في أولى ندوات مهرجان دبي الدولي للشعر
ترجمة الشعر .. مهمة مستحيلة
إيلاف - دبي: دشن مهرجان دبي الدولي الأول للشعر 2009 ندواته النقدية صباح اليوم بندوة عقدت تحت عنوان quot; ترجمة الشعر، مهمة تحفها المخاطرquot; أدارها الدكتور ستار سعيد زويني الاستاذ المساعد بقسم الدراسات العربية والترجمة بكلية الآداب والعلوم بالجامعة الأميركية في الشارقة، وحاضر فيها الباحث والمفكر والمترجم العراقي عبدالواحد لؤلؤة، والدكتور عبدالله الدباغ أستاذ ورئيس قسم الآدب الإنجليزي في جامعة الإمارات العربية المتحدة.
وأشار مقدم الندوة إلى أهمية مهرجان دبي الدولي للشعر في تصحيح المفاهيم وإثراء التجربة الشعرية لدى لاعرب عبر ترجمة الأعمال الإبداعية الكبرى الأمر الذي يثري تلاقي الحضارات.
وفي مداخلته قدم لؤلؤة إطلالة واسعة على شروط الترجمة وأسسها قبل إقدام مترجم ما على quot;نقلquot; نص من لغة إلى أخرى، مشيراً إلى أنه سيستخدم مصطلح الناقل كما قال به الجاحظ لأن المترجم ينقل النص من لغة إلى أخرى.
وأضاف أنه يجب أن يتوفر في الناقل (المترجم) عدة شروط أولها أن يكون ملماً بقواعد اللغة الأم إلماماً دقيقاً يعرف دقائقها وخصائصها، وثانيها أن يكون ملماً بقواعد اللغى الأخرى التي ينقل عنها، مع ضرورة عدم الاكتفاء بقواعد اللغة لإنجاح الترجمة بل لابد على الناقل أن يكون على معرفة دقيقة بثقافة اللغة المنقول إليها واللغة التي ينقل منها وذلك عبر معرفته الدقيقة بثقافة اللغتين، أما الشرط الثالث الذي يراه لؤلؤة ضرورياً لإتقان عملية النقل هو الإلمام باللغات الأخرى المرتبطة باللغتين اللتين يستخدمهما فعلى سبيل المثال على المترجم أن يكون ملماً باللغات الفارسية والسريانية وهي اللغات ذات العلاقة باللغة العربية، وكذلك عليه أن يعرف قليلاً عن اللغات الفرنسية والإيطالية إذا كان يترجم من الإنجليزية.
ويعلل د. لؤلؤة ذلك بأن الشاعر أو الكاتب يستخدم أحياناً مفردات بلغاتها الأصلية في نص ما، ولذا من الضروري أن يعرف المترجم هذه المفردات ودلالاتها حتى لا يفسد النص. وأضاف أن الشروط العامة تصلح لكل الكتابات ولكن ترجمة الشعر تحتاج إلى شروط خاصة أهمها أن يكون المترجم أو الناقل محباً للشعر متذوقاً له، دون أن يشترط الباحث الكبير أن يكون المترجم شاعراً لكي يتقن ترجمة الشعر.
وأشار إلى صعوبة ترجمة الشعر مستخدماً المقولة التراثية للجاحظ الذي قال فيها quot;إن الشعر لا يُستطاع أن يترجم ولا يحذر عليه النقل، ومتى حُوّل تقطع نظمه وبطل وزنه وسقط موقع التعجب فيهquot;. ومع ذلك وكما يرى لؤلؤة ترجم العرب في زمن الجاحظ الشعر وكتبه، صحيح انهم ترجموا أمهات الكتب مثل كتاب الشعر لأرسطو عن لغات وسيطة إلا أنهم أهملوا ترجمة الدراما إذا أنها تتحدث عن تعدد الآلهة وهي مسألة تثير الحساسية والدين الإسلامي لا يقبل بذلك.
وقدم لؤلؤة نماذج من خبراته في ترجمة الشعر مشيراً إلى تجربته الشهيرة في ترجنة قصيدة quot;تي إس أليوتquot; ذائعة الصيت، وquot;أرض اليبابquot; وقال إنه يرفض عنوان القصيدة المتداول عربياً quot;الأرض الخرابquot; لأن القصيدة لا تقول بمفهوم الخراب، وعارض لؤلوة ترجمات من سبقوه لترجمة القصيدة وانتقد ترجمة المفكر المصري الراحل لويس عوض. كما أشار إلى تجربة موسوعة المصطلح النقدي التي ترجم منها 16 جزءاً ويتبقى منها 40 جزءاً.
وعرض الدكتور لؤلؤة إلى تجربته في ترجمة قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي قام فيها بجهد كبير لترجمتها بما فيها من صور تعكس الحكمة والفروسية، كما قدم ترجمة لكتاب رؤيتي الذي يحكي فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد سيرته، وأفاد أنه بذل جهداً كبيراً في ترجمة المقتطفات التي اقتبسها سموه في كتاباته وأهمها من امرؤ القيس وبيته الشعري
مكر مفر مقبل مدبر معاً كجلمود صخر حطه السيل من علٍ
بالإضافة إلى المتنبي وعنترة بن شداد، زأكد أن أهم ما يحرص عليه المترجم هو الوزن الشعري أو الإيقاع لأن الشعر كما قال العرب قديماً كلام موزون مقفى وعند الترجمة يمكننا التضحية بالقافية أما الوزن فلا. لأن الإيقاع هو روح الشعر.
وأشار إلى أن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، شاعر موهوب يمتلك حساً مرهفاً وله مستقبل واعد في الحركة الشعرية الإماراتية وقد ترجم له بعض القصائد التي تمتليء بفيوض الحكمة.
ومن جانبه قدم الدباغ مداخلة استعرض خلالها بعض الأعمال الأساسية في الترجمة الأدبية الاستشراقية باعتبارها جزءاً من الحركة الكبيرة للاستشراق الأدبي في الآداب الغربية مثل ألف ليلة وليلة ورباعيات الخيام، ورسالة حي بني يقظان، حيث حاول البحث دراسة العلاقات بين أهمية اختيار النص الأصلي والمكانة التي سوف يحتلها النص المترجم والتأثير الكبير لهذا النص الجديد على حركة الاستشراق الأدبي.
وحاول البحص استخلاص بعض الدروس حول ترجمة الشعر سواء كانت الترجمة من العربية أو إليها وما تتضمنه من عملية الترجمة هذه من أبعاد ثقافية وما ينتجه نقل الأدب هذا من تلاقح حضاري.
وقال الدباغ إن مقولات الراحل الكبير إدوارد سعيد حول الاستشراق تحتاج إلى إعادة نظر مع التقدير الكبير للجهد الذي بذله في كتابه quot;الاستشراقquot;، لأن عمل المستشرقين لا ينطلق دائماً من رؤى عدائية للثقافة العربية مدللاً على ذلك باهتمام الغرب بترجمة ألف ليلة وليلة التي اصبحت عملاً عالمياً بسبب الترجمة ويرى الغربيون أن quot;الليالي العربيةquot; كما يسمونها أثر أدبي رفيع في مصاف الكتابات الكبرى لهيومروس وشكسبير وجوته وغيرهم من الكتاب الكبار.
وقال إن الشعر صعب الترجمة رغم تطور الحركة النقدية والترجمة بين اللغات وهناك ترجمات رائعة كلاسيكية لنقل الأدب من لغة إلى أخرى مثلما فعل البريطاني إدوارد فتسجيرالد لرباعيات الخيام، وأكد أن هناك تأثيرات كبيرة للأدب العربي على الأداب الغربية الأمر الذي يجعلنا لا نشعر بالحساسية عندما نتعاطى مع مسألة الترجمة، مشيراً في الوقت نفسه إلى ضرورة دقة الترجمة وتعبيرها عن روح النص منتقداًلا في هذا السياق ما قدمه الشاعر المصري الكبير أحمد شوقي عندما كتب مسرحيات من وحي مسرحية شكسبير.



التعليقات