كريم بقرادوني
التسوية الممكنة والتوطين المرفوض
الكوتا النسائية عمل إصلاحي بامتياز
المال يفسد الإنتخابات والتسويات
هل يبدأ دور ميشال سليمان بعد الإنتخابات؟
الانتخابات النيابية في لبنان: توقعات قد تصحّ

بقلم كريم بقرادوني: من المتعارف عليه تاريخياً ان كل مقاومة نجحت في دحر العدو المحتل خارج ارضها تسلمت السلطة، باستثناء quot;حزب اللهquot; الذي أجبر اسرائيل على الانسحاب من معظم الاراضي اللبنانية في 25 أيار من العام 2000 لكنه لم يتسلم الحكم، لمعرفته المسبقة بالتركيبة اللبنانية الاستثنائية، وهو ما زال يخوض غمار المعارضة.

وتزامنت الذكرى التاسعة لعيد المقاومة والتحرير هذا العام مع اكتشاف عدد كبير من شبكات التجسس ناهز الأربعين شخصاً. المقاومة حررت الارض من المحتل، والاجهزة الامنية والعسكرية تحرر المجتمع من الجواسيس، بانتظار ان تحرر الانتخابات النيابية السلطة من المأزق الذي تعيش فيه.

ويقتضي الإنصاف ان نؤكد انه ما كان بامكان الاجهزة القاء القبض على الجواسيس لو لم تنجح المقاومة بتحرير الارض، وما كان بامكان المقاومة استكمال التحرير لو لم تقدر الدولة على الامساك بالجواسيس. ان عملية التحرير لا تقف عند يوم معين، بل هي مسيرة طويلة لا تنتهي الا عندما يتم تحرير كامل الارض، واستعادة كامل الحقوق، بما فيها حق لبنان بمياهه وحق الفلسطينيين بالعودة.

وفي اعتقادي ان مسيرة التحرير تمر بمراحل ثلاث: تحرير الارض وتحرير المجتمع وتحرير السلطة، وقد انجزت المقاومة مهمة تحرير معظم الارض، ولكن لا شيء يدل ان اسرائيل على استعداد للانسحاب مما تبقى من الاراضي المحتلة في الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا من تلقاء ذاتها او بالطرق الديبلوماسية ، مما يوجب الحفاظ على المقاومة الى حين تحرير كل الارض.

اما تحرير المجتمع فبدأ مع فرار المتعاملين خارج لبنان اثر التحرير، ونجاح الاجهزة الامنية والعسكرية في القبض على ما تبقى منهم عبر تفكيك شبكاتهم، بعد ان استحصلت على معدات اميركية متطورة للتنصت والرصد أحسنت استخدامها، فكشفت الخلايا الاسرائيلية على نحو غير مسبوق، وقد اشار مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي الى ما اسماه quot;السر التقنيquot;.
ومع تحرير الارض، وتحرير المجتمع من الجواسيس، تجيء الانتخابات النيابية لتظهر الى اي مدى يقدر اللبنانيون على الخروج من المأزق والتحرر من لعبة المال ولعبة التدخل الخارجي.

والواقع ان المال الانتخابي هو اكبر عملية تزوير لارادة الناخبين، اما التدخل الخارجي فلا يقل خطورة عنه، وقد حملت زيارة نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدين مؤخراً مشهداً سافراً للتدخل الاميركي العلني في الانتخابات اللبنانية حين ارتكب المسؤول الاميركي خطأ الاجتماع ببعض قيادات 14 آذار، وكان من المفترض به ان يحصر لقاءاته بالرسميين اللبنانيين.

من البديهي ان لا نستثني اي جهة عندما نعلن الوقوف ضد اي تدخل خارجي، في الشؤون اللبنانيين بما فيه سوريا وايران وفرنسا والولايات المتحدة. ويحق لنا أن نسأل: ماذا يفيد لبنان لو اصبحت واشنطن مع فريق لبناني في مواجهة فريق آخر؟ وهل ينفع لبنان ان تتحول الولايات المتحدة الى جزء من المشكلة؟ وماذا تفعل واشنطن لو كسب تحالف 8 آذار المعركة الانتخابية؟ وهل من مصلحة ادارة باراك اوباما ان تظهر بأنها نسخة طبق الاصل عن ادارة جورج بوش الفاشلة؟ وهل يجوز لمسؤول اميركي ان يتكلم علناً عن quot;الكتلة المسيحية المترددةquot;، وان يحثها على التصويت لصالح 14 آذار لأن quot;فوز المعارضة سيؤدي الى حرمان لبنان من العطف والمساعدات الاقتصادية والعسكرية quot; ؟!

وأخطر ما في كلام بايدن انه يربط المساعدات الاميركية بشروط سياسية، فتصير كل مساعدة اميركية مشبوهة في المستقبل ، مما يفتح شهية العديد من الدول لتحذو حذو واشنطن فتعرض على لبنان المساعدة مقابل تدخلها في شؤونه الداخلية!

ليس هكذا تتم مساعدة الاصدقاء، وغلطة بايدن مكلفة للبنان، وقد تكون مكلفة للولايات المتحدة، والله أعلم!

* الوزير السابق والرئيس السابق لحزب الكتائب.