كاد قرار المدير العام لقوى الأمن اللواء أشرف ريفي المفاجئ بوقف قائد الدرك العميد انطوان شكور عن ممارسة مهماته خمسة عشر يومًا أن يفجّر أزمة هدَّدت بإطاحة مناخ الوفاق السياسي السائد في لبنان ومشروع البيان الوزاري للحكومة الجديدة، والذي لا يزال قيد المناقشة والأخذ والرد والتجاذب، ولا سيما البند المتعلق بسلاح quot;حزب اللهquot; الذي ورد في البيانات السابقة ضمنيًّا تحت مسمىquot; المقاومةquot;.

بيروت: استدعت التطورات السلبية في مؤسسة قوى الأمن تدخلاً سياسيًّا عالي المستوى أفضى إلى تسوية شارك في صياغتها رئيس الجمهورية والمعنيون في المعارضة والموالاة، لكن وزير الداخلية والبلديات بارود اعتكف في منزله ولم يزاول أعماله في وزارته، معتصمًا بالصمت.

وأكدت مصادر حكومية خاصة لـ quot; إيلاف quot; أنّ ما حصل في قوى الأمن هو رسالة إلى الوزير الداخلية ، المحسوب من حصة رئيس الجمهورية في التوزيع الحكومي ، ويجيء توقيت إرسال هذه الرسالة قبل أن تنال الحكومة ثقة مجلس النواب معبرًا ومحملاً بالرموز، وفحوى هذه الرسالة أنّ الاصلاح الذي ينوي بارود إطلاقه في وزارته يجب أن يخضع للتوافق قبل المباشرة به، وأنّ ما قام به خلال فترة الانتخابات النيابية كان مناسبًا في وقته، أما المشاريع التي ينوي إطلاقها حاليًا فتتطلب أخذ رأي الجميع بها. واعتبرت أنّ تجاوز الهرمية والتسلسل الإداري الذي حصل في الوزارة هو سابقة خطرة، إذ إنَّ من أقدموا عليه تجاوزوا وزير الداخلية ، كما تجاوزوا رؤساءهم من جهة أخرى. من هذا المنطلق قاطع الوزير بارود جلسات اللجنة الوزارية المكلفة بأعداد البيان الوزاري ولم يداوم في مكتبه بوزارة الداخلية، الأمر الذي لم يقدم عليه سابقًا على الإطلاق على الرغممن شكواه من الأوضاع في وزارته.

وفي حين يتلقى المدير العام للأمن الداخلي اللواء ريفي دعمًا مباشرًا من رئيس الحكومة سعد الحريري، يدعم قادة المعارضة ولا سيما المسيحيين منهم مثل النائب الجنرال ميشال عون وحليفه رئيس quot;تيار المردةquot; سليمان فرنجية العميد شكور في مواجهته مع رئيسه اللواء ريفي. ويعلل كل من فرنجية وعون موقفه برفض سيطرة الحريري على مؤسسة قوى الامن الداخلي. وعلى الرغم من أن الاتصالات التي اجريت في اليومين السابقين والتي ادى فيها قادة من الاقلية والاكثرية دور الوسيط لمعالجة هذا الامر الطارئ، فإن اوساطهما لا تخفي قلقًا من فتح هذا الملف على مصراعيه انطلاقًا من مقولة quot; ان الامن في لبنان بالتراضيquot;.

فمن جهة quot;التيار الوطني الحرquot; الذي يتزعمه الجنرال عون، يقول النائب زياد أسود لـ quot;إيلافquot; إن quot;المشكلة التي حصلت في قوى الامن تعكس نموذج الدولة المهترئة، حيث لا إحترام للقوانين، ولا للتراتبية فيها، وهذه المؤسسة يجب أن تكون وحدة متماسكة، والتصرّف الذي أقدم عليه اللواء ريفي (بمعاقبة اللواء شكور بذريعة عدم التزامه تنفيذ الأوامر من دون العودة إلى بارود) هو تصرّف حزبي كما إنه تصرف طرف سياسي، مما يدفعنا إلى إعادة النظر في القرارات التي تطلقها المؤسسةquot;.

وردًّا على سؤال عما إذا كانت المعارضة تدعم العميد شكور، قال النائب أسود quot;إنها تدعم من يحافظ على المؤسسة وهيبتها، فالمسألة ليست شخصية، وما دامت الأجواء في البلاد توافقية لم يعد مقبولاً أن تتحوّل القرارات قرارات فرديةquot;. وعن موقف quot;التيارquot; من اعتكاف الوزير بارود أكد أسود أن quot;وزير الداخلية هو شخصية محترمة، ويحاول من موقعه أن يطبّق القوانين لرغبته في تحسين الوضع، ويجب اطلاق يد الوزير بارود في هذا الموضوع اذ لديه ضمان أخلاقي كافٍ لكي يطبّق العدلquot;.

أما عضو كتلة quot;لبنان اولاًquot; النائب احمد فتفت، الذي تولى وزارة الداخلية سابقًا ويعرف خباياها، فأكد لـ quot; إيلاف quot; ان quot;مؤسسة قوى الامن الداخلي من حقها ان تطبق نظامها الخاص بعيدًا من اي اعتبارات سياسيةquot;، مشددًا في الوقت ذاته على quot; احترام التراتبية quot;. ونفى فتفت ما يحكى من دعم quot; تيار المستقبلquot; للمدير العام لقوى الامن اللواء ريفي في مواجهة قائد الدرك العميد ، مشيرًا quot;إلى ان هذا الموضوع يجب ان يُعالج داخل مؤسسة قوى الأمنquot;. وعن وقوف المعارضة إلى جانب شكور اوضح فتفت أن quot;تسييس هذا الخلاف لا يفيد ، وعلى المعارضة ألا تتحدث بمنطقين، الأول يدعو الى بناء دولة القانون والمؤسسات، والثاني يظهر بتدخلها في بعض الملفات العائدة إلى المؤسساتquot;.

يذكر أنَّ الإتصالات كانت قد توصّلت إلى حل للشق الإداري من المشكلة، فطبق العميد شكور أوامر ريفي المتعلقة بتشكيلات لعدد من الضباط في المؤسسة ،وسحب ريفي قراره بإنوال عقوبة بشكور قضت بمنع دخوله مكتبه 15 يومًا،لكن الأزمة لم تحل على مستوى التعامل بين رئيس المؤسسة اللواء ريفي ومرؤوسيه ، وبينه وبين الوزير بارود اللذي قد يكون المستفيد الأكبر مما جرى في قوى الأمن، لأنه كان يشكو طوال أشهر من وضع المؤسسة الداخلي ولا يلقى من يعطي شكواه اهتمامًا، وقد تكون مناسبة لتصحيح الخلل فيها وتعزيز سلطة الوزير، وهو المسؤول الأعلى والموجه وصاحب الأمر في الوزارة بحسب القوانين في نهاية الأمر.