جذب الناخب اللبناني إستند إليها هذه المرة ولو جزئيا
برامج إنتخابية تختلف سياسيا وتتفق إجتماعيا

عصام سحمراني من بيروت: وأخيرا يبدو أن المرشحين للإنتخابات النيابية في لبنان بكتلهم الكبيرة أو الصغيرة باتوا يعطون أهمية ما للبرامج. البرامج الإنتخابية بما هي برامج حزبية أو تحالفية، أصيلة أم طارئة، تشد الإنتباه قبل استكمالها عبر النواب الذين سيحملونها معهم إلى المجلس الجديد أو ستثقل خطاهم فيتركونها في ملابس المرشحين فحسب تلك التي يخلعونها دائما مع دخولهم البرلمان ويرتدون زيا أكثر برمجة بعيدا من برامجهم.

ترفع الأحزاب والقوى بمرشحيها الشعارات الإنتخابية فوق الطرقات فتتلوّن اللوحات الإعلانية بالبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والأحمر والأبيض. وتنتصب الكلمات فوقها واعدة بالـquot;مستقبلquot;، والـquot;أملquot; وquot;الجمهورية الثالثةquot;، وquot;ووطن واحد لجميع أبنائهquot;، والإستقلال الثانيquot;...

يبدو كل ذلك جميلا كشعارات فحسب، لكن الإقتراب من البرامج الإنتخابية يجعل الإصطفاف أكبر لدى كل فريق ركز على أفكار أخرى غير فكرة الوطن. فالوطن هو وطنه وحده يزرع فيه رؤاه ويلغي ما عداها.

المعارضة

تنطلق قوى المعارضة بشقيها الأبرز حزب الله والتيار الوطني الحر من مذكرة التفاهم بينهما والتي تمتد إلى باقي أطراف المعارضة تأثيرا لا سيما حركة أمل لتتوحد عندها النظرة إلى السياسات الإستراتيجية رغم التمايز بين الطرفين في شؤون عديدة. وقد أفرد التيار الوطني الحر برنامجا كاملا بشكل وثيقة من 50 صفحة في موقعه[1] بينما جاء برنامج حزب الله على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد خلال إجتماع لأعضاء الكتلة والمرشحين حضره الصحافيون في قاعة الجنان- طريق المطار في السادس من نيسان أبريل الماضي.

لوحة لحزب الله على الأوتوستراد الساحلي عند مشارف الجية

سياسيا

ففي الشأن السياسي تتفرع البرامج للحديث عن عدة أفكار أهمها السياسة الدفاعية حيث يحتضن التيار الوطني الحر quot;المقاومةquot; التي هي أساس برنامج حزب الله ويشدد على وجوب quot;تكوين قوتين، الأولى من الجيش النظامي والثانية من المقاومة، وتكونان قادرتين على تحميل العدو خسائر تفوق طاقتهquot;.

وفي تعزيز الدولة المدنية يتفق الطرفان على العمل على إلغاء الطائفية السياسية وتعزيز الصفة المدنية للدولة اللبنانية عبر الدستور وتطويرها. والإجماع على قانون إنتخابي نسبي مع تخفيض سن الإقتراع إلى ثمانية عشر عاما. ويتفقان كذلك على تطبيق اللامركزية الإدارية.

وفي الشأن القضائي يرى الطرفان وجوب إصلاح القضاء وتعزيز إستقلاليته، فيرى حزب الله أن من اللازم العمل على quot;انجاز وتطبيق القانون، الذي يُعنى بتنظيم القضاء، تحت سلطة هيئة قضائية عليا مستقلةquot;. ويدخل التيار الوطني الحر في المشكلة بشكل أعمق معلنا عن وجوب قيام quot;جهاز مراقبة بغية تنقية الجسم القضائي من الشوائب والأخطاء quot;.

إعلاميا

يتفق الطرفان على صون وحماية الإعلام وإطلاق حرية التعبير ضمن حدود الدستور والقوانين. والتأكيد على حرية العمل الإعلامي، والعمل على الوصول إلى أقصى درجات الحرية والتنوع دون إغفال العمل على quot;مكافحة الإنحرافات في وسائل الإعلام، والتركيز على التوجيه التربوي والإعلامي، والتشدُّد في الرقابة على المشاهد والصور التي تخدش الحياء العام وتسيء إلى الصورة الإنسانية للمرأةquot;. وإعادة النظر في بعض القوانين، وخصوصاً قانون المطبوعات.

وينفرد برنامج التيار الوطني الحر في الحديث عن تطوير قدرات الإتصال الإعلامي ووسائله بغية إنشاء quot;مدينة إعلامية في لبنان تستقطب أحدث وسائل الإعلام العربية والعالمية.

لوحة للتيار الوطني الحر تحتل جسرا على أوتوستراد المطار

إجتماعيا

على المستوى الإجتماعي تبرز عدة قضايا بعضها يتعلق بسوق العمل والآخر بالتنظيم النقابي والمجتمع المدني. ويظهر في هذا الشق المهم تباين في الرؤى والأولويات لدى قطبي المعارضة حيث يعلن حزب الله أهدافه عبر:

- العمل على التنمية بمختلف أبعادها، على قاعدة أن الإنسان هو المحور، وليس الطائفة أو المنطقة.[2]

- العمل على تعزيز دور المرأة وتطوير مشاركتها، في مجالات الأنشطة السياسية والثقافية والتربوية والإعلامية والإجتماعية.

- العناية بالأجيال الصاعدة والفئات الشابّة، وتنمية طاقاتهم ومواهبهم وتوجيهها نحو الغايات الوطنية والإنسانية السامية.

أما التيار الوطني الحر فيتحدث عن ضرورة:

- حماية اللبنانيين العاطلين عن العمل.

- إنعاش الحركة النقابية وتنظيمها.

- تحسين ظروف العمل في لبنان بما يجاري المعايير السائدة في الدول المتقدمة.

- إعادة وزارة الشؤون الإجتماعية للعمل تحت وصاية وزارة الشؤون الإجتماعية ما يعزز إدارتها لحالات الطوارئ.

ويتفق حزب الله والتيار الوطني الحر على دعم وتطوير الضمان الإجتماعي وتوسيع دائرة المستفيدين منه ليشمل ضمان الشيخوخة. وإنشاء نظام شامل للرعاية الصحية يتولى إدارته الضمان الإجتماعي، والعمل على تفعيل قطاع الإستشفاء العام، وتعميم مبدأ الرعاية والوقاية الصحية، ووضع حدّ لإحتكار سوق الدواء، وتوحيد صناديق الإستشفاء[3].

14 آذار

ما بين تيار المستقبل بالبرنامج الكامل الذي يقدمه إقتصاديا وإجتماعيا وبين حلفائه في 14 آذار القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية هنالك تباين واضح في التركيز على أمور بعينها لدى كل طرف.. واتفاق كذلك على جملة من الأمور تشكل أساس البرنامج الكامل لـ14 آذار لا سيما في السياسة كالسيادة والإستقلال والمحكمة الدولية وتصحيح العلاقات مع سوريا.

وقد جاء برنامجا المستقبل[4] والكتائب[5] بشكل وثيقتين كاملتين في موقعيهما على الإنترنتتحددان الأسس الكاملة لهما، بينما أطلق رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية برنامج حزبه الإنتخابي عبر مهرجان إنتخابي له قدم فيه المرشحين في البيال في الرابع من نيسان أبريل الماضي.

لوحة لتيار المستقبل في رأس النبع

سياسيا

تؤكد الأطراف الثلاثة على استقلال لبنان وتحقيق سيادته الكاملة عبر العمل على ترسيم الحدود مع اللبنانية مع سوريا والإلتزام بالقرارات الدولية لا سيما القرار 1701، والعمل على إستعادة مزارع شبعا عبر السبل المتاحة، وكذلك التأكيد على أن للدولة وحدها الحق في إتخاذ القرارات الوطنية التي تلزم كل اللبنانيين. والإبتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية والدولية.

وفي نقطة أخرى تؤكد الأطراف الثلاثة على ضرورة العمل لإيجاد حل لمشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات quot;تبعا لما نصت عليه مقررات الحوار الوطني 2006quot;. واعتبار المخيمات الفلسطينية quot;مناطق آهلة ووضعها تحت سيطرة الدولة وأجهزتها دون سواهاquot;. والعمل على منع توطين الفلسطينيين، وquot;دعم حق العودةquot;.

في العلاقات اللبنانية السورية تتحدث الأطراف الثلاثة عن quot;إعادة النظر بمعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، المادة السادسة التي انشأت المجلس الأعلى اللبناني- السوريquot;. وquot;تطبيع العلاقات مع سوريا على قاعدة الإعتراف بإستقلال لبنان واحترام سيادتهquot;. وتتحدث القوات اللبنانية والكتائب عن ضرورة إنهاء ملف quot;المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية.

لا يتطرق برنامج الكتائب اللبنانية إلى الجانب القضائي، بعكس المستقبل الذي يعلن عن التزامه بإستقلالية القضاء والفصل بينه وبين السلطة التنفيذية والتصدي لكل أشكال التدخل المباشر وغير المباشر في شؤون السلطة القضائية والهيئات التابعة لها. وتنحو القوات اللبنانية منحى آخر في التشديد على الإلتزام بالمحكمة الدولية وقراراتها وإقرار المعاهدات المطلوبة لحسن سيرها.

وفي نقطة أخيرة تؤكد كل الأطراف ضرورة تحقيق الإصلاح الإداري وتطبيق اللامركزية.

إعلاميا

يرى تيار المستقبل ضرورة إعادة النظر في دور المجلس الوطني للإعلام ليكون وسيلة لتطوير الإعلام وزيادة فاعليته وقدراته التنافسية. ولم يأت برنامجا القوات والكتائب على أي ذكر للإعلام.

لوحة للقوات اللبنانية في طريق الجديدة

إجتماعيا

تتفق برامج الأطراف الثلاثة على تكريس الرعاية الصحية لكافة اللبنانيين عبر مشروع صحي متكامل، وتعزيز دور الضمان الإجتماعي.

ويرى تيار المستقبل المخرج لمشكلة ذوي الدخل المحدود من خلال تشجيع إتفاق العمال وأرباب العمل على خطة ترتقي بالمستوى المعيشي لذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى وتعزز الإنتاج والإستثمار. وترى القوات اللبنانية أنّ حماية الدولة للمزارعين والعمال هي الأساس في مواجهة الهجرة. بينما تؤكد الكتائب تنظيم سوق العمل بهدف حماية حقوق العمّال. وإعتماد سياسة جديدة للأجور تأخذفي الإعتبار الكفاءات ومعايير المساواة الاجتماعيّة.

وتشدد كل الأطراف على أهمية دور المرأة في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية وتسعى إلى العمل على تعزيز مساهمتها في المسؤوليات العامة، والمشاركة السياسية والعمل على تحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وإلغاء النصوص التمييزية في القوانين المختلفة.

ويتميز برنامج الكتائب اللبنانية عن سواه في 14 آذار من الناحية الإجتماعية بتطرقه إلى مختلف الأمور. فيرى ضرورة إشراك المجتمع المدني في صنع القرار وذلك من خلال تفعيل المجلس الإقتصادي الإجتماعي، ومن خلال إطلاق الصفة الإستشارية لهيئات المجتمع المدني في مجلس النواب.

أما الميزة الأبرز والتي انفردت بها الكتائب اللبنانية عن الجميع فهي الحديث عن ذوي الحاجات الخاصة ولو من خارج إطار القانون 220\2000. حيث شدد برنامجها على تسهيل إنخراط الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة في الحياة الإجتماعية والعملية عبر:

- توفير الظروف المؤاتية لتقدمهم إلى الوظائف العامة والخاصة وإيجاد الحوافز الضريبية والنقدية لأصحاب المؤسسات الخاصة في مقابل إستخدام ذوي الحاجات الخاصة.

- تخصيص 10% من الوظائف العامة لذوي الحاجات الخاصة.

- وضع بند يتعلق بالمعوقين في كل تشريع كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

- إقرار قانون يحمي ذوي الحاجات الخاصة في لبنان من الغبن واللامساواة لجهة إفتقاد البنى التحتية التي تمكنهم من التنقل في المرافق العامة والمؤسسات الرسمية والخاصة.

بين المعارضة و14 آذار

تظهر من خلال العرض الموجز للبرامج الإنتخابية للفرق الأبرز في المعارضة و14 آذار إختلافات أساسية بخصوص المسألة الدفاعية وسلاح المقاومة والعلاقات مع سوريا، في مقابل اتفاقات عديدة وخاصة في الشؤون القضائية حيث تريد quot;الجبهتانquot; قضاء مستقلا لا تتداخل فيه السلطات. وفي الشؤون الإدارية حيث تحدث الجميع عن اللامركزية والعمل على وقف الهدر ومكافحة الفساد. وفي الشؤون الإجتماعية حيث تطرح البرامج طلب حماية المواطنين الأكثر فقرا وتأمين الرعاية الصحية لهم والعمل على إنمائهم وإنماء مناطقهم.

إتفاقات يأمل كثير من اللبنانيين أن تسود ما عداها في المجلس النيابي الجديد.

تصوير: عصام سحمراني- خاص إيلاف


[1]أعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون برنامج التيار الوطني الحر خلال احتفال أقيم في فندق quot;حبتورquot; في سن الفيل في السابع من أيار مايو.

[2]خطاب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم- الأحد 3 أيار مايو في بعلبك.

[3]يتحدث برنامج التيار الوطني الحر عن التوصيات الصادرة عن المنتدى اللبناني الذي نظمته المفوضية الأوروبية في نيسان أبريل 2008.

[4]أطلق البرنامج الإقتصادي والإجتماعي والوثيقة السياسية للمستقبل في البيال في الخامس من نيسان أبريل.

[5]أطلق برنامج الكتائب في الثاني من أيار مايو في إحتفال في ملعب غزير.