حوار مع عدلي صادق سفير فلسطين لدى رومانيا

سمية درويش من غزة: قال عدلي صادق سفير فلسطين لدى رومانيا، أن الإسرائيليين والأميركيين يريدون حكم حماس ولذلك قاموا بتشديد ضغوطهم، لكي يحسموا الأمر، إما حركة إسلامية فلسطينية تعطي لإسرائيل، بدون أي لعثمة حقها في الوجود على المستوى التاريخي، لتكون أول حركة أيديولوجية عربية وإسلامية تفعل ذلك، أو أن تسقط فتزداد شعبيتها العربية والإسلامية، على حساب التيار الجهادي السلفي، المناويء للأميركيين جذريا. ولفت السفير الفلسطيني، خلال حوار خاص مع (إيلاف)، إلى أن حكومة حماس تمر بمشكلة شبيهة بمأزق من يتناول البضاعة براحته من السوق، ثم يهم بالانصراف دون أن يدفع ثمنها.
وفي ما يلي نص الحوار:

* بداية إلى أين تسير الأمور في الأراضي الفلسطينية (في ظل التصعيد الخطير)؟
- الأمور تتداعى بغير بوصلة، لا توافق على شيء، ويبدو من المحرمات تقييم أي شيء بعقلانية، فلعل من بين علامات العقم واللا جدوى، للطبقة السياسية الفلسطينية بكل أطيافها، أن أحدا لا يجرؤ على التعاطي مع إطلاق القذائف التي يسمونها quot;صواريخquot; بمستوى أضرارها الفادحة على الناس وعلى الموقف السياسي الفلسطيني، كأن المطلوب هو أن يراعي الجميع، كل الحاجات النفسية لأي طرف أو مجموعة، ترى ـ عن جنون ـ بأنها تشن على العدو حربا مرعبة وباقتدار، وأنها تمارس المقاومة بالصواريخ.

ومن المؤسف، أن كوادر من الأكاديميين أو ممن يطرحون أنفسهم كسياسيين ومفكرين، يتحدثون عن توازن الرعب مع إسرائيل، بالأمس كان هناك تصريح للدكتور محمد الهندي (من الجهاد الإسلامي) في هذا الاتجاه، وهو يبشر الشعب الفلسطيني بمفاعيل صواريخ quot;غرادquot;، كأن الأخ الهندي استوعب الاستراتيجيات العسكرية وخرج بهذه النتيجة العجيبة، أو كأنه ـ حتى ـ يعرف صواريخ quot;غرادquot; التي كنت ـ أنا شخصيا ـ ممن يعملون في تدريب الشباب عليها في العام 1971 في لبنان.
لا أدري كيف يحقق الأخ مثل هذا التوازن، بمجرد رفع السقف الناري، الى مستوى قذيفة quot;غرادquot;؟، عموما إن وضعنا لا يحتمل العبث، ومن واجبنا أن نحافظ على أنفسنا لكي نستمر في كفاحنا الوطني بالوسائل المتاحة، على قاعدة الربح والخسارة، لا على قاعدة الإدعاء بأننا نضرب بالصواريخ، ثم يتلقف المحتلون الأمر كأنه فرصة ينتظرونها، لكي يقتلوا بالجملة، ثم يعود مطلقو الصواريخ، للحديث عن quot;رد مزلزلquot; بينما الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، يستعيد جملته الأثيرة quot;نطالب اللجنة الرباعية بالوقف الفوري للتصعيد الإسرائيليquot;.
فأية قوة، أو أية قراءة دولية لما يجري، ستفرض فورية الوقف للتصعيد؟ فلا استماع فوريا لما نقول، وإن تباطأ الأمين العام للأمم المتحدة ثم نطق، فإن الوقف الفوري الذي يدعو اليه، هو كبح quot;عنفوانquot; الصواريخ الفلسطينية،ويبدو أحيانا أننا في واد، والعالم بكل الحقائق التي فيه، في واد آخر!
فإن لم يكن هناك توافق فلسطيني على الاستراتيجية وعلى الوسائل وعلى التفصيلات الصغيرة التي يؤثر الاختلاف حولها، في مصير شعبنا ومستقبله، فإن الوضع الفلسطيني سيظل في مهب الريح.

* برأيك هل حكومة حماس في ورطة حقيقية، لاسيما وان دول العالم بدأت بمقاطعة حقيقية للسلطة؟
-حكومة حماس تمر بمشكلة شبيهة بمأزق من يتناول البضاعة براحته، من السوق، ثم يهم بالانصراف دون أن يدفع ثمنها، ولا حتى بتحرير شيك من غير رصيد، كان يمكن لحماس أن تبيع وتشتري بغير مشكلة في منتدى فكري، أو في مهرجان خطابي، أما في سوق السياسة، فالأمر يختلف، تأخذ وتعطي.
والمثير أنها تريد أن تأخذ ولا تعطي، في زاوية باهظة وخطيرة، من سوق السياسة، أي في قلب المعضلة الإقليمية، وحيثما هي إسرائيل، التي تهفو اليها قلوب وأرواح الحاكمين في أميركا وغيرها، فمن المفارقات، أن الكونغرس الأميركي قبل نحو الشهر، استعجل وأراد تكريس مشروعات قوانين تخنق حياتنا، فتدخل الإسرائيليون للتنقيح ولوقف حجب بعض المساعدات الإنسانية التي يستفيدون من وصولها الى الفلسطينيين، فقد كان الملك، أقل ملكية من الإمبرياليين الحاكمين ومن جماعة quot;الايباكquot;!.
عموما ما زلت عند رأيي، وهو أن الإسرائيليين والأميركيين يريدون حكم حماس ولذلك قاموا بتشديد ضغوطهم، لكي يحسموا الأمر، إما حركة إسلامية فلسطينية تعطي لإسرائيل، بدون أي لعثمة حقها في الوجود على المستوى التاريخي، لتكون أول حركة أيديولوجية عربية وإسلامية تفعل ذلك، أو أن تسقط فتزداد شعبيتها العربية والإسلامية، على حساب التيار الجهادي السلفي، المناويء للأميركيين جذريا، والذي يناويء في الوقت نفسه، أية عملية انخراط في الكيانات السياسية القائمة

* حكومة حماس حتى اللحظة لم تستطع تامين رواتب موظفي السلطة، كيف سيكون الحال بعد شهر في الأراضي الفلسطينية؟
- موضوع رواتب الموظفين، ليس موضوع براعة محاسبية أو وظيفية، أخفق فيها وزير حماس من حيث نجح سلام فياض أو الرئيس عباس، إنه موضوع استحقاق سياسي له تعبيراته المتصلة بحياة الناس وبحياة السلطة.
إن العامل الذي يمثله موضوع الرواتب، كان مفتعلا أصلا، وقد سخرت الإدارة الفلسطينية، في مستوياتها العليا المريبة جهودها، لكي تصبح فاتورة الرواتب باهظة وصعبة السداد بغير ثمن باهظ.
كانت الحكاية شبيهة بالكرنفال: أناس يتحدثون عن إصلاح واجب لوضعية فاسدة، فيكون السبيل للإصلاح، مهرجانات متتالية من ترقية المسؤولين عن هذه الوضعية، وبتطبيق quot;قانونquot; خدمة مدنية، يعطي الموظفين أكثر مما تعطي سويسرا لموظفيها.
لم يكن ذلك يجري بدافع الجشع أو في غياب الوعي المتقصد تبهيض فاتورة الرواتب وفاتورة الثمن، لقد بدأنا السنوات العجاف، من الانتفاضة الأخيرة، برواتب لا تزيد عن 35 مليون دولار شهريا ( بنسبة 42% من إجمالي الدخل المفترض للسلطة) وجرت مهرجانات الترقية في زحمة مهرجانات تأبين الشهداء، ليتجاوز المبلغ المئة وعشرة ملايين دولار شهريا، منها نحو 15% فقط تكلفة المستجدات على صعيد الإعانات والتشغيل على بند البطالة والأجهزة الأمنية.
لا يستطيع أحد بأن يجادل، بأن موضوع الرواتب، يمثل ذروة الفيلم السينمائي الذي وقف عليه مخرج من طراز شيطاني خاص، وها نحن أمام quot;الحبكةquot;!

*ماذا عن الأزمة المالية التي يمر بها السلك الديبلوماسي الفلسطيني بالخارج؟

-ربما تكون هناك استجابة أوروبية، لطلب مساعدات خاصة بالسلك الديبلوماسي، وأعتقد أن دولة أوروبية دفعت مبلغا لهذا الغرض، وأن تفاهما جرى على كيفية صرفه لتلبية الاحتياجات الضرورية للسفارات، دون خلطه بالأزمة العامة، فالسفارات تتسوق بالشكل الذي يرضيها ويرضي القائمين على السوق تأخذ وتدفع.