بيروت، وكالات: بعد مرور يومين على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما للعالم الإسلامي بالقاهرة، عبر محللون عن خشيتهم من إحتمال فوز ما يعرف بإسم قوى الثامن من آذار المدعومة من حزب الله في الانتخابات البرلمانية اللبنانية المزمع عقدها الأحد المقبل، وذلك في مواجهة قوى 14 آذار، المدعومة من القوى الغربية. ورغم أن أوباما لم يشر صراحة إلى الانتخابات اللبنانية في خطابه الذي ألقاه بالقاهرة الخميس الماضي، إلا أنه نادى بالتسامح في العالم الإسلامي، مشيرا إلى quot;الصدامات بين السنة والشيعةquot;، والصراعات التي تواجهها الأقليات، حيث أكد على ضرورة quot;الحفاظ على التنوع الديني، سواء كان ذلك بالنسبة للموارنة بلبنان أو الأقباط بمصر.quot;

وتكمن المشكلة في الحالة اللبنانية، برأي المحللين، في أن فوز قوى الثامن من آذار بأغلبية مقاعد البرلمان اللبناني، من شأنها أن تثير بعض الإشكاليات مع لبنان، خصوصا وأن الولايات المتحدة تعتبر حزب الله منظمة إرهابية. ويخشى المحللون أن يفوز تحالف قوى الثامن من آذار، بدعم من الزعيم المسيحي الوحيد البارز في هذا التحالف، الجنرال ميشيل عون، زعيم كتلة التغيير والإصلاح بالبرلمان اللبناني.

ففي خطاب له الجمعة مع مناصريه، قال عون إن هناك جهات quot;تحاول إخافة الناخبين المسيحيين عبر أحاديثهم عن سلاح حزب الله، ولكنني أسأل هؤلاء الذين ينعون على سلاح الحزب، عن الطريقة التي سيزيلون بها هذا السلاح.quot; وأضاف عون، أن سلاح حزب الله لن يشكل مشكلة بعد زوال الأسباب التي دعت إلى حمله، بما في ذلك الإشكالات على الحدود مع إسرائيل.

ومن جهة أخرى، يعتقد مراقبون أن الناخبين المسيحيين اللبنانيين، منقسمون بشدة حول الجهة التي سيصوتون لها، حيث يرى بعضهم ضرورة أن يخرج زعمائهم من ظل رئيس قوى 14، النائب سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل ذو الغالبية السنية، ومن الالتحاق بحزب الله على حد سواء. وبحسب رأى شبلي تلحمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميريلاند الأميركية، فأن مسيحيي لبنان quot;منقسمون الآن بأكبر صورة ممكنة، على عكس الآخرين الذين يبدون موحدين بدرجة كبيرة.quot;

يذكر أن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، كان قد أعلن يوم 22 مايو/أيار الماضي أن بلاده تدعم العملية الديمقراطية في لبنان، لكنه أشار إلى أنها قد تعيد النظر في المساعدات المقدمة لها، في حال quot;ضلتquot; الحكومة المقبلة عن quot;مبادئ أساسيةquot; محددة. وقال بايدن في مؤتمر صحفي جمعه مع الرئيس اللبناني، ميشال سليمان: لم آت هنا لدعم حزب سياسي بعينه أو شخص محدد في الانتخابات، إن شكل الحكومة اللبنانية ومكوناتها يحدده الشعب اللبناني.quot; غير أنه أضاف، أن الولايات المتحدة الأميركية quot;ستقيم شكل برنامج مساعداتنا بناء على تركيبة الحكومة الجديدة وسياساتها،quot; في إشارة إلى أن هذه المساعدات قد تتغير في حال فوز حزب الله والمعارضة بالانتخابات.

انتخابات حاسمة جدا

وكمؤشر على الطبيعة الحاسمة لهذه الانتخابات، عمد الطرفان المتصارعان الى جلب الآلاف من لبنانيي المهجر الى البلاد بطائرات مدفوعة الاجر ليدلوا باصواتهم، وكانت النتيجة ازدحاما قلما شهد له مطار بيروت نظيرا. وقد نشرت السلطات اللبنانية عددا يناهز الخمسين الفا من رجال الامن والشرطة في طول البلاد وعرضها للحيلولة دون اندلاع اعمال العنف اثناء التصويت.

ولم تشب الحملات الانتخابية اية قلاقل، كما لا تتوقع السلطات ان تعكر اعمال العنف سير العملية الانتخابية. الا ان حدة التوتر قد ارتفعت بشكل ملحوظ في بعض المناطق - وكلها من المناطق المسيحية تقريبا - التي ستشهد تنافسا حاميا بين المعسكرين. فهذه المناطق هي التي ستحدد نتيجة الانتخابات، نظرا الى انقسام الصوت المسيحي بالتساوي تقريبا بين المعسكرين، وسيلعب الناخبون المتذبذبون الدور الحاسم في تحديد النتيجة النهائية.

اما في المناطق الاخرى، فيمكن تحديد النتائج سلفا بشكل شبه دقيق. اما التوقع العام فيقول إن نسبة الربح في هذه الانتخابات ستكون ضئيلة جدا ايا كانت الجهة الفائزة، وهناك احتمال قوي بألا يفوز اي من الطرفين باغلبية بسيطة في مجلس النواب الجديد مما يعني ان ميزان القوى سيكون في ايدي حفنة من النواب المستقلين.

ولا يشارك حزب الله الا باحد عشر مرشحا، الا انه يشكل مكونا مهما من الائتلاف المعارض الذي يضم ايضا التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الزعيم المسيحي ميشيل عون وحركة أمل الشيعية. لذا فإن المخاوف الغربية من احتمال سيطرة حزب الله على لبنان لا اساس لها من الصحة.

مجلس 2009 يعد ال18 في تاريخ لبنان

يعد مجلس النواب اللبناني 2009 المقبل ال128 في الانتخابات النيابية، كما يعتبر المجلس الخامس بعد (اتفاق الطائف) الذي وقعته الاطراف اللبنانية في المملكة العربية السعودية عام 1989 ووضع حدا للحرب الاهلية اللبنانية التي امتدت من عام 1975 الى 1990 ويعد المجلس الاول بعد (اتفاق الدوحة) الموقع بين الزعماء اللبنانيين في ال21 من مايو 2008 الذي ساهم بحل ازمة سياسية عصفت بالبلاد على مدى عام ونصف العام.

وتنقسم مراحل المجلس النيابي اللبناني الى اربع مراحل الاولى كانت خلال فترة الانتداب الفرنسي منذ عام 1920 وحتى الاستقلال في عام 1943 والثانية منذ الاستقلال وحتى الحرب الاهلية فيما شكلت فترة الحرب المرحلة الثالثة اما الرابعة فكانت ما بعد الحرب اي بعد توقيع اتفاق الطائف. وبدأ مجلس النواب بتسمية مختلفة عام 1920 تحت اسم اللجنة الادارية وكان عدد مقاعده 17 ودامت ولايته حتى عام 1922 ومن ثم تعدلت تسميته حيث اصبح المجلس التمثيلي الاول في عام 1925 وكان عدد مقاعده 30 مقعدا.
واصبح يطلق عليه اسم مجلس الشيوخ عام 1926 وذلك لمدة عام وكان عدد المقاعد 16 مقعدا الى ان تغير مسماه الى مجلس النواب حيث كان يبلغ عدد مقاعد المجلس الاول 46 في عام 1928 اثر صدور الدستور اللبناني. وكانت جميع مجالس النواب وصولا الى مجلس النواب الرابع (1937 - 1939) - الذي كان عدد مقاعده 62 - مختلطة اي ان عددا من النواب كان منتخبا والاخر معين.

من جانب اخر وفي مجلس النواب الخامس (1943 - 1947) وهو اول مجلس بعد الاستقلال اصبح عدد المقاعد 55 على قاعدة اضعاف العدد 11 وهو الرقم الاساسي الذي يعطي ستة مقاعد للمسيحيين وخمسة مقاعد للمسلمين وبدءا منه فصاعدا اصبحت جميع المجالس اللاحقة منتخبة بكاملها ولم يعد هناك من نواب معينين.
واصبح عدد مقاعد مجلس النواب السابع 77 مقعدا في عام 1951 وخفض المجلس الثامن 1953 عدد المقاعد الى 44 مقعدا على ان يرتفع في المجلس التاسع 1957 الى 66 مقعدا الى ان تصل عدد المقاعد النيابية في المجلس العاشر 1960 الى 99 مقعدا.

واستمر عدد المقاعد 99 حتى المجلس ال13 وهو اخر مجلس نواب قبل اتفاق الطائف الذي استمر من العام 1972 الى 1991 اي 19 عاما وهو رقم قياسي. وفي مايو 1991 وانقاذا لاتفاق الطائف تم تعيين 55 نائبا اضافة للنواب السابقين على قيد الحياة حيث اصبح عدد اعضاء مجلس النواب 108 موزعين مناصفة بين المسيحيين والمسلمين انما هذا التعيين لم يلق استحسانا عند الكثير من اللبنانيين وبقيت الصحافة تميز بين النائب المنتخب والنائب المعين.

ومنذ مجلس النواب ال14 (1992 - 1996) اصبح عدد المقاعد 128 مناصفة بين المسيحيين والمسلمين. وامتدت ولاية مجلس النواب ال15 من 1996 الى 2000 فيما استمرت ولاية المجلس ال16 حتى 2005 بموجب تعديل دستوري استثنائي ولمرة واحدة فيما يتعلق بولاية مجلس النواب. وكان اخر ثلاثة رؤساء لمجلس النواب هم كامل الاسعد من عام 1970 وحتى 1984 وحسين الحسيني من عام 1984 وحتى 1992 ونبيه بري من عام 1992 الى الان.

يذكر ان مبنى مجلس النواب الحالي يقع في ساحة (النجمة) وسط العاصمة واشرف على تنفيذه منذ عام 1933 المهندس المعماري الارمني من اصل تركي مارديروس التونيان حيث بدأت الاجتماعات في المبنى اعتبارا من عام 1934 بعد ان كانت تعقد في السراي الصغير في (ساحة البرج).