بيروت: أعلن سعد الحريري، رئيس قوى الأكثرية النيابية في لبنان، أنه سيدعم اختيار رئيس مجلس النواب، نبيه بري، لولاية جديدة في جلسة الانتخاب المقررة الخميس، واضعاً قراره في سياق الحفاظ على quot;الاستقرار ومصلحة السلم الأهليquot;، الأمر الذي يحسم هوية رئيس البرلمان المقبل.
وجاء قرار الحريري لينهي الجدل حول الخيار الذي سيتخذه الزعيم السني حيال منصب رئاسة مجلس النواب الذي يعود للشيعة، خاصة وأن تأخير إعلان القرار فتح الباب أمام تحليلات ذهب بعضها إلى طلب quot;ضماناتquot; من بري، الذي شاركت عناصر تابعة له في اقتحام أحياء سنية من بيروت في مواجهات مايو/ أيار 2008، فيما لوح بعضها الآخر باستبداله، بحسب مراقبين.
وقال الحريري، في مؤتمر صحفي مقتضب عقده بعد اجتماع مطول مع بري، في مقر الأخير ببيروت الأربعاء: quot;بناء على الانفتاح ونية العمل الجديد في المؤسسات، وتقبل الجميع لضرورة وجود طريقة جديدة للعمل في المستقبل، نرى أن قرارنا سيكون انتخاب الرئيس بري، الأمر الذي يثبت السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وهذا القرار من مصلحة السلم الأهلي والاستقرار.quot;
واعتبر الحريري أن quot;هناك أجواء جديدة في لبنان،quot; نافياً أن يكون قد طلب ضمانات من بري تطال كيفية ممارسته لصلاحياته.
وتابع قائلاً: quot;هناك محاولة إسرائيلية للإلتفات على المبادرة العربية للسلام، وهناك والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والوضع الاقتصادي العالمي، ولذلك إذا اختلفنا في أمور ليست لصالح البلد لن نكون في موقع المسؤولية الحقيقية.quot;
وتجنب الحريري الرد على سؤال حول ترشيحه لرئاسة الحكومة اللبنانية المقبلة، معتبراً أن الحديث الآن يتركز حول انتخابات رئاسة مجلس النواب، أما بالنسبة للحكومة: quot;فكل شيء حلو في وقته.quot;
ونفى الحريري وجود خلافات بين قوى الأكثرية على خلفية قراره بدعم ترشيح بري، معتبراً أن تلك القوى quot;تتفق على أمور وتختلف على أخرى،quot; وذلك في إشارة منه إلى التحفظات العلنية التي عبرت عنها القوى المسيحية في تحالف الأكثرية حيال إعادة انتخاب بري.
وكانت أوساط ترجح أن يتأخر الحريري في إعلان دعمه لبري بسبب صعوبة تقبل الخطوة في الأوساط السنيّة المتضررة من مشاركة عناصر تابعة لـquot;حركة أملquot; بقيادة بري في أحداث مايو/ أيار 2008، التي ارتدت طابع المواجهة المذهبية بين السنة والشيعة.
في حين كانت قوى مسيحية في الأكثرية، وخاصة القوات اللبنانية وحزب الكتائب، قد أعلنت معارضتها لانتخاب بري، ثم عادت لتطرح موافقة مشروطة يتعهد خلالها (بري) بعدم إغلاق مجلس النواب في حال الاختلاف مع الحكومة، كما فعل في السنوات الماضية.
وبالتزامن مع إعلان الحريري، كان الركن المسيحي في المعارضة، العماد ميشال عون، قائد التيار الوطني الحر، يؤكد عزمه التصويت لبري في الانتخابات المقررة الخميس، وذلك بعدما كان البعض يرجح أن يتخذ (عون) موقفاً معارضاً أو متحفظاً حياله، بعد خلافه معه في الكثير من الملفات، وحتى خلال فترة الانتخابات.
وكانت قوى المعارضة التي يقودها حزب الله قد أعلنت عزمها تأييد ترشيح بري، الذي يمتلك بدوره كتلة نيابية، ما قد يضمن له - بعد دعم الحريري له - الفوز بالمنصب بقرابة مائة صوت من أصل 128.
وقد سبق للزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، أن أعلن منذ اليوم الأولى بعد الانتخابات النيابية التي أسفرت مطلع الشهر الجاري عن هزيمة المعارضة ومحافظة قوى الأكثرية على الأغلبية في البرلمان، عن دعمه اختيار بري لرئاسة المجلس.
وأدى هذا الموقف منه، إلى جانب مواقف أخرى لاحقة، إلى تمهيد الطريق أمام اللقاء الذي عقده مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، وكان الأول بينهما منذ ثلاث سنوات.
وتتوقع أوساط سياسية ونيابية لبنانية أن تشهد الفترة المقبلة خلط أوراق على المستوى السياسي المحلي، مع ترجيح تشكيل تكتلات تكون أقرب إلى الوسطية، وتحافظ على مسافة معينة من قوى الأكثرية والمعارضة على حد سواء. ويرى البعض أن بري قد يكون أحد أقطاب هذه التكتلات، إلى جانب جنبلاط، وشخصيات أخرى.
يذكر أن بري كان أحد أركان اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989، وهو يحتل منصب رئيس مجلس النواب منذ عام 1992 بصورة متواصلة، وقد كان للتيار المقرب منه نفوذ واسع في الأوساط الشيعية، غير أن رقعة انتشاره تعرضت للقضم، مع تعاظم دور حزب الله مؤخراً.
التعليقات