وأضافت: "لقد أصبح لونها قرمزيا، وتوقفت عن التنفس وفقدت الوعي. وحينها تذكرت كيف أعمل تدليكا للقلب، وبهذا عادت مرة أخرى للحياة".

والطفلة نيفيا هي واحدة من بين 1581 رضيعا برازيلي مصاب بصغر حجم الرأس، الذي يسببه فيروس زيكا. ومثل كثيرين من بين هؤلاء الرضع، تعاني نيفيا من مشاكل تنفسية مرتبطة بتشوهات في المخ.

وفي بعض الحالات أدت هذه المشاكل إلى الوفاة. وفي ظل غياب سجلات رسمية عن عدد الأطفال الرضع، الذين عانوا من وعكات صحية أو توفوا خلال الأسابيع القليلة الماضية، فإن منظمات لدعم الأمهات تحاول أن تسجل هذه الحالات.

تغذية خطرة

وقالت إحدى منظمات دعم الأمهات، التي تجري اتصالاتها عبر تطبيق واتساب للرسائل عبر الهاتف، إن خمسة أو ستة أطفال نقلوا إلى المستشفيات في غضون شهر.

بينما قالت منظمة أخرى إن عشرة رضع نقلوا إلى المستشفيات، منذ مايو الماضي. وكان جميع هؤلاء يعانون من شكاوى متشابهة، مثل صعوبة التنفس ونزلات البرد المستمرة، والالتهاب الرئوي وفقدان الوعي بعد الرضاعة.

وبعد نحو أسبوع قضته مع رضيعها في المستشفى، كان التفسير الذي قدمه الأطباء لما حدث مع نيفيا قد انطبع في ذاكرة أمها. وتقول الأم: "هؤلاء الرضع يعانون من صعوبة في البلع، وحينما يرضعون فإنهم يأخذون اللبن إلى الرئتين". وتوقع الأطباء المختصون الذين يتابعون حالة هؤلاء الرضع حدوث ذلك.

تعاني الرضيعة نيفيا البالغة من العمر ستة أشهر من مشاكل تنفسية ونوبات.

وتقول طبية الأمراض العصبية "فانيسا فان دير ليندن: "حينما نولد فإن الرضاعة والتنفس والبلع يحدثون بالتناوب، حيث يقوم المخ بتنظيم هذا الأمر، ولذلك فنحن لا نبلع ونتنفس في ذات الوقت، وهو ما يسمى بردود الفعل المنعكسة. لكن ذلك لا يحدث في معظم الحالات الحادة من صغر حجم الرأس".

وتضيف: "ربما يستطيعون الرضاعة بشكل طبيعي عند ولادتهم، لكن عندما يكبرون فإنهم يفقدون قدرتهم على تنظيم ردود الفعل المنعكسة، ويعاني المخ من عجز في تنظيم هذه الوظائف بالشكل المناسب".

وتقول دراسات أولية إن نحو 70 في المئة من حالات صغر حجم الرأس المرتبطة بفيروس زيكا في البرازيل حادة الدرجة. وتقول الطبيبة فان دير ليندن إن السنة الأولى من عمر هؤلاء الأطفال هي الأصعب، لأن الوالدين والأطباء يكونون حينها لا يزالون في مرحلة اكتشاف مدى القصور، الذي يعاني منه الأطفال.

وخلال هذه الفترة تكون مشاكل الجهاز التنفسي هي أكبر خطر يهدد حياتهم.

نوبات قاتلة

كلاوديليني بيريرا تبلغ من العمر 31 عاما من ولاية باريبا، وهي ثاني الولايات البرازيلية من حيث عدد الرضع المصابين بصغر حجم الرأس. واضطرت بيريرا إلى نقل رضيعها ماثيوس إلى المستشفى، بعد أزمة تنفسية أصيب بها الشهر الماضي.

وبعيدا عن صغر حجم الرأس، يعاني رضيعها من الشلل الدماغي والصرع.

وتقول: "في الشهور الأولى كان يصرخ على مدار الأربع والعشرين ساعة ولم نفهم ذلك. وأصبح لونه أحمر ودرجة حرارة رأسه مرتفعة للغاية. لقد سجلت فيديو لهذا على هاتفي، وحينما عرضته على طبيبة الأمراض العصبية أخبرتني بأن هذه نوبات". وتزيد صعوبة الحصول على الأدوية، التي يحتاجها هؤلاء الأطفال، من المحنة التي تعيشها عائلاتهم.

وعلى الرغم من أن الحكومة تقوم بتوفير هذه الأدوية إلا أنها لا تكون متاحة دائما. وتقول بيريرا: "خلال بعض الشهور لم يكن قادرا على تناول الأدوية وتفاقمت معاناته".

وفي مايو الماضي نقل ماثيوس إلى المستشفى. لقد عاني من مشكلات حادة في التنفس، لكنه لم يدخل إلى وحدة العناية المركزة إلا بعد ذلك بثلاثة أيام، وذلك بعد مناشدة أطلقتها أمه عبر التلفزيون.

وتتكرر هذه القصة في العديد من الولايات، وفي ظل نقص الأماكن في وحدات العناية المركزة تتحول الأمهات إلى وسائل الإعلام، لكي تضغط على السلطات الصحية من أجل إدخال أطفالهن إلى تلك الوحدات.

وتوفي ماثيوس بالسكتة القلبية التشنجية، خلال أول ليلة له في وحدة العناية المركزة، وذلك قبل أن يتم عامه الأول بثلاثة أيام.

العائلة الكبيرة

تعتمد دا سيلفا على جيرانها لمساعدتها في العناية برضيعتها.

وفي معركتهن من أجل إنقاذ حياة أطفالهن في عامهم الأول، تواجه الأمهات ليست فقط تداعيات العيوب الخلقية الناتجة عن فيروس زيكا، ولكن أيضا نقص المعلومات، ونظام الصحة العامة الذي يعاني من مشاكل في حد ذاته. وتعد العائلة والأصدقاء هم أقرب الأشخاص الذين يحتشدون لمساعدة الأمهات.

سيلفا غادرها زوجها بعد ولادة طفلتهما نيفيا مصابة بصغر حجم الرأس، لكن جيرانه حلوا محله في الاهتمام بالرضيعة. وتقول سيلفا: "لقد ساعدوني كثيرا. إحداهم تأتي من عملها في المساء في نفس التوقيت الذي أعود فيه. إنها تذهب مباشرة إلى منزلي وتبقى مع الرضيعة، بينما أطبخ أنا طعام العشاء وأقضي وقتا مع الأولاد".

وتضيف: "بعد ذلك تبادلنا الأدوار، وأصبحنا نتناول العشاء معا في منزلي. هذه هي الطريقة الوحيدة التي ساعدتني على التعامل مع الأزمة". وبقيت حياة السيدة بيريرا صعبة حتى بعد وفاة رضيعها ماثيوس.

وتقول: "لا يزال علي الكثير من الديون الناتجة عن احتياجات مرض ماثيوس، لكني أعلم أنني بذلت كل ما في وسعي من أجله". والآن تكرس بيريرا جزءا من وقتها، من أجل تقديم المساعدة والمعلومات للأمهات الأخريات.

وتقول: "حقيقة أني فقدت ماثيوس لا تعني أن المشكلة لم تعد تعنيني. إطفالهم هم أطفالي أنا ايضا". وتضيف: "الكثير من الأمهات لا يتلقين أي دعم. لقد كنت محظوظة لأني وجدت من يدعمني لكن ليس كلهن كذلك".