إسرائيل تتابع مسار إنتخابات لبنان بإهتمام كبير
حزب الله لا يستعجل تحقيق أهدافه... فالوقت لمصلحته
إيلاف من بيروت: تبدي إسرائيل إهتماما كبيراً هذه الأيام بموضوع الانتخابات النيابية في لبنان تتابعها من زاوية محددة هي quot;خطط حزب الله واحتمالات فوزهquot;، مع ما سيتركه ذلك من تغيير على صورة لبنان وتوجهاته السياسية، واحتمالات ربط هذه البلاد بالمحور الذي تعتبره متطرفاً في المنطقة. في هذا الإطار نشر الموقع الالكتروني لـquot;معهد القدس للشؤون العامةquot; مقالا عن الانتخابات النيابية في لبنان كتبه تسفي مزال، جاء فيه: quot;يعيش لبنان في هذه الايام فترة مصيرية ستحدد مستقبله كدولة حرة وديمقراطية. ففي 7 حزيران/ يونيو سيجرى انتخاب مجلس نيابي، والسؤال الذي يقلق اللبنانيين والدول العربية والغربية : هل يفوز حزب الله والأحزاب المؤيدة له بالغالبية ويشكل الحكومة المقبلة؟ وفي حال حدوث ذلك سيرتبط لبنان عضوياً بالمعسكر المتطرف بزعامة ايران، وسيعود الى الوصاية السورية.
الوضع الحالي في لبنان كئيب، فنجاح quot;حزب اللهquot; في ممارسة حق quot;الفيتوquot; على قرارات الحكومة بعد ضغوط سياسية وعسكرية، مثل سيطرة مقاتليه على غرب بيروت في ايار/ مايو الماضي فرض قيوداً على استقلالية لبنان. فالحكومة مشلولة ولا مجال لاحداث اصلاحات سياسية او اقتصادية .الحوار الوطني الذي يفترض ان يعالج مشكلة حزب الله توقف وكل الجهود اليوم تتجه نحو الانتخابات.
يخصص حزب الله كل جهوده وامواله استعداداً للانتخابات. فلقد ازدادت قوته في الجنوب حيث لا منافس لمرشحيه في هذه المنطقة. ويسعى الى دعم حليفه الحزب الشيعي حركة quot;أمل quot;وquot;التيار الوطني الحرquot; برئاسة الجنرال المسيحي ميشال عون. هذا هو سبب الهدوء الذي يسيطر على الحدود بين اسرائيل ولبنان وتراجع التصريحات النارية لنصرالله الذي لا يريد اخافة اللبنانيين، على أمل ان ينسوا الضرر الذي وقع بعد حرب اسرائيل على لبنان، فهو لا يقيم لقاءات انتخابية كبيرة ويكتفي مستشاروه بالاجتماعات المصغرة. لكن الواقع السياسي يضع لبنان وحزب الله امام اختبارات صعبة في فترة حرجة للغاية. فالكشف عن الخلية الارهابية لحزب الله في مصر أظهر للبنانيين ان حزب الله لا ينوي، اذا شكّل الحكومة الجديدة، تخصيص كل جهوده من اجل تحقيق الازدهار وتحسين الاقتصاد في بلاده، وانما سيخدم ايران. لقد زار الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لبنان من اجل اغلاق الملف، لكن ثمة شكاً في ان ينجح في مسعاه .فلقد اوضحت مصر ان المسألة تمس بأمنها، وباتت في ايدي القضاء quot;.
وجاء في دراسة نشرها الموقع الإلكتروني لـquot;معهد الأمن القومي للدراساتquot; كتبها أمير كوليك وتحدث فيها عن انعكاسات هذه الانتخابات على مستقبل لبنان السياسي، جاء فيها :quot;بقطع النظر عن التحالفات السياسية وعن السباق على احتمالات الترشح على هذه القائمة او تلك، ينبغي ان ننظر الى الانتخابات الحالية من منظور أوسع وباعتبارها جزءاً من نزاع تاريخي يدور على مستويين مترابطين. المستوى الأول يتعلق بتقاسم السلطة بين الطوائف المختلفة في لبنان.
فقد أقر اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان توزيعاً جديداً أكثر عدالة للقوى السياسية بين الموارنة والسنّة. وتجاهل هذا الاتفاق حقيقة تحول الطائفة الشيعية الطائفة الأكبر. فهي تمثل اليوم ٤٠ في المئة من السكان والبعض يقول أكثر. ورغم ذلك حُرم الشيعة من الوصول الى مراكز عالية ومؤثرة في السلطة. وما يضاعف هذه المشكلة ان الزيادة الديموغرافية للشيعة رافقت تصاعد القوة العسكرية لحزب الله وتحالفاته الخارجية مع الإيرانيين والسوريين.
من المعروف عن السياسة اللبنانية قدرتها على ايجاد صيغ للتسوية لكل ما يمس بتوزيع الحصص. وعندما فشلت في ذلك غرق هذا البلد في حرب أهلية دامية. من هذه الزاوية ستشكل الانتخابات المقبلة نقطة تحول ستحدد ما اذا كان لبنان سيسير في الأعوام المقبلة في درب التسوية واعادة توزيع الحصص في الدولة أم سيختار سبيل المواجهة بين الطوائف المختلفة.
على المستوى الثاني، يدور صراع خفي على توجهات لبنان السياسية، وفي صورة اشمل على هويته الإجتماعية والثقافية. فلقد نشأت دولة لبنان في العشرينات من القرن الماضي بفعل العلاقة الوطيدة بفرنسا والغرب. وطوال تاريخه عاش متنازعاً بين التوجه المؤيد للغرب الذي دعمه المسيحيون، والتوجه العربي المدعوم من المسلمين. وجرى التوصل الى صيغة مفادها أن لبنان بلد عربي مرتبط بالغرب، لكن هذه الصيغة تزعزعت في الثمانينات وبصورة خاصة في الأعوام الأخيرة ، فقيام حزب الله وتحوّله عنصراً مسيطراً في لبنان أوجد رؤية مضادة لمفهوم الدولة اللبنانية، هو دولة الشريعة الإسلامية الشيعية، وهذا الأمر يشكل أحد الهدفين الأساسيين للحزب، الى جانب هدف تدمير اسرائيل. ويبدو حتى الآن أن حزب الله ومؤيديه ليسوا مستعجلين احداث هذا التغيير بالقوة. فالتوجهات الديموغرافية لمصلحتهم، وما داموا يحتفظون بسلاحهم فكل شيء سيكون على ما يرام. وفي ظل كل هذا يمكن ان نفهم الدعوات المتكررة للناطقين باسم الحزب الداعية الى الغاء التوزيع الطائفي في لبنان. ومن المنتظر ان تشكل الانتخابات الحالية، في حال فوز حزب الله وحلفائه بالغالبية، خطوة اضافية على طريق تحقيق رؤيتهquot;.
التعليقات