يثير تأخر عملية النطق لدى الأطفال في الجزائر جزع أوليائهم، ويصير الأمر مربكًا أكثر حينما تعجز ألسنة هؤلاء الأطفال عن التخاطب بشكل مزمن ويتعثر نطقهم. quot;إيلافquot; بحثت الموضوع مع أشخاص يعاني أبناؤهم اضطرابات في الكلام، وسألتاختصاصيين حول سبل علاج هذا الاضطراب لدى الأطفال وفعالية الأرطوفونيا على هذا الصعيد.


يقول عبد الرحمن إنّ ولديه quot;وليدquot; (3 سنوات) وquot;عادلquot; (5 سنوات) يعانيان إشكالية عدم النطق بشكل سليم، وإذا كان الأمر بالنسبة إلى الأول معقولاً، اعتبارًا لحداثة سنه، فإنّ مشكلة عادل، الذي يتأهب للالتحاق بالمدرسة، باتت تشكل هاجسًا بالنسبة إلى والديه، ما اضطر عبد الرحمن لعرض ابنه على متخصص في الأرطوفونيا.

وفيما يقوم البعض بأخذ أطفالهم، الذين يشكون اضطرابًا في النطق، إلى بيوت quot;أولياء الله الصالحينquot; تبركًا وطردًا لما يسمونه quot;النحسquot; وquot;سوء الطالعquot;، في المقابل، تبرز سمية معاناة بنتها quot;حفصةquot; ذات السنوات الأربعمن النطق على منوال الأخريات.

لا تتردد سمية عن الكشف عن أنّها أطعمت بنتها سبعة من ألسنة الكباش، أو ما يُعرف محليًا بـquot;السبع لساناتquot; عملاً بتوصيات العواجيز، إلاّ أنّ quot;الوصفةquot; لم تنجح، تمامًا مثل أسلوب آخر كانت تعتمده الجزائريات المخضرمات، ويقوم على تقديم quot;ماء العصفور المغرّدquot; بعد غليه إلى الطفل أو الطفلة لاستهلاكه ساخنًا، بيد أنّ كلا الحلّين لم يكن لهما نتائج ذات بال، رغم أنّ الحاجة زهور تؤكد أنّ ذاك كان فعالاً قبل عشرات السنين.

لكن quot;نجية ياحيquot; وquot;علي بريشquot; المتخصصين في الأرطوفونيا، ينتقدان بشدة بقاء العلاج التقليدي للاضطرابات الكلامية شائعًا في جزائر 2011، رغم أنّ علم الأرطوفونيا يقترح حلولاً ناجعة على هذا الصعيد، ويلحّ كل من ياحي وبريش على حتمية عرض الأطفال، الذين يعانون مشكلات النطق مبكرًا على ممارسي الأرطوفونيا، حتى لا تتعاظم المشكلة، مستبعدين صحة ما يعتقده قطاع من الجزائريين بأنّ تأخر نطق الطفل له صلة بمزاجه وطبعه النفسي.

وتشير نادية آيت مصباح المتخصصة في تمارين السمع والنطق، تجربة متابعة أطفال تتراوح أعمارهم بين عامين ونصف عاموأربع سنوات، والذين استعادوا النطق بصفة عادية، وتدعو المتخصصة الى ضرورة التكفل بالمشكلة منذ ظهورها لدى الصبي وتشخيصها مبكرًا والتكفل بها جيدًا حتى يتم استبعاد خطر الإصابة بإعاقة كلامية.

بدوره، ينتقد محمد بقاط بركاني رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، هيمنة الخرافات على تعاطي فريق من مواطنيه مع علل الكلام لدى أطفالهم، ويلّح د/بركاني على تطبيق تقنيات الأرطوفونيا في العلاج بدلاً من أي ممارسات مشبوهة، لا تمت بأي صلة إلى الطب، وقد تعود بالضرر على الأطفال المرضى.

يرفض الأطباء صحة الرأي القائل إنّ الاضطراب الكلامي حالة عارضة تزول فور التحاق الأطفال بالصفوف الدراسية، حيث يتفق بريش وياحي وآيت مصباح على أنّ الأمر ليس كذلك، إذ قد يتحول الأمر من مجرد عجز عن التلفظ بجمل مفيدة إلى إعاقة كلامية دائمة، ويلاحظ الثلاثة أنّ فرص علاج الإعاقة في بداياتها تكون أسهل وأسرع خلافًا إذا ما تأخر عرض الطفل المصاب على متخصصي التخاطب.

وفيما يسجل متخصصون أنّ التلعثم والتأتأة بالنسبة إلى الأطفال أمر عادي في مراجل عمرية تتراوح بين العام والثلاث سنوات، يدعو هؤلاء مواطنيهم إلى مراجعة الأطباء حال ملاحظتهم وجود قصور كلامي غير عادي عند أطفالهم، وتبرز في هذه المرحلة أهمية التوعية والتوجيه طالما أنّ كثيرين يجهلون أهمية الاستعانة بخدماتاختصاصيي الأرطوفونيا في حسم الموقف.