانب او مفهوم آخر، وهو المسابقة والتحدي، التي يضعها الانسان مع نفسه او مع الآخرين، وهذا ما يشكل دافعا ومحفزا له يدفعه الى تحسين الاداء والمهارات التي تؤدي بدورها الى تحسين الثقة بالنفس. ويتشكل مفهوم التعلم مع ذلك ومع الاحساس بالاختلاف بين ما يسبق ويتلو، او بين التغيير والاختلاف بين الماضي والحاضر.

ان ما يجب التأكيد عليه هنا هو ان المقارنة والسعي نحو التطوير في الاداء، تخلق وبشكل تلقائي وحتمي معاني وقيم جديدة تتجلى في التعبير والتحليل والحكم والاستنتاج.

ان اللغة والطريقة التي نتحدث بها تقوم بدور مهم في تكوين القيمة الذاتية وتشكيل الثقة بالنفس، حيث ان الكثير من الناس يستخدمون نفس اللغة والمفاهيم ونفس طريقة التعبير المتوارثة من الاجيال السابقة، كما ويستنسخون العادات المتوارثة دون ان يتوقفوا لسؤال انفسهم اذا ما كانوا يتصرفون وفق حاجاتهم ومشاعرهم، او تحقيقا لرغبات وفروض المجتمع في الزمان والمكان الذي يتواجدون فيه. وبما ان الانسان لم يصل الى مستوى كافي من الرقي او التكامل او التفاهم بسلام مع نفسه ومع مجتمعه، فان المهمة واضحة بان التطوير والتعزيز يتطلب منه ان يقوم بجهد إضافي وبذل مساعي كبيرة من أجل تشكيل وتعزيز القيمة الذاتية له ولأطفاله نتمنى ان تثير هذه الافكار المقتضبة بعض الفضول لمراقبة تصرفاتنا وكلامنا وايحاءاتنا وتفاعلنا مع الآخرين.